أثار الانهيار السريع للحكومة الأفغانية تساؤلات بشأن ما حدث لأكثر من تريليون دولار أنفقتها الولايات المتحدة، في محاولة لبناء حكومة مستقرة في أفغانستان، التي مزقتها عقود من الحرب.

وأفادت وكالة "بلومبرغ" الأميركية بأنه جرى إنفاق الأموال الأميركية في أفغانستان بشكل خاطئ، خصوصاً وأنه كان أمام الولايات المتحدة 20 عاماً لتغيير مسارها.

واستعرضت الوكالة 10 مشاريع، حددتها هيئة التفتيش العامة لإعادة إعمار أفغانستان، وهي هيئة رقابية مسؤولة عن مراقبة المشاريع الأميركية في أفغانستان، باعتبارها مجهودات مهدرة.



1- طائرات بقيمة 549 مليون دولار بيعت "خردة"

تضمنت الجهود الأميركية المبذولة لبناء سلاح جوي أفغاني، إنفاق ما لا يقل عن 549 مليون دولار على 20 طائرة إيطالية الصنع، من طراز "جي 222" مزدوجة التوربين، لكن 16 من هذه الطائرات تركت عالقة وسط أعشاب مطار كابول الدولي، بعدما تسببت مشكلات الصيانة المستمرة، في جعلها غير قابلة للطيران.

ووفقاً لوكالة "بلومبرغ"، تم بيع هذه الطائرات في النهاية كخردة، مقابل 6 سنتات للرطل الواحد، أي مقابل 32 ألف دولار لأسطول ثمنه 549 مليون دولار.

وأبلغت وزارة العدل في مايو 2020 هيئة التفتيش العامة لإعادة إعمار أفغانستان، بأنها "لن ترفع دعوى خاصة بالقضايا الجنائية والمدنية المتعلقة ببرنامج الطائرات (جي 222) الفاشل، ونتيجة لذلك لن يُحاسَب أي شخص".

2- طريق متعثر

أنفقت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية 176 مليون دولارـ لبناء طريق بطول 101 كيلومتر بين مدينة غارديز وإقليم خوست شرقي البلاد، لكن بعد أقل من شهر فقط على إنهاء المشروع، وجد مفتشو إعادة إعمار أفغانستان أن 5 قطاعات قد دُمرت، كما جرى تجريف جزأين آخرين، وفقاً لمراجعة شهر أكتوبر 2016.

3- فشل نقل الكهرباء

وجد مفتشو هيئة إعادة الإعمار أيضاً أن سلاح المهندسين في الجيش الأميركي أساء إدارة عقد بقيمة 116 مليون دولار مع شركة أفغانية لبناء محطة كهرباء، لإيصال الطاقة إلى أكثر من مليون أفغاني.

وأدى سوء الإدارة هذا إلى إنفاق الولايات المتحدة ما يقرب من 60 مليون دولار على مشروع لم يكن قيد التشغيل "لأن قضايا حيازة الأراضي وحق الطريق لم تُحَلّ، ولم يكن في العقد بند لربط نظام النقل بطريقة دائمة بمصدر الكهرباء"، حسب ما ذكرته هيئة التفتيش في شهر مارس 2018.

كما وجد المفتشون أن النظام قد يكون أيضاً "غير سليم من الناحية الهيكلية ويشكل خطراً" على الأفغان الذين يعيشون بالقرب من أبراج وخطوط النقل، أو يعملون في محطة فرعية قريبة.

3- ملابس مموّهة

أنفقت الولايات المتحدة ما يصل إلى 28 مليون دولار، لشراء زي رسمي عسكري للجيش الأفغاني، بأنماط مموهة لا تتناسب مع البيئة، لكنّ مسؤولي البنتاجون قالوا إنه جرى اختيار التصميم، لأن وزير الدفاع الأفغاني في ذلك الوقت اعتقد أنه يبدو جيداً، فقد "أحب أنماط الغابات"، وذلك بحسب ما ذكره تقييم للبنتاجون أجري في يونيو 2017.

ووفقاً لـ"بلومبرغ"، فقد دعا وزير الدفاع الأميركي حينها جيمس ماتيس، جميع مؤسسات وزارة الدفاع إلى استخدام هذا الخطأ "لتسليط الضوء على ممارسات التبذير".

4- مبانٍ ذائبة

أنفقت الولايات المتحدة 500 ألف دولار مع مقاول أفغاني في مايو 2012، لبناء ساحة للتدريب في مركز الشرطة الخاصة الأفغانية في مقاطعة "لوغار"، تم تصميمها لمحاكاة قرية أفغانية نموذجية، واستخدامها لإجراء محاكاة لعمليات البحث والتطهير.

لكنَّ المفتشين وجدوا أن المياه بدأت في اختراق الجدران في غضون 4 أشهر، من ملكية الولايات المتحدة للساحة، حيث كان الطوب المستخدم في البناء يحتوي كثيراً من الرمل وقليلاً من الطين، ما عجل بتآكله، لتصفَ عمليةُ تدقيق جرت في شهر يناير من عام 2015، الهياكل باسم "مبانٍ ذائبة".

5- الحرب على المخدرات

لطالما كانت أفغانستان أكبر منتج لخشخاش الأفيون في العالم، وإلى جانب الخسائر البشرية، كان يُنظر إلى تجارة المخدرات الأفغانية على أنها تقوّض أهداف إعادة الإعمار والأمن، من خلال تمويل الجماعات المتمردة، وإذكاء الفساد الحكومي، وتقويض شرعية الدولة.

وقالت "بلومبرغ" إنه على الرغم من إنفاق الولايات المتحدة على مدى 15 عاماً، نحو 8.6 مليار دولار في جهود مكافحة المخدرات الأفغانية، فإنه بحلول عام 2017، وصلت زراعة الخشخاش وإنتاج الأفيون إلى مستويات قياسية، و"لا يزال إنتاج المخدرات والاتجار بها مترسخين"، كما جاء في تقرير هيئة التفتيش العامة، الخاصة بإعادة إعمار أفغانستان.

6- مقر قيادة مهجور

أنفق الجيش الأمريكي 36 مليون دولار على منشأة للقيادة والسيطرة، تبلغ مساحتها 5950 متراً مربعاً في معسكر "ليذرنيك" في إقليم هلمند، تضمنت غرفة حرب وقاعة للإحاطات الصحافية، ومساحة مكتبية تكفي لـ1500 شخص.

لكن أحد مدققي هيئة التفتيش العامة لإعادة إعمار أفغانستان، كتب في شهر يوليو 2013: "يبدو أنه أفضل مبنى مشيّد رأيته في رحلاتي عبر أفغانستان. لسوء الحظ، هو غير مستخدم وغير مشغول، ومن المفترض أنه لن يجري استخدامه أبداً للغرض المقصود منه".

7- فندق مدمر

اكتشفت هيئة التفتيش العامة لإعادة إعمار أفغانستان "عيوباً خطيرة في الإدارة والإشراف"، بقيمة 85 مليون دولار، متعلقة بالقروض التي قدمتها مؤسسة (Overseas Private Investment Corporation) لتشييد فندق مكون من 209 غرف، بالإضافة إلى مبنى سكني مجاور يضم 150 غرفة يسمى "كابول غراند ريزيدنس"، يقع مباشرة مقابل السفارة الأميركية في كابول.

وجدت عملية تدقيق في شهر نوفمبر من عام 2016، أن كلاً من الفندق والمبنى السكني غير مكتملين، وأنه تعرض لاستهداف بقذائف، كما جرى التخلف عن سداد القرضين.

8- معسكر غير مستخدم

أنفق البنتاجون 3.7 مليون دولار لبناء معسكر قرب حدود تركمانستان للجيش الوطني الأفغاني، وعلى الرغم من كون هذا المعسكر جاهزاً للاستخدام جزئياً، خلال تقييم لهيئة التفتيش العامة لإعادة إعمار أفغانستان في عام 2013، فإنه ظل غير مستخدم.

وبرّر مسؤول في البنتاجون للمفتشين عدم استخدام المعسكر بأنه "يفتقر إلى صالة طعام"، بحسب ما ذكرته وكالة "بلومبرغ".

9- جيش أفغانستان

أنفقت الولايات المتحدة نحو 83 مليار دولار خلال 20 عاماً، في محاولة لإنشاء قوة يمكنها محاربة حركة طالبان، وضمان استقرار أفغانستان.

لكن طالبان أعادت بناء قوتها وانهار الجيش الأفغاني في أسابيع، مع انسحاب الولايات المتحدة، لدرجة أن القادة العسكريين الأميركيين بدوا مذهولين من تقدم المسلحين.

وقال الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، الأربعاء: "لا توجد تقارير تفيد بأنني توقعت تبخر قوة أمنية قوامها 300 ألف شخص، خلال 11 يوماً".

10- الأسلحة الأمريكية

شحنت الولايات المتحدة مئات الأطنان من المعدات، لكن مع اقتراب طالبان من كابول استولى مقاتلوها على طائرات حربية، وطائرات هليكوبتر وأسلحة وذخيرة مقدمة من الولايات المتحدة مخصصة للجيش الأفغاني.

وسُئل جون سوبكو، الذي أشرف على تدقيقات هيئة التفتيش العامة لإعادة إعمار أفغانستان، الشهر الماضي، قبل انهيار الحكومة الأفغانية، عما إذا كان الإنفاق العسكري قد ضاع، فأجاب: "من الصعب القول إن كل شيء قد ضاع، على الرغم من وجود مشكلات خطرة"، مشيراً مع ذلك إلى أن هناك "مخاوف جدية" في هذا الخصوص.

*هذا المحتوى من اقتصاد الشرق