ليس بخيال عندما يقولون إن «الصورة تفوق قيمتها آلاف الكلمات ورغم سكونها فصداها يعلو فوق أكبر الأصوات». ومع كل هذا، علينا ألا نحكم ونأخذ القرار قبل اكتمال المشهد بِرُمّته، فأحياناً كثيرة تكون الصورة أما غير مكتملة أو واضحة أو مفبركة وحينها لا ينفع الندم.

19 أغسطس يصادف اليوم العالمي للتصوير، هذه المهنة غير الاعتيادية والتي يعتبرها البعض مسألة بسيطة لا تتعدى حملِ كاميرا وضغطة زر وخلص الأمر... «انتهينا»، وينعتها البعض الآخر أنها «مهنة من لا مهنة له» فمؤسف حقاً تداول هذا النوع من التفكير الرديء!!

فكثر لا يدركون أن «التصوير» بحد ذاته فن وعلم؛ يدرس في المعاهد الفنية وأكبر الجامعات، ولا ننكر أيضاً دور الموهبة والممارسة في هذا المجال. تعتبر مهنة التصوير من المهن القليلة والتي يكون تواجدها في الفرح لا يقل قيمة عن تواجدها في الحرب. وكم من مصورٍ فقد حياته لضمان أن نرى الصورة الحقيقية بأمان. وبالرغم من تقادم بعض الصور ومرور دهرٌ عليها فهي لا تزال عالقة في ذاكرتنا بغض النظر عن جمالها أو مرارتها، لأن من اقتنصها فهو بالمختصر «مصوراتي فنان مش أي إنسان».

أما اليوم ومع انتشار التكنولوجيا الحديثة مع الجميع من جهة، ووفرة برامج التواصل الاجتماعي من جهة أخرى، بدأنا نعيش بما يعرف «بعصر استنزاف الصورة»، فالأغلبية سائرون على مبدأ «صوّر وانشر».

فإن اعتبرنا التصوير حرية شخصية إلا أنه بات مُزعجاً ترويج الصور التي تفقد الذوق العام أو الآداب الخاصة أو التي تتعدى حدود وحرمة الآخرين!

أما أنا شخصياً، فعلى بالي أن أمحو صور الحرب والدمار والقتل والتعذيب والفراق والألم والنار والتهجير التي رأيتها في حياتي سواء صورة حية أو فوتوغرافية... ويبقى السؤال «أن نمحو صورة من ملف أو كاميرا لا يعني أنه بإمكاننا محو الأثر الباقي منها والعالق في ذاكرة الإنسان أو المكان».

وفي الختام تحية عطرة لكل مصور صاحب عدسة صادقة، فإن كان لدينا صورة ثاقبة فهذا يعني أنه لدينا مصور فنان.