على إحدى صفحات الجرايد أمس تحدثت الحكومة عن المبادرات التي ستسهل وصول الخدمات للمواطن في القطاع العدلي ومنها الاستعانة بالقطاع الخاص للقيام ببعض المهام ومنها التوثيق، على صفحة أخرى كتب أحد المواطنين ثلاثة أشهر للحصول على موعد مع الموثق؟ والتكلفة ارتفعت إلى 150 ديناراً للمعاملة؟ هل هذا هو المقصود بالتسهيلات؟ الخبر الثاني نسف جهود تسويق الخبر الأول!

ثم على صفحة أخرى عرضت الصحافة خبراً عن زيادة تكلفة فحص فيروس كورونا في المطار إلى 36 ديناراً، وأن النواب يطالبون بخفض المبلغ، وسألت أنا بشكل شخصي عن صحة هذا الخبر فقيل إنه لعدد ثلاثة فحوصات وليس فحصاً واحداً، الأول في المطار والثاني بعد خمسة أيام والثالث بعد عشرة أيام من الوصول (أرجو توضيح مدى صحة هذه المعلومة)، يعني سعر فحوصاتنا أرخص من أي دولة خليجية، لكن ظهر العكس، وعموماً هناك عدم وضوح، وتضارب في المعلومات التي تخص الحكومة بشكل عام.

الشاهد ما أردت أن أقوله، إن المسافة بين "المواطن" وبين "المعلومات" التي يجب أن يتلقاها وتصل إليه، كي يستفيد الاستفادة القصوى مما تقدمه الحكومة مازالت كبيرة، وبعضها معلومات تفصيلية دقيقة تحتاج لشرح وإجابة على استفسارات، ولدينا من وسائل الاتصال والإعلام ما لا يُعد ولا يُحصى، لدينا تلفزيون ولدينا إذاعة ولدينا وكالة أنباء ولدينا مركز اتصال وطني ومع ذلك تبقى تلك المسافة بين طرفي المعادلة الخدمات الحكومية من جهة ومتلقيها أي المواطن من جهة أخرى مسافة كبيرة، وكم كان ممكناً أن تنال الحكومة على رضا الكثير من متلقي الخدمات، وتحصل وسائلنا الإعلامية على أخبار جميلة تصلح لتسويق البحرين لو أننا قلصنا هذه المسافة وأبرزنا العديد من الجهود المبذولة لتحسين الخدمات.

فبعض الوزارات تعتقد أن نزول خبر في الصحافة وقراءته في نشرة الأخبار كافياً لإبراء ذمتها بأنها قامت بما هو مفروض أن تقوم به من جهد تحت شعار اللهم قد بلغت، وبعض الوزارات تشكو من القيود على حركتها في الاتصال والتواصل، وبعض الحملات الحكومية محصورة في وسائل التواصل الاجتماعي!

في حين أن وجود خدمة جديدة، أو حتى قديمة ولم يستفد منها المواطن كما يجب ويراد تفعيلها وتنشيطها، وتسويق البحرين من خلالها، مسألة تحتاج إلى ما يسمى بالحملات الإعلامية، كي تتأكد جهة تزويد الخدمات أنها قامت بها على أكمل وجه، ومن ثم تضع لها مؤشرات قياس تضمن من خلالها إن حملتها حققت أهدافها، لا بعدد ما نشر، فالعديد من مسؤولي الحملات يبلغون رؤساءهم بأنهم نشروا كذا منشور وعملوا كذا خبر باعتبار تلك مؤشرات لنجاح الحملة، إنما المؤشر الحقيقي هو قياس زيادة ورضا المتلقي بتلك الخدمات، وإلا حملتك على كبرها فاشلة.

قبل تفعيل الخدمة على الوزارة المعنية وضع "خارطة" لكل منافذنا المعلوماتية في كل جهاز من أجهزتنا بما فيها حسابات التواصل الاجتماعي الخاصة التي أصبحت هي وكالة الأنباء الرسمية الآن!!

مهمة الوزارة الاتصال بجميع تلك المنافذ مباشرة والاستفادة من خارطة للبرامج التلفزيونية الممكن الاستفادة منها وكذلك الإذاعية والتي يتواصل معها الجمهور، أي التواصل مع مسؤولي التلفزيون والإذاعة والوكالة، وكذلك الحسابات التواصلية الاجتماعية التي يتفاعل معها الجمهور، والحسابات الرسمية على شبكة الإنترنت أيضاً للوزارات المعنية، وأخيراً التواصل مع مركز الاتصال الوطني، جميعها لابد أن توضع على الطاولة ويخصص لكل منفذ من هؤلاء محتوى توفره الوزارة يتناسب وطبيعته، ثم تنفذ جميع هذه المنافذ وظيفتها وتكون للحملة مدتها الزمنية و مؤشرات قياسها.

ونضع في اعتبارنا أننا لا نروج لخدماتنا الحكومية للمواطنين في الداخل فحسب، بل نروج للبحرين بشكل عام.

هل تعلمون أن كثيراً من الخدمات الراقية التي استحدثت وتصل إلى علمنا عن دول الجوار نقول ما شاء الله عليهم انظروا إلى أين وصلوا؟ هي خدمات موجودة عندنا لا يعلم عنها إلا القليل في البحرين، فما بالكم عمن هو خارج البحرين؟

أخيراً "المعلومات" ليست شرهات، توزع على من نحب و نرضى، وتحجب عن من لا يعجبنا، المعلومات حق لابد أن يصل للمواطن، فالضحية هنا ثلاث، الأولى جهود الحكومة الضائعة، والثانية هي المواطن الذي من حقه أن يعلم، أما الضحية الثالثة وهي الأهم فهي البحرين تلك التي يجب أن نحرص على سمعتها قبل أي شيء.