حديث الشارع البحريني اليوم جميعه يصب في جانبين الأول فواتير الكهرباء والماء والتي قفزت خلال شهري يوليو وأغسطس إلى مبالغ أثقلت كاهل المواطنين بالأخص شريحتي أصحاب ذوي الدخل المحدود والطبقة المتوسطة في المجتمع البحريني وفلك السؤال الذي يدور بينهم لماذا هذا الارتفاع الكبير المفاجىء في فاتورة هذين الشهرين ؟

هناك من بينهم من طرح علامة استفهام حول ِلِمَ فاتورة أغسطس أعلى من ناحية المبلغ المستحق من فاتورة يوليو رغم أن الشهرين شديدا الحرارة والاستهلاك وبنفس المعدل الاستهلاكي وهناك من يفسر الارتفاع إلى أنه يعود لمسألة مكوث المواطنين والتزامهم بالحجر المنزلي وعدم الخروج منذ يونيو ويوليو وأغسطس وتحديداً بعد فترة عيد الأضحى وخلال شهر محرم حرص المواطنون على الالتزام أكثر وعدم الخروج منعاً لإعادة تفاقم وارتفاع الحالات كما حدث خلال السنة الفائتة، واقع الأمر قد يكون ارتفاع الاستهلاك أمراً منطقياً أمام موجة الحر الشديدة التي يتميز بها صيفنا لكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن المواطنين واجهوا تحديات مالية صعبة خلال شهري يوليو وأغسطس فشهر يوليو ميزانيته التهمتها مصاريف العيد فيما شهر أغسطس بديهياً في كل عام تلتهمها ميزانية الاستعداد للمدارس وتسديد رسوم المدارس الخاصة مما يجعل المواطنين في ضغوط مالية شديدة تدفعهم إلى التحدث بلغة التذمر والاستياء أمام أي التزام مالي يضغط ميزانيتهم أكثر وأمام مسلسل ارتفاع الأسعار والتحديات الاقتصادية التي فرضتها جائحة كورونا عليهم وهذا يجرنا بالحديث إلى الموضوع الآخر الذي يشغل الشارع البحريني وهو معاناة المتقاعدين في ظل الضرر الكبير الذي وقع عليهم أمام إلغاء الزيادة السنوية.

واقع المتقاعد في مملكة البحرين لو جئنا لتفصيله فإن المتقاعد غالباً يكون مرتبطاً بالتزامات مالية تجاه أبنائه من تسديد الرسوم الدراسية في الجامعات الخاصة وما تطلبته الجائحة من توفير أجهزة إلكترونية لهم إلى جانب تسديد قروض البناء لأبنائه المتزوجين والقروض الشخصية ولا ننسى أن كثيراً من المتقاعدين لديهم أبناء عاطلون عن العمل وهم من يتكفلون بمصاريفهم الشهرية كما أن هناك مبالغ كبيرة من رواتب المتقاعدين تتجه نحو المصاريف المعيشية والعلاجية فواقع المتقاعد لدينا في مملكة البحرين أنه بالأصل يواجه تحديات كبيرة ولا يعرف الراحة حتى بعد تقاعده رغم أن الوضع الطبيعي للمتقاعد في أي دولة في العالم يكون مستقراً مالياً ومرتاحاً بعد أن قدم خدمات جليلة للدولة وأنهى مشواره الوظيفي لكن في مملكة البحرين ينتهي المتقاعد من عمله ليدخل في دوامة تحديات مالية صعبة فغالباً يكون من بين أبنائه من يحتاج إلى الكفالة المالية والدعم وحتى أبنائه المتزوجين يضطر لمساعدتهم في الكثير من المصاريف التي يحتاجها الشباب عادة وهم في مقتبل العمر لذا فإن حرمان المتقاعد من حقوقه في الزيادة السنوية أمر كان كارثياً لكثير من الشرائح المجتمعية على اختلاف الطبقات الاجتماعية والدليل أن كثيراً من المتقاعدين ما زالوا إلى يومنا هذا يطالبون الصحافة ومجلسي النواب والشورى بشكل مستمر بإعادة النظر في موضوع حرمانهم من هذه الزيادة السنوية وكأنهم باتوا مواطنين من الدرجة الثانية كما لا ننسى المتقاعد في مملكة البحرين لا يحظى بأي امتيازات أسوة بوضع المتقاعدين في الدول المتقدمة من ناحية عمل تخفيضات وأسعار خاصة وبطاقات تموينية لهذه الفئة تجعلهم يشعرون بنوع من الاعتزاز وأن الدولة تقدرهم وأنهم يحظون بالاستقرار النفسي قبل المادي، فئة المتقاعدين في مملكة البحرين شريحة لا يستهان بها فعددهم حسب تقرير هيئة التأمينات الاجتماعية مارس 2020 يبلغ 69 ألفاً و131 متقاعداً وهم يعتبرون مثل القنبلة الموقوتة لأن غالبيتهم من الشرائح النشطة جداً على مواقع التواصل الاجتماعي ويمثلون اتجاهات المواطن البحريني على هذه المواقع .

أعتقد بأننا بحاجة إلى إعادة النظر في هاتين المسألتين مسألة إيجاد حلول مبتكرة بالنسبة لفواتير الكهرباء والماء كأن يكون هناك تخفيض سنوي لفاتورة الثلاثة شهور التي تعتبر الأعلى حرارة أي الأعلى استهلاكاً والاتجاه نحو مشاريع الطاقة البديلة أو خيارات أخرى تتماشى مع تطورات العالم إضافة إلى إعادة النظر في أوضاع المتقاعدين والعمل على تحسين مستوى معيشتهم لمنع مشاعر التهميش التي يشعرون بها.