أنهى الانسحاب الأميركي من أفغانستان في نهاية أغسطس الفائت أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة في تاريخها، وذلك بعد أن انطلقت عام 2001 بعد الهجمات الدامية التي ضربت برجي التجارة في نيويورك وتبناها تنظيم "القاعدة"، لكن ما أبرز محطات هذه "الحرب على الإرهاب" التي استمرت 20 عاماً وغطّت مسارح عدة في المنطقة والعالم؟

هجمات 11 سبتمبر

في صباح الـ11 من سبتمبر عام 2001، تعرضت الولايات المتحدة لهجمات غير مسبوقة شنها 19 عنصراً تابعاً لتنظيم "القاعدة" عبر اختطاف 4 طائرات، وأسفرت عن مصرع حوالي 3 آلاف شخص.



وشهدت الهجمات تحليق الخاطفين بطائرتين نحو البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك، بينما توجهت الطائرة الثالثة إلى مبنى البنتاجون في واشنطن، في حين تحطمت الطائرة الرابعة (التي كانت متجهة في البداية نحو واشنطن العاصمة) في أحد الحقول بولاية بنسلفانيا ما أجى إلى مصرع جميع من كانوا على متنها، بعد أن حاول الركاب مقاومة الخاطفين.

وتبنى تنظيم "القاعدة" المسؤولية عن تلك الهجمات، قبل أن يبثّ مقاطع فيديو لعناصره الـ19 الذين قاموا بخطف الطائرات.

بوش يعلن "الحرب على الإهاب"

بعد 5 أيام من الهجمات، التي تُعد الأكثر دموية على الأراضي الأميركية في التاريخ، أقر الكونجرس تصريح استخدام القوة العسكرية الذي يسمح باستخدام القوات الأميركية ضد المسؤولين عن هجمات 11 سبتمبر وأي قوات مرتبطة بهم.

وسرعان ما أعلن الرئيس جورج بوش الابن "الحرب على الإرهاب"، داعياً دول العالم إلى الانضمام للولايات المتحدة، وقال في خطاب موجه للأمة الأميركية: "كل دولة في كل منطقة لديها الآن قرار تتخذه.. إما أن تكون معنا أو مع الإرهابيين".

وفي اليوم ذاته، استخدم بوش مصطلح "الحرب على الإرهاب" لأول مرة، وذلك لوصف الحملة العالمية بقيادة الولايات المتحدة، وقال خلال خطاب متلفز أمام الكونجرس: "حربنا على الإرهاب تبدأ مع القاعدة، لكنها لا تنتهي عند هذا الحد. ولن نتوقف حتى نعثر على كل مجموعة إرهابية ذات امتداد عالمي، وإيقافها وهزيمتها".

غزو أفغانستان

إثر تجاهل طالبان التحذيرات الأميركية بالتخلي عن دعم "القاعدة" وتسليم زعيم التنظيم أسامة بن لادن، بدأت الولايات المتحدة في 7 أكتوبر حملة عسكرية واسعة في أفغانستان بمشاركة عدد من الدول.

انطلقت العملية التي أطلق عليها "الحرية الدائمة" بهجوم مشترك للقوات الأميركية والبريطانية بمساعدة الأفغان المناهضين لطالبان الذين تجمعوا ضمن ما أطلق عليه "التحالف الشمالي".

وشنت الطائرات الأميركية في البداية غارات واسعة النطاق على جبال تورا بورا، حيث كان يتحصن أسامة بن لادن، قبل أن ينجح في الفرار والاختباء لمدة 10 سنوات.

معتقل جوانتانامو

في شهر يناير من عام 2002، وبينما كانت العمليات العسكرية للولايات المتحدة وحلفائها مستمرة في أفغانستان، تم افتتاح معتقل جوانتانامو، وهو سجن عسكري أميركي يقع داخل قاعدة بحرية على الساحل الكوبي.

وأنشأت واشنطن المعسكر كجزء من "الحرب على الإرهاب"، بحيث تحتجز وتستجوب المشتبه بهم الذين يعتبرون أشخاصاً خطرين للغاية، ومن أبرز المعتقلين في جوانتانامو العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر خالد شيخ محمد، وشريكه في التخطيط والتنسيق رمزي بن الشيبة، وقد قبضت عليهما المخابرات الأميركية عامي 2002 و2003.

لكن معكسر الاعتقال ما لبث أن تعرض لانتقادات حقوقية واسعة، وذلك بسبب احتجاز النزلاء لوقت طويل من دون محاكمة، وكذلك على خلفية تعرضهم للتعذيب.

وأعلنت منظمة العفو الدولية، أن العمليات داخل المعتقل تُشكل انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان، غيرَ أن إدارة الرئيس بوش، قالت إن معتقلي جوانتانامو ليسوا على الأراضي الأميركية، وبالتالي لا يشملهم دستور الولايات المتحدة.

غزو العراق

انطلقت الحرب الأميركية على العراق في 20 مارس لإسقاط نظام صدام حسين بحجة امتلاكه أسلحة دمار شامل، قبل أن يتبين لاحقاً زيف تلك الادعاءات.

وسرعان ما انهار الجيش العراقي بعد أسابيع قليلة من بدء العمليات، وفي 13 ديسمبر من العام ذاته، استطاعت القوات الأميركية القبض على الرئيس العراقي صدام حسين في مزرعة قرب مسقط رأسه في تكريت، ثم سُجن لعدة سنوات قبل أن يُعدم على يد خصومه من الجماعات العراقية فجر عيد الأضحى يوم 30 ديسمبر 2006.

أبو مصعب الزرقاوي

في 17 أكتوبر عام 2004 شكّل أبو مصعب الزرقاوي الذي كان يقود بالفعل هجمات ضد الأميركيين في العراق، تحالفاً مع "القاعدة"، وتعهد بالولاء لأسامة بن لادن، ليصبح في ما بعد زعيماً للتنظيم في العراق. وبعد عامين لقي الزرقاوي حتفه في غارة جوية أميركية بتاريخ 7 يونيو 2006.

تغيّر شعار الحرب

في مارس 2009، غيرت وزارة الدفاع الأميركية رسمياً اسم العمليات العسكرية من "الحرب على الإرهاب" إلى "عملية الطوارئ الخارجية"، إذ طلبت إدارة الرئيس باراك أوباما من موظفي البنتاجون تجنب استخدام المصطلح السابق، لكن الأهداف الأساسية للحرب التي شنتها إدارة بوش، مثل استهداف "القاعدة" وبناء تحالفات دولية لمكافحة الإرهاب، ظلت قائمة.

وشهد العام ذاته انسحاب معظم القوات البريطانية من العراق بحلول 30 أبريل 2009، في حين بقيت فرقة صغيرة معظمها من البحرية الملكية كجزء من مهمة التدريب والاستشارة، ثم جرى الانسحاب الكامل في 22 مايو 2011.

أسامة بن لادن

في الساعات الأولى من صباح 2 مايو 2011، داهمت مجموعة من القوات الأميركية الخاصة، مجمعاً سكنياً في أبوت آباد شمال باكستان، ما أسفر عن مصرع زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن، في عملية لم تستغرق أكثر ساعة، أعقبها دفن جثمانه في البحر.

وأكدت "القاعدة" سقوط زعيمها في السادس من مايو متعهدة بالثأر، ثم تولى أيمن الظواهري قيادة التنظيم. وقد تمكنت الضربات الأميركية من إضعاف قدرات التنظيم بدرجة كبيرة، لكنها لم تستطع القضاء عليه بشكل كامل.

أنور العولقي

في 30 سبتمبر 2011، نجحت غارة أميركية بطائرة من دون طيار في اليمن باغتيال أنور العولقي، وهو أحد زعماء تنظيم "القاعدة" ويحمل الجنسية الأميركية، ليصبح أول مواطن أميركي يُستهدف عمداً بضربة مباشرة.

اغتيال زعيم طالبان باكستان

في الأول من نوفمبر 2013 ، قتلت غارة أميركية بطائرة مسيّرة حكيم الله محسود، زعيم حركة طالبان الباكستانية. وكانت المنظمة قد تشكلت في ديسمبر 2007 عندما اتحدت 13 جماعة تحت قيادة محسود، وتنشط غالباً في المناطق القبلية على طول الحدود مع أفغانستان.

إعلان الحرب على "داعش"

إثر سيطرة تنظيم "داعش" على مدينة الأنبار العراقية، تم الإعلان عن تحالف دولي عسكري بقيادة الولايات المتحدة يضم 83 دولة، لمحاربة التنظيم. ثم توسعت الحملة العسكرية لتشمل استهداف مواقع لـ"داعش" الذي امتدت سيطرته إلى مناطق أخرى بالعراق وسوريا.

انتهاء الحرب في أفغانستان

في ديسمبر 2014، أعلنت واشنطن رسمياً انتهاء الحرب في أفغانستان مع الإبقاء على 10 آلاف جندي. وفي الشهر ذاته أنهى حلف شمال الأطلسي "ناتو" مهمته القتالية التي استمرت 13 عاماً، لكنه أبقى عدداً من القوات لتدريب الجيش الأفغاني.

اغتيال أبو بكر البغدادي

في 27 أكتوبر 2019، نفذت القوات الأميركية عملية أسفرت عن سقوط زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، في إحدى القرى بريف إدلب شمال سوريا.

اتفاق الدوحة

في 29 فبراير 2020 أعلنت الولايات المتحدة وحركة طالبان التوصل إلى اتفاق بعد محادثات استمرت لأشهر في العاصمة القطرية الدوحة.

نص الاتفاق على سحب القوات الأميركية بشكل كامل من أفغانستان مقابل ضمانات من الحركة لإحلال السلام في البلاد.

الانسحاب النهائي

أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن الانسحاب الكامل للقوات الأميركية من أفغانستان بحلول 11 سبتمبر 2021، وفي مطلع مايو بدأت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بسحب 9500 جندي، من بينهم 2500 أميركي.

وفي 31 أغسطس أكملت الولايات المتحدة سحب قواتها من أفغانستان بعد إكمال عمليات إخلاء آلاف المتعاونين الأفغان عبر جسر جوي في مطار كابول.