إرم نيوز


كشفت مصادر لصحيفة ”الغارديان“ البريطانية أن أجهزة مخابرات غربية استخدمت مصنعًا فرنسيًا للإسمنت في سوريا، لجمع معلومات عن الرهائن المحتجزين لدى تنظيم ”داعش“.

ونقلت الصحيفة عن ضابط مخابرات أردني، شارك بجهود التجسس لتحرير الرهائن، قوله إن مصنع ”لافارج“ الفرنسي، الذي استمر في العمل بعد اجتياح داعش شرق سوريا، كان مركزًا ”للجهود الفاشلة“ لإنقاذ ما يصل إلى 30 رهينة لدى ”داعش“.

وكان من بين الرهائن المعتقلين الصحفي الأمريكي جيمس فولي، والمصور البريطاني جون كانتلي، والطيار الأردني معاذ الكساسبة، وقد تأكد مقتل اثنين منهم فيما بعد.


وفشلت شركة الأسمنت الفرنسية لافارج، الثلاثاء الفائت، في محاولتها إسقاط تهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في الصراع السوري عندما قضت المحكمة العليا الفرنسية بضرورة إعادة النظر في القضية، ملغية بذلك حكمًا سابقًا.

ويجري التحقيق رسميًا مع لافارج في فرنسا بسبب محاولاتها مواصلة العمل في مصنع تابع لها في سوريا بعد اندلاع الحرب هناك العام 2011.

وسبق أن أقرت لافارج، بعد تحقيق داخلي أجرته، بأن الشركة المحلية السورية التابعة لها دفعت لجماعات مسلحة مقابل المساعدة بحماية موظفيها ومصنعها.

لكنها رفضت بضعة اتهامات وجهت لها في إطار التحقيق القضائي الفرنسي، ومنها تواطؤها في جرائم ضد الإنسانية بسبب تعاملاتها مع جماعات متشددة بالمنطقة ومنها تنظيم داعش.

وفي أواخر 2019، أسقطت محكمة أخرى هذه التهمة، قائلة إن لافارج لم تتعمد توريط نفسها في هذه الجرائم. وذكرت المحكمة العليا، الثلاثاء الفائت، أنه من الممكن تورط أي شخص أو شركة عن طريق غض الطرف عن تلك الجرائم حتى دون المشاركة فعليًا فيها.

وقالت المحكمة في حكمها، الثلاثاء، ”في هذه القضة، دفع عدة ملايين من الدولارات... لمنظمة نشطة إجراميًا كافٍ لوصف ذلك بالتواطؤ، حتى لو كان الطرف المعني لا يفعل ذلك إلا لممارسة نشاط تجاري“.

وقالت المحكمة العليا إنه يتعين على القضاة إعادة النظر في طلب لافارج إسقاط التهمة عنها، وهو ما قد يترتب عليه إعادة توجيه الاتهام بالتواطؤ.

واتُهمت شركة ”لافارج“ بدفع ما يصل إلى 13 مليون يورو (11.15 مليون جنيه إسترليني) كضرائب ورسوم لتنظيم ”داعش“ لاستمرار عمل المصنع، الذي كان يقع في قلب الأراضي الواقعة تحت سيطرة ”داعش“ آنذاك.

ولم تنفِ الشركة دفع المبلغ، لكنها قالت ان دفع الرسوم حصل عن طريق وسطاء ولا تعلم الوجهة النهائية للمبلغ.

وأوضحت صحيفة الغارديان أن الحكم الذي طال انتظاره بشأن ذلك المصنع يُعد سابقة قضائية، وله تداعيات واسعة على الشركات التي تعمل في مناطق الحرب، من ناحية أخرى أثار دور ضابط المخابرات الأردني تساؤلات حول تأثير أجهزة المخابرات على القرارات التجارية الحساسة التي تتخذها الشركات الكبرى ظاهريًا.

وأكد مصدر استخباراتي رفيع أن ”القرار كان أكبر من لافارج، والمحكمة لا تروي القصة كاملة“.

ونفى الرئيس التنفيذي السابق للشركة برونو لافون، وكذلك مدير الأمن السابق لدى المصنع جان كلود فيلارد، والمدير السابق لفرع الشركة السوري، فريديريك جوليبو، اتهامات بتمويل منظمة إرهابية، وتعريض حياة الآخرين للخطر، وهي تهمة قد يواجهون على إثرها مدة تصل إلى 10 سنوات في السجن مع دفع غرامات.

وعلمت صحيفة ”الغارديان“ أنه طوال ذروة سيطرة تنظيم ”داعش“ على المنطقة، كان الجاسوس الأردني أحمد الجالودي يتنقل بانتظام بين المصنع وعمّان لإطلاع رؤساء المخابرات الإقليمية والعالمية على مكان وجود الرهائن.

وتقول الصحيفة إن الجالودي، الذي كان وصف وظيفته لدى ”لافارج“ مديرًا أول لإدارة المخاطر، سافر أيضًا إلى الرقة للتعامل مع أحد كبار قادة ”داعش“ لمحاولة تأمين الإفراج عن الطيار الأردني، الذي تحطمت طائرته المقاتلة من طراز ”F-16“ بالقرب من الرقة، وفيما بعد حرق تنظيم ”داعش“ الطيار الأردني حيًا وتم تصوير وفاته وبثها كدعاية.

وأكدت الصحيفة أن“ الجالودي“ كان دوره معروفًا لدى الجواسيس في فرنسا، وتركيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، والأردن، حيث ساعدوه جميعًا في تسهيل التنقل من وإلى المناطق الخطرة حول العالم مرورًا بنقاط التفتيش التابعة لـ“داعش“.

وفي أوائل العام 2014، ساعد ”الجالودي“ في تأكيد أن الرهائن، بمن فيهم صحفيون وعمال إغاثة، محتجزون في محطة أكيراشي النفطية في ضواحي الرقة، وتم تأكيد المعلومات من قبل سائقي التوصيل والسعاة لدى المصنع.

وكان قد أفاد مصدر ثانٍ من داخل ”داعش“ لصحيفة الغارديان أن مصنع النفط يُستخدم كمركز احتجاز، وبدأت مهمة إنقاذ في شهر نيسان/إبريل من ذلك العام، إلا أنه تم نقل الرهائن قبل ذلك بأيام.

وكان معمل لافارج الفرنسي يقع في منطقة الجلابية على بعد نحو 100 كلم شمال الرقة.