عبير مفتاح

يعتبر هذا السؤال من أشهر الأسئلة التي تطرح في المقابلات الوظيفية، وللأمانة غالباً ما تكون الإجابة عن هذا السؤال المريب بالنسبة إلى البعض صعبة جداً؛ لأن المتقدم للوظيفة لا يعلم إذا كانت إمكاناته بالفعل ستؤهله لمنصب أو مكانة ما خلال خمس سنوات، فنحن لا نمتلك فكرة واضحة عن المكان الذي سنستقر فيه في رحلتنا المهنية.



قرأت عبارة تقول: «إن أولئك الذين يخيفهم سؤال الخمس سنوات يعتقدون أن هناك إجابة صحيحة، ويكون توترهم ناتجاً عن خوفهم من ألا تكون أهدافهم ما يرغب مُحاوروهم في سماعه».

أعتقد أن الإجابة عن هذا السؤال تختلف من شخص إلى آخر، فهناك من سيقول إنه سيصبح مسؤولًا أو ذا منصب، وهناك من سيعتبر الوظيفة التي تقدم إليها مؤقتة وسيبحث مستقبلاً عن أخرى أفضل منها، وهناك من يجهل الإجابة؛ لأن لا خطط عنده، ولربما سيبقى على حاله طيلة الخمس سنوات أو أكثر دون تقدم يذكر!

ولكن ما الفرق بينهم؟

الأول قد خطط مسبقاً بأنه يريد الحصول على الوظيفة، وسيعمل ويجتهد ويطور من نفسه إلى أن يحصل على منصب ما، والثاني يجد أنه لربما تكون هذه الوظيفة مؤقتة بالنسبة إليه؛ فهو يطمح لوظيفة أخرى أفضل منها، أما الأخير فقد بقي أو سيبقى على حاله دون تقدم أو تطور.

وبالعودة إلى السؤال الذي أجد بأنه لم يسأل عبثًا، فلربما على إثره سيتم قبولك أو رفضك، أين ترى نفسك بعد خمس سنوات؟

قبل أن تجيب أو تفكر في الإجابة، عليك معرفة سبب طرحه أولًا، فمن حق صاحب العمل معرفة أهدافك الوظيفية، ومدى حماستك لهذه الوظيفة وأهميتها بالنسبة لك ولطموحاتك، وكيف ستستهم في تحقيق أهدافك التي تأتي ضمن أهداف مؤسستك على المدى البعيد؟ فكل صاحب عمل يريد توظيف شخص طموح ذي أفكار ابتكارية تسهم في نجاحه، وتكون إضافة مميزة لمؤسسته خلال خمس سنوات أو أكثر.

ومهما كانت إجابتك فيجب أن تكون واضحة ومحددة، تبين مدى حرصك واهتمامك بأداء مهامك الوظيفية بإتقان ومهارة عاليين، ومدى ثقتك بقدرتك على العمل والتطوير، وبأنك على الأرجح ستستمر في الوظيفة خلال الخمس سنوات القادمة؛ لأن مكان العمل يشكل حافزاً لك للاستمرار فيه.

فكر في أن تكون صادقاً وواقعياً، واحذر أن تفرط في الطموح كي لا تبدو كمن يريد السطو على الوظيفة وليس الحصول عليها، وتذكر أن مستقبلك بعد خمس سنوات أو أكثر مرتبط بما تقوم أو ستقوم بعمله، فهو نتاج عملك وتخطيطك.

والآن دعونا نفكر في سؤال الخمس سنوات بطريقة أخرى، ونوجهه إلى الموظفين في أي قطاع كان؛ أين أنت الآن بعد خمس سنوات أو أكثر من حصولك على الوظيفة؟ ماذا قدمت لنفسك ولوظيفتك أو للجهة التي تعمل بها؟ وهل ترى نفسك موظفاً ناجحاً أم موظفاً متميزاً؟

اسأل نفسك تلك الأسئلة، وتذكر ما قدمت وما أنجزت، ابحث عما لم تحققه بعد، واسعَ لتحقيقه مادمت تمتلك الفرصة، وفكر في التميز لا النجاح فقط، فجميعنا ناجحون في تأدية مهامنا ولكن لسنا جميعاً متميزين.