طوال السنوات الماضية كنا نسمع ملاحظات على أداء المجالس النيابية، منها ماهو مقبول وواقعي ومنها ما هو من قبيل المبالغة والتجني على أعضاء المجلس، لأسباب ليس هذا مقام الخوض فيها.

وسبق أن تكلمنا عن الظروف التي أحاطت بمجلس النواب الحالي وكيف جنت عليه الأوضاع الاقتصادية وتداعيات جائحة كورونا، كما تطرقنا إلى أن جزءاً من هذه الصورة الذهنية السلبية عن النواب كان لأعضاء المجلس يد فيها بطريقة أو بأخرى.

ومع كل الاحترام والتقدير للسادة النواب فإن هناك ممارسات يلحظها كل من يتابع العمل البرلماني عن كثب، لم تكن تأخذ هذه المساحة الكبيرة من عمل النائب في الفصول التشريعية السابقة، ولم تكن ضمن الملاحظات التي تورد على أداء النواب بشكل عام، فاليوم أصبح مايشغل بعض النواب هو بيانات الإشادة الصحفية، وفي المقابل لاتسمع له صوتاً في قضايا أخرى ينتظر المواطن فيها موقفاً واضحاً صريحاً، نتفق أنه ليس من المعيب أن يصدر النائب إشادة بقرار حكومي له التأثير الكبير على حياة المواطن، أو أن يشيد بنجاح حققته المملكة فالكل من أعضاء السلطة التنفيذية والتشريعية شركاء هدفهم خدمة الوطن وإعلاء رايته، لكن تحول البيانات الصحفية لأداة «نيابية» من أدوات العضو وقد تكون الأكثر استخداماً لدى بعض النواب، أمر مستغرب.

والأنكى من ذلك فئة من النواب لاتقدم سوى بيانات الاستنكار و «التحلطم» في الصحف على أداء الوزارات، وكأن الرسالة التي يريد أن يوصلها النائب للناخبين لا لوم علي «اللهم بلغت اللهم فاشهد» ، ونسي سعادته أن عمله ينبغي أن يكون تحت قبة المجلس لا على صفحات الصحف. وغاب عنه أن بإمكانه استخدام أدواته الرقابية التي يحق له استخدامها متى أراد لمناقشة وتصحيح الوضع الذي قد يراه غير مناسب.

طبعاً لانقصد أن ينكفئ النائب على نفسه بعيداً عن السلطة الرابعة، وإنما المراد أن بيانات النواب الإعلامية ينبغي أن تكون مدروسة وذات أهداف وتستخدم كورقة ضغط في الوقت المناسب، لا أن يبرئ النائب ساحته ويخلي مسؤوليته ببيان صحفي ويعطل أدواته الرقابية ظاناً أن ذلك التصرف سيخرجه من دائرة سخط المواطنين وسيسجل له عذراً يبعده عن دائرة النقد.عموماً أمام النواب دور الانعقاد الأخير الذي من المقرر أن ينعقد الشهر المقبل لقلب الآية وتفعيل أدواتهم الرقابية بدلاً من الإكثار من بياناتهم الصحافية.