تحدثت في مقالي السابق عن أهمية الإنعاش السريع للنظام التعلمي باعتبار المدارس هي مصانع العقول والوعي والشخصية، وكما قيل (افتح مدرسة أغلق سجناً)، وهذا يبين الدور الهام للنظام التعليمي في تخريج طاقات بشرية تتميز بالوعي والعلم والمهارات التي تؤهلهم لبناء مجتمعات آمنة ومتطورة. وعلى سبيل المثال سأتحدث اليوم على 3 مرتكزات

مناهج مطبوعة

هل يجب أن يدرس الطالب من كتاب مطبوع!! لو أن أحدهم سألني هذا السؤال قبل 20 عاماً لأجبت بأن الكتاب المطبوع من أساسيات العملية التعلمية، ولكني الآن أجزم بأن هناك طرقاً ناجعة ومبتكرة في التعليم، وما جائحة كورونا إلا شاهد على ما أعتقد به، فالكثير من المدارس استغنت عن الكتب الدراسية، بمواد مصورة، ومواد علمية أكثر جذباً للطالب، كما أن المراجع مفتوحة ومجانية، بل تأتي بقوالب متعددة تغنينا عن الكتاب المطبوع!! لماذا أقول هذا الكلام، أقوله لأننا عندما نجد معلومة خطأ أو معلومة تحتاج إلى تحديث، يقال لنا: سوف يتم اتخاذ الإجراء اللازم في الطبعة الجديدة.

فلنفكر في شكل مبتكر للمقرر الدراسي، فالعالم بدأ يستخدم الواقع الافتراضي المعزز في المقررات، ونحن مازلنا نستنزف ميزانيتنا في طباعة الكتب.

والأهم من الطباعة هو المحتوى، فهل المحتوى مناسب لواقع ومستقبل طلابنا.

مهارات

هل دور المدارس هو تلقين أبنائنا مواد علمية، أم دورهم يتعدى ذلك لتحقيق مفهوم «التربية والتعليم»، هل هناك مهارات تعلم لأبنائنا الطلبة مثل مهارات التعامل مع مختلف الشخصيات «مهارة فن الاختلاف»، أو تعليمهم مهارات الإتيكيت والذوق العام «مهارات السنع»، أو مهارات البحث العلمي «كيف تبحث عن المعلومة في محركات البحث»، أو مهارات التعامل مع التطبيقات الإلكترونية الاجتماعية، أو مهارات التفكير النقدي، أو مهارة العصف الذهني، أو مهارة الإنفاق والترشيد.. وتطول القائمة..

أتذكر هنا موقفاً طلب أحد الأساتذة أن نفتح الكتاب للإجابة على الامتحان، استغربت!! أيعني أن نغش!! ضحك وقال open book Exam!! كل الأنظمة المدرسية التي التحقت بها سابقاً كانت تستوجب أن تكون الطاولة أثناء أداء الاختبارات خالية ما عدا من القلم الذي سأستخدمه في الكتابة، كنت أعتقد حينها أن فتح الكتاب سيجعلني أجد الإجابة سريعاً وأنقلها حرفياً، ولكني تعلمت حينها أن الأستاذ كان يريد أن يطور مهارة البحث عن المعلومة وتوظيفها في الإجابة !! للأمانة لم يكن الموضوع سهلاً حينها، فالبحث أصعب من حفظ المعلومة وتفريغها.

سعدت جداً لمعرفتي أن أبنائي لديهم مقرر «دراما»، لطالما تمنيت أن يتعلم أبنائي مهارات العرض والتقديم ومهارات مواجهة الجمهور، وعرض أفكارهم بأريحية، وكم أتمنى أن لا تختزل هذه المقررات في مدارس معينة، وأن يتم إحياء دور «مركز الموهوبين» وأن لا يكون مجرد مركز واحد، بل يكون جزءاً من كل مدرسة، وهذا لن يحدث إلا إذا تم استحداث وظيفة «موجه مواهب» أو «قناص مواهب» في كل مدرسة، يكون دوره اكتشاف المواهب، وصقلها. وتشبيكها بمراكز الشباب التابعة لوزارة الشباب في عملية تكاملية تضمن لنا استدامة اكتشاف ودعم المواهب.

المعلم القدوة

يلعب المعلم الكثير في تشكيل شخصية الطالب، ولكل منا قصة من معلم رائع أثر فينا إيجاباً فجعلنا نحب المقرر ونقتدي به، ومعظمنا أيضاً تعرض لمعلم أثر فينا سلباً فجعلنا نكرهه ونكره المقرر بل وأحياناً نكرة المدرسة بأكملها. إن اختيار المعلم الصالح، غير المؤدلج، والتربوي القدوة من أهم الأمور التي يجب أن نلتفت لها، وكذلك يجب تطوير مهارات المعلمين، وإرشادهم إلى أحدث الأساليب التعليمية، وإمدادهم بالمواد اللازمة لتنفيذ الحصص الدراسية على أكمل وجه. حيث اشتكى لدى عدد من المعلمات بأنهن يشترين المواد التعليمية من حر مالهم، بغية تحقيق الهدف التعليمي. واشتكى آخرون من العمل الإداري المصاحب لعملية التدريس الذي يفقدهم طاقتهم، واشتكى آخرون من ضرورة مراجعة رواتب المعلمين وحوافزهم..

رأيي المتواضع

النظام التعلمي، أحد أعمدة الإصلاح كما ذكر تقرير إصلاح سوق العمل، فهل جلس المسؤولون على طاولة مستديرة، وناقشوا الموضوع باستفاضة، واستعانوا بأفضل الممارسات العالمية، وسمعوا صوت الطالب وولي الأمر والأساتذة بدون تحسس، فالحقيقة هي وليدة الجدل!!