الكابتن بيلي: شيخ البحرين رفع العلم
التركي لمواجهة أي تهديد فارسي
محمد علي أمر خورشيد باشا بعدم التدخل في شؤون البحرين
خوف بريطانيا من شريك بمياه الخليج كان
على قائمته تركيا وفرنسا وروسيا
الاتفاقيات مع شيوخ الخليج نصت على دخولهم في مفاوضات مع القوى الأجنبية
في الأرشيف البريطاني مراسلات عديدة خاصة بالنشاط التركي بالخليج
العام 1839 تعرضت البحرين لتهديدات قوى عربية إقليمية
توقيع اتفاقية تفاهم بين عبدالله بن أحمد
ووالي الإحساء 7 مايو 1839
مصادر بريطانية: «البحرين ستكون القوة التركية أو المصرية» المتنقلة بالبحر
محمد رفعت زار البحرين ووجد عدداً من المعارضين للحكم التركي
عبدالله بن أحمد لمحمد أفندي: «العجم أرادوا أن أكون من تبعيتهم ولم أعطهم جواباً».
عبدالله بن أحمد يدفع 750 «كراون» من جيبه زكاة لمحمد علي باشا
محمد بن خليفة يهدد السلطة البريطانية بتبعية الباب العالي




بحسب رئيس جمعية تاريخ وآثار البحرين د.عيسى أمين، فإن المصادر البريطانية العام 1859، تذكر أن حاكم البحرين الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة، بدأ في الاتصال بالسلطتين الفارسية والتركية، محاولا أن يلعب بالواحدة ضد الأخرى، وكلاهما ضد الحكومة البريطانية، محذرا من انه إذا ما تحالف مع إحدى القوتين، فإنه في هذه الحالة سيفرض سيطرته على الرعايا البريطانيين «التجار الهنود» في البحرين.
ما تذكره المصادر البريطانية، جاء على خلفية خوف المملكة المتحدة، المهيمنة على بحار الخليج، من أن يأتي ضيف آخر لينافسها على هذه الثروة، في هذه المناطق الهامة، وعلى قائمة الأعداء تركيا وفرنسا وروسيا.
يقول د.عيسى أمين في نبشه المتواصل في أوراق دار الاعتماد البريطانية: إن بريطانيا الإمبراطورية في الهند والمسيطرة على بحار الشرق وموانئ الخليج كانت -هذه القوة العظمى- تخشى منافسة القوى الأخرى لها في هذه المناطق الهامة، وعلى قائمة الأعداء كانت تركيا وفرنسا وروسيا، وحتى القوى الإقليمية العربية لذا فإننا نجد أن هذا الخوف الدائم انعكس على صيغة الاتفاقيات الموقعة مع شيوخ الخليج والتي تنص على عدم دخولهم في مفاوضات أو اتفاقيات أو حتى السماح بتأسيس مراكز تجارية لهذه القوى الأجنبية على أراضي المناطق التابعة للشيوخ إلى جانب عملية الرصد الدائم لتحركات هذه القوى في مياه الخليج، وبصورة خاصة وتدوين كل حدث يتعلق بهذا الأمرالهام بالنسبة لبريطانيا، وبذلك اجتمعت في الأرشيف البريطاني مراسلات عديدة خاصة بالنشاط التركي في منطقة الخليج ونستطيع اليوم أن نقرأ البدايات الأولى في علاقة البحرين بالوجود العثماني في الخليج متمثلاً في شرق الجزيرة العربية والكويت والبصرة.
البحرين القوه المتنقلة في البحر
العام 1839، تعرضت البحرين التي كانت تحت حكم الشيخ عبدالله بن أحمد إلى تهديدات من قوى عربية إقليمية تمثلت في المد القادم من الجزيرة العربية والآخر القادم من عمان، في نفس العام ازداد ثقل الأتراك في المنطقة الشرقية من الجزيرة العربية وذلك بعد وصول خورشيد باشا، ومعه قوة كبيرة من الجنود إلى الإحساء، والقطيف واتصاله فور وصوله إلى هناك بشيخ البحرين طالباً التموين لجيشه.
انتهز الشيخ عبدالله بن أحمد الفرصة ووقع اتفاقية تفاهم مع محمد أفندي رفعت وإلي الإحساء، والنائب عن خورشيد باشا في 23 صفر 1255هـ الموافق 7 مايو 1839. وكان هدف الشيخ عبدالله بن أحمد حماية البحرين من التدخلات الأجنبية، وهدف الأتراك الحصول على الحليف الذي يمتلك القوة البحرية، وتذكر المصادر البريطانية بأن «البحرين سوف تكون القوة التركية «أو المصرية»، المتنقلة في البحر شمالاً وجنوباً والحصول على أسطولها البحري يعني الديناميكية العسكرية وسرعة تنفيذ القرارات». في 26 يناير 1839، زار محمد أفندي رفعت البحرين وشاهد فيها مبعوث حاكم أبوشهر، ومبعوث حاكم بغداد، ووجد أن محمد بن سيف وفهد بن عفيصان وسليمان بن هديب وجميعهم من المعارضين للحكم التركي أو « المصري» في شرق الجزيرة متواجدين في البحرين مما يعني التهديد الدائم للوجود التركي في شرق الجزيرة، لذا فإنه من المهم الاتفاق مع شيخ البحرين، وكان طلب الشيخ عبدالله بن أحمد من الأتراك الأمان ويعني ضمان الأمن لبلده، وتمت مناقشة الاتفاقية مع محمد أفندي رفعت في خورحسان في 7 مايو 1839.
أمان الله وأماننا وأمان أفندينا
واطلع الشيخ عبدالله بن أحمد محمد افندي على مراسلات من حاكم أبوشهر ، وحاكم إقليم فارس وكيل اصفهان ، وقال « أما العجم فإنهم أرادوا أن أكون من تبعيتهم وكاتبوني وأنا في السابق كنت متوقفاً معكم خوفاً منكم لأننا سمعنا عنكم أن ما تفعلونه بالرعايا أمور عظيمة، وحيث أنه من مدة توجهك من عندنا سابق لغاية تاريخه صرنا نبحث عن أفعالكم مع غيرنا فلم نر وقع ما يذكره الناس وحينئذ تركت الخوف منكم، ولهذا السبب لم يحصل بيني وبين العجم اتفاق ولا أعطيتهم جواباً».
ومنح الشيخ عبدالله بن أحمد الأمان التالي: «من خورشيد باشا سر عسكر نجد إلى جناب المكرم عبدالله بن أحمد آل خليفة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد الذي نعرفك به أننا أعطيناك أمان من طرفنا أمان الله وأماننا وأمان أفندينا محمد علي باشا على أموالك وحلالك ورعاياك، وأن البحرين في يدك أووكيلاً الذي تحطه من طرفك على الاتفاق والعهد الذي يصير بينك وبين محمد أفندي معاوننا ووكيلنا من حيث إنه وكيلاً مفوضاً من طرفنا في ربط الأمور معك، كما اتفقت أنت وهو عليه وعاهدته عليه فهو ماشي عندنا وعلى هذا عهد الله وميثاقه والله على ما نقول وكيل».
وأرسل الشيخ عبدالله بن أحمد إلى خورشيد باشا رسالة يقول فيها « فقد صار الصلح بيننا وبينكم على يد محمد افندي وصار حالنا معكم حال واحد إنشاء الله تعالى ما تشوفون منا الا ما يسر خاطركم بحول الله وقوته وأنت سالم والسلام».
الزكاة لمحمد علي باشا
ويترجم المقيم السياسي في بوشهر صموئيل هنيل « 1838 – 1852» معنى الاتفاقية السرية التي تقول «هذا نص الاتفاقية الموقعة بين الشيخ عبدالله بن أحمد ومحمد أفندي رفعت وكيل خورشيد باشا «حاكم المناطق التابعة لصاحب السمو محمد علي باشا»، وأن الصديق واحد والعدو واحد وأنني - عبدالله بن أحمد- سوف أقوم بدفع الزكاة لمحمد علي باشا مبلغ 3000 كراون سنوياً وسوف أدفع أنا 750 «كراون» أما الباقي 2250 سوف تدفع زكاة وذلك ليتصرف بها على ما يشاء، وذلك ضمان أن تكون البحرين في يدي».
بعد هذه المعاهدة يكتب المقيم السياسي صموئيل هنيل رسالة إلى صاحب السعادة خورشيد باشا قائد القوات المصرية في نجد يقول فيها: استلمت رسالتك المؤرخة 18 محرم والتي أرسلتها بيد صاحب ثقتك ووكيلك محمد أفندي، وتذكرون فيها حقوق صاحب السمو محمد علي باشا في جزر البحرين.
«يطيب لي أن أبلغ سعادتكم بأن البحرين ليست تابعه لنجد وليس لصاحب السمو محمد علي باشا أي حق فيها وأنني كما أكدت لكم سابقاً بأن تصرفاتكم في البحرين وسواحل الجزيرة العربية مخالفة لاتفاقيات ممثلكم، وحكومة أنجلترا في لندن وأنني لن أدخل في مناقشات معكم في هذا الموضوع خاصة بأن ما ذكرتم في رسالتكم مخالف للاتفاقيات بين حكومة مصر والحكومة في انجلترا».
29 مايو 1839: بعد هذه الرسالة يكتب محمد علي باشا رسالة إلى خورشيد باشا في 11 يونيو 1839 يأمره فيها بعدم التدخل في شؤون البحرين.
وفي 1847: يكتب المقيم السياسي صموئيل هنيل تقرير عن التهديد التركي للبحرين ويقول «يحاول الأتراك إقناع الشيخ محمد بن خليفة إن يكون تابعاً للباب العالي ولقد أرسل متسلم البصرة رسالة إليه يطالبه بإعلان التبعية للسلطان العثماني، وأن يرسل قائمة بالسفن والبحارة التابعين إليه من أجل قيدهم في سجل خاص وبالفعل زارت سفينة حربية تركية الخليج، ورغم عدم توقفها في البحرين فإن هدفها الرئيس إقناع شيوخ الخليج بالتبعية للباب العالي. ورغم أن الشيخ محمد بن خليفة قام بإرسال جواب مبهم لرسالة متسلم البصرة، فإنه أكد شكواه للمقيم السياسي من الضرائب المفروضة من قبل جمارك بومبي على رعاياه والتابعين له وأنها أكثر من تلك المفروضة على رعايا شاه فارس ، وأمام مسقط ولذا فإنه إذا ما لم تغير السلطة البريطانية موقفها هذا منه فإنه مضطر لأن يكون مثل شيخ الكويت تابعاً للباب العالي لذا فإنه من الضروري أن تتخذ حكومة الهند البريطانية إجراءات سريعة لتصحيح الوضع المذكور.. المقيم السياسي الماجور صموئيل هنيل، 10 مايو 1847.
وجاء الرد من حكومة بومبي على مذكرة المقيم وتقول الرسالة «بالنسبة لموضوع محاولة الأتراك السيطرة على البحرين إنه من المطلوب بقدر الإمكان منع القوى الأجنبية من التدخل في أمور البحرين، ومن جانب حكومة الهند البريطانية فإنها مطالبة في أن تبقى في أعلى مراتب السيطرة لكي تبقى على ما حصلت عليه بعد أن دفعت الثمن الغالي لذلك. «31 يوليو 1847».
أما مجلس الإدارة في حكومة بومبي فلقد قرر التدخل العسكري البحرين لمنع مثل هذه المحاولات 6 أكتوبر 1847، في موقع آخر تذكر المصادر البريطانية بأنه في عام 1853، رصدت الدوائر البريطانية مبعوثاً قادماً مصر على السفينة فيكتوريا من السويس إلى عدن، وكان المبعوث بهجت أغا افندي والوفد المرافق له توجه من عدن إلى بومبي، ومن بومبي استأجر سفينة تنقله إلى مسقط، ومن ثم إلى البحرين، وبعد مقابلة الشيخ محمد بن خليفة عاد بهجت أغا إلى القاهرة يرافقه مبعوث من شيخ البحرين وهدايا وخيل عربية إلى الخديوي عباس باشا في مصر.
العام 1859: تذكر المصادر البريطانية أن الشيخ محمد بن خليفة بدأ في الاتصال في السلطة الفارسية والسلطة التركية، ويحاول أن يلعب بالواحدة ضد الأخرى وكلاهما ضد الحكومة البريطانية وإذا ما تحالف مع إحدى القوتين فإنه في هذه الحالة سوف يفرض سيطرته على الرعايا البريطانيين « التجار الهنود» في البحرين.
وترصد المقيمية في بوشهر بأن الشيخ محمد بن خليفة أرسل موفداً من طرفه في 1859 إلى بغداد مقدماً الولاء للباب العالي ، ونظراً لغياب الحاكم العام عن بغداد تأخر النظر في هذا الطلب، وعندما عاد مصطفى نوري باشا أرسل وبصورة سريعة محمد بك للبحرين للتأكد من نية الشيخ محمد بن خليفة والتي إذا ما تأكدت له عليه رفع العلم التركي على بيت الحاكم، وبالفعل تم رفع العلم التركي في البحرين.
في سبتمبر 1860 أرسل المقيم السياسي في بوشهر» الكابتن جيمس فيلكس جونز - أكتوبر 1855 - أبريل 1862- مذكرة إلى حكومة الهند البريطانية يطلب منها التعليمات إزاء هذا الوضع الجديد في البحرين.
جاء رد الحكومة في 8 سبتمبر 1860 كالتالي: « أود أن أبلغك بأن نسخة من هذا المرسل سوف ترسل إلى وزير الدولة في حكومة صاحبة الجلالة عن طريق البريد البري، ونطلب من حكومة صاحبة الجلالة التوجيهات في هذا الخصوص وإلى أن يصل لنا الرد من حكومة صاحبة الجلالة فإن المجلس يود أن يبلغكم بالإرشادات التالية التي سوف تساعدكم في التعامل مع هذا الموضوع والخاص بقضية البحرين استقلال أو عدم استقلالها، موضوع تضع حكومة صاحبة الجلالة الجواب له ولكن أنت مطالب بالمحافظة على الأمن والسلام في الخليج سواء بالطرق الدبلوماسية أو استعراض القوة إلى أن يأتي الجواب النهائي ، ومهما أبدى شيخ البحرين من تبعية للقوى الأخرى فإنه لن يسمح له بالتدخل في أمور المناطق المحمية من قبل بريطانيا، وإذا ما حدث ذلك فإن للمقيم التصرف بالطريقة التي يراها مناسبة حتى لو أضطر لاستخدام الأسطول على أن نتحاشى استخدام القوة، والتي تنص عليها الفقرة الرابعة من اتفاقية 1820 لأننا في هذه الحالة سوف نكون في مواجهة مع قوى عظمى «فارس وتركيا والمتحالفة مع بريطانيا حالياً»، وليس مع شيخ البحرين، في نفس الوقت يجب منع القبائل المجاورة أو أي حلف من القبائل الأخرى التدخل في البحرين.
ويبقى السؤال الأصعب إذا ما حاولت فارس أو تركيا فرض سيطرتها على البحرين ، ولقد كتب الكابتن لويس بيلي قائلاً: « بأن شيخ البحرين رفع العلم التركي في مواجهة أي تهديد فارسي لبلده» إذا ما كان هذا الكلام حقيقة فإن تصرف الشيخ لم يكن مناسباً أو مقبولاً.
أما في حال سيطرة إحدى القوتين فإن الحاكم العام في الهند يطلب منك عدم التدخل مع الاعتراض بشدة على الحدث وإخبارهم بأن الموضوع لدى حكومة صاحبة الجلالة للمناقشة، وفي نفس الوقت عليك إبلاغ وكلاء القوتين بأنه سوف يكون من غير المقبول لدى بريطانيا أي اعتداء من البحرين تجاه القبائل المجاورة وان بريطانيا سوف تواجه مثل هذه الأمور بالقوة. اننا بهذه التوجيهات نحاول أن لا نضع حكومة صاحبة الجلالة مع وضع محرج وأن نحافظ في نفس الوقت على الأمن والسلام في الخليج، ومكانة بريطانيا فيه .
في 11 سبتمبر 1860 أرسلت حكومة بومبي رسالة إلى وزير الدولة في حكومة صاحبة الجلالة رسالة تطلب فيها التوجيهات في قضية البحرين على أن يكون في الاعتبار بأن الأمن والسلام البحري والذي حافظت عليه بريطانيا لمدة طويلة يتطلب بأن لا تكون البحرين تابعة لتركيا أو فارس وأن يتم الاعتراف باستقلال البحرين وأن يتم الالتزام بالمعاهدات، والتي من شأنها حماية التجارة الإنسانية وأمن الناس والتي التزمت بها حكومة بريطانيا، وإننا نعتقد بأنه ليس من مصلحة البحرين بأن ترتبط بفارس أو تركيا. ووافق وزير الدولة على هذا الرأي في رسالة أرسلت إلى حكومة بومبي في 10 فبراير 1861.
وبدأت حكومة بريطانيا في تطبيق سياستها تجاه البحرين، والتي تزامنت مع حصار أسطول البحرين للدمام والقطيف، وفي 18 مايو 1861 وصل المقيم السياسي فيلكس جونز «يرافقه الأسطول البريطاني» إلى البحرين وطالب الشيخ محمد بن خليفة رفع الحصار عن الموانئ المذكورة وتطلب ذلك تدخل الأسطول بقيادة القائد البحري « درفت» لإنهاء الحصار وتلا ذلك تنازل الشيخ محمد بن خليفة عن قراره وتعيين أخاه الشيخ علي بن خليفة مفاوضاً ونائباً عنه، وفي 21 مايو 1861 تم توقيع اتفاقية السلام والتي يلتزم فيها الشيخ بالسلام والأمن البحري، وفي نفس الوقت أن يتم احتجاز السفينة «الحمره» التابعة للشيخ محمد بن خليفة إلى أن تتأكد حكومة الهند من تطبيق بنود الاتفاقية المذكورة.
بريطانيا تقصف الدمام والحاكم التركي يحتج
احتج الحاكم التركي في بغداد على هذه الاتفاقية وأرسل مستفسراً بأي حق تقوم بريطانيا بعملية قصف الدمام، والتي تقع في مناطق « فيصل بك قائم مقام نجد» والتابع للسلطان التركي، وجاء الرد من القنصل العام لحكومة صاحبة الجلالة في بغداد قائلاً: إننا لا تزال لنا علاقة مباشرة مع الأمير فيصل، وكذلك مع زعماء المناطق الواقعة على سواحل الخليج وأن سياستنا في الخليج معروفة وأننا في تطبيق هذه السياسة لم نعترف بأية سلطة للقوى الأخرى على هذه المناطق وخاصة الباب العالي الذي لم يمارس أية سلطة عليها في الماضي أو الحاضر» وأرسلت نسخة من هذا الجواب إلى سفير صاحبة الجلالة لدى الباب العالي في القسطنطينية. وقد كان الاعتقاد بأن التدخلات التركية في شؤون البحرين سوف تنتهي بعد هذه الاتفاقية ولكنها في الحقيقة استمرت إلى فترة حكم الشيخ عيسى بن علي آل خليفة حيث أرسلت له رسالة من متصرف الإحساء الذي قصد من عنوان الرسالة أن يكون الشيخ عيسى تابع للسلطة العثمانية:
على غلاف الرسالة كتب المتصرف إلى شيخ جزيرة أوال، وفي طي الرسالة يطالب متصرف الإحساء من الشيخ عيسى بن علي في يوليو 1888 تبادل بعض المطلوبين من قبل السلطة التركية في الإحساء، والذي اتخذوا من البحرين ملجأ، وبنفس العنوان يطالب فيها من الشيخ تنفيذ بعض الأمور المتعلقة بالحجاج العابرين، وكان تعليق الحكومة البريطانية في يوليو 1888 على هذه الرسائل يحتوي على تساؤل عن مدى جرأة متصرف الإحساء في أن يخاطب حاكم البحرين المستقل وكأنه موظف تابع له، وطلبت من المقيم السياسي إدوارد تشارلز روس « أكتوبر 1872 – مارس 1891»، إبلاغ الشيخ عيسى بن علي طلب حكومة بريطانيا رفض الرسائل الواردة من متصرف الإحساء إذا ما كانت تحمل العنوان بنفس الطريقة السابقة، والتي كان الأتراك يقصدون من ورائها بأنهم أسياد الإحساء وما البحرين إلا جزيرة أوال التابعة لإقليم الإحساء سابقاً والتي يعتقد بعض المؤرخين بأنها سميت باسم أوال بن ربيعة الفاتح، والبعض الآخر بأنها اسم لصنم تابع لبكر بن وائل وتغلب .
بعد هذه الرسالة الأخيرة «يكتب المقيم السياسي في بوشهر في أغسطس 1890 بأن البحرينيين المقيمين في البصرة قدموا التماس إلى القنصل العام الفارسي في البصرة وبطريقة سرية اتصلوا بممثلي السلطة البريطانية هناك، طالبين حمايتهم من التجنيد الإجباري في جيش العثمانيين لكونهم بحرينيين مقيمين في البصرة. وقد وجد المقيم السياسي بأن عددهم يبلغ بين 5 إلى ستة آلاف مواطن بحريني وتعهدت بريطانيا حمايتهم إذا ما استلمت طلباً من حاكم البحرين.
كانت هذه آخر وثيقة في العلاقات التركية البحرينية والتي احتواها الأرشيف البريطاني في دار الاعتماد.
السبت المقبل، يتواصل الحوار مع د. عيسى أمين حول الاهتمام البرتغالي بلؤلؤ البحرين قبل الإنجليز