طالب بإغلاق السفارات الإيرانية باعتبارها "مراكز تجسس"

رئيسي يريد مواصلة المشاريع النووية والصاروخية وتصدير الإرهاب في المنطقة



إيران الآن مثل برميل البارود ويمكن أن ينفجر في أي لحظة

اللهيان محاولة لمواصلة مسار قاسم سليماني

ما تم تسريبه من سجن إيفين هو نزر يسير مما يحصل داخل السجون الإيرانية


عهدية أحمد السيد

أكد السجين السياسي السابق والشاهد على عمليات الإعدام الجماعية داخل السجون الإيرانية، وأحد الشهود في قضية الإعدامات الجماعية بمحكمة ستوكهولم، نصر الله مرندي، أن النظام الإيراني لن يتغير سلوكه تجاه مواطنيه وتجاه المنطقة والعالم إلا بتغييره، مشيراً إلى أن النظام ينتهج نهج تصدير الأزمات إلى الخارج.

وقال في حوار مع "الوطن"، إن ما تم تسريبه من سجن إيفين، هو نزر يسير مما يحصل داخل السجون الإيرانية، وهذا ما تسجله الكاميرات، فضلاً عن ما لا يتم تسجيله أو في غرف لا توجد فيها كاميرات أو حتى إنسانية أو قانون.

وشدد على ضرورة إغلاق السفارات الإيرانية في مختلف دول العالم، فإنها مراكز للتجسس ولتنفيذ المخططات الإيرانية في الدول التي تتواجد فيها، مشيداً بخطوات البحرين تجاه إيران.

وفيما يلي نص الحوار:

- متى ولماذا تم إلقاء القبض عليكم، وكم من الوقت أمضيتم في السجن؟ ما هي الظروف العامة للاعتقال والسجن؟ وكيف عاملوا السجناء؟

تم التعرف علي من قبل قوات الحرس الثوري في نوفمبر 1981 أثناء تنقلي في طهران، حيث أوقفوني. لم أهتم بإيقافهم وهممت بالهروب، فقاموا بإطلاق النار علي، وأصابتني الرصاصة في رجلي وبعدها تم اعتقالي، ونقلي في البداية إلى المستشفى المركزي التابع لقوات الحرس، والذي كان أيضًا غرفة تعذيب، وبعد ذلك، وبينما كنت لا أزال مصابًا، تم نقلي إلى الفرع الثامن من سجن إيفين. وبقيت مسجوناً لمدة عشر سنوات في سجون ايفين وقزل حصار وجوهردشت.

وكان سبب اعتقالي أيضًا أنني من أنصار منظمة مجاهدي خلق الإيرانية. كانت ظروف السجن صعبة للغاية في ذلك الوقت، والظروف التي مررت بها مروعة، ومعاملة السجناء هناك كذلك أيضاً. وللحصول على معلومات، فإن أولئك الذين تم اعتقالهم تعرضوا للتعذيب المنهجي حتى الموت، وكان التعذيب بشكل لا يوصف. ما تم الكشف عنه في الأيام الأخيرة بعد اختراق کامیرات سجن إيفين هو جزء ضئيل للغاية من الضغط والتعذيب والمضايقات والانتهاكات التي يتعرض لها السجناء، وخاصة السجناء السياسيون، في السجون الإيرانية، وتحديداً في سجن إيفين أو غزل حصار، حيث كنت مسجوناً.

وصور الفيديو المسربة لسجن إيفين هي مجرد مشاهد حدثت أثناء نقل سجين، وهذا وضع روتيني في السجن. من هذه الحالات یمکن استخلاص النتیجة ‌مما يجري في غرف التعذيب وغيرها من الأماكن حيث لا توجد كاميرا على الإطلاق.

- أنتم أحد الشهود على مجزرة عام 1988. ما قصة هذه المجزرة ولماذا أصدر الخميني مثل هذه الفتوى وكيف تم تنفيذ هذه الفتوى وكم عدد الضحايا الذين قتلوا؟ كيف ترون هذه المجزرة؟

الحقيقة أنه في صيف عام 1988 أصدر الخميني فتوى يأمر بقتل جميع السجناء السياسيين المنتمين إلى مجاهدي خلق الذين كانوا يقضون عقوباتهم ورفضوا الاستسلام.

وبعد مرور بعض الوقت، انتشرت موجة إعدامات بحق السجناء السياسيين الآخرين، بناء على أوامر فرق الموت، تم تحديد مصير السجناء السياسيين في طهران، وفي عدد من المدن في جميع أنحاء إيران.

وكان من بين أعضاء فرقة الموت في طهران إبراهيم رئيسي، الرئيس الحالي للنظام الذي كان آنذاك نائب المدعي العام، والملا مصطفى بور محمدي، والملا حسين علي نيري، ومرتضى اشراقي، وتم استدعاء السجناء أمام اللجنة.

وخلال دقائق معدودة تم تحديد مصير کل سجین سیاسي، وتم إعدام كل من ثبت على موقفه في دعم منظمة مجاهدي خلق الإيرانية وحرية إيران.

وهكذا، قُتل ما لا يقل عن 30 ألف سجين سياسي، أكثر من 90% منهم أعضاء وأنصار مجاهدي خلق، في غضون بضعة أشهر. وفي بعض الأيام، قُتل عدة مئات من السجناء في سجني إيفين وجوهردشت. وتم دفن الضحايا سراً في مقابر جماعية ليلاً.ونجا فقط عدد قليل من السجناء، بمن فيهم أنا، من هذه المجزرة.

وتعتبر هذه المجزرة هي واحدة من أسوأ الجرائم ضد الإنسانية في النصف الثاني من القرن العشرين، وهذ ما تمت الإشارة له في مؤتمر عقد مؤخرا على الإنترنت في 27 أغسطس 2021، بمشاركة ألف سجين سياسي، بمن فيهم أنا، حيث وصف رجال قانون دوليون بارزون الجريمة بأنها مثال واضح على "جريمة ضد الإنسانية" و"إبادة جماعية". كما أکد الأمين العام السابق لمنظمة العفو الدولية، الذي حضر المؤتمر، بهذه الحقيقة.

- أنتم أحد المدعين والشهود في محكمة حميد نوري الذي كان من المتورطين في مجزرة عام 1988، ما هي الشهادة التي قدمتموها في هذه المحكمة وما هو مطلبك؟ هل هذه المحكمة لا تتعامل إلا مع حميد نوري أم أنها تشمل أشخاصاً آخرين متورطين في المجزرة؟

نعم بالضبط، أنا أحد المدعين الرئيسيين في قضية حميد نوري. ويوجد العشرات من المدعين والشهود في هذه القضية، معظمهم من أعضاء وأنصار حركة مجاهدي خلق الإيرانية.

وبدأت الجلسة الأولى للمحكمة في 10 أغسطس. مثلت شخصيًا أمام المحكمة في 3 سبتمبر، وأتيحت لي الفرصة لتقديم بعض مشاهداتي المباشرة إلى المحكمة.

وشرحت للمحكمة على وجه التحديد بعض الحالات المحددة لتورط حميد نوري في تعذيب وإعدام سجناء سياسيين.

حميد نوري، الذي يُحاكم حاليًا أمام محكمة سويدية بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية، معروف لدى السجناء السياسيين باسم حميد عباسي وهو كان عضواً في قوات الحرس الإرهابي ووُظف بقضاء النظام وعمل موظفاً في السجون.

وعمل حميد نوري مساعداً لنائب المدعي العام في سجني إيفين وجوهردشت.

وكان لفترة طويلة تحت إشراف محمد مقيسه، الذي كان لنائب المدعي العام في سجن وأحد منفذي إعدامات مذبحة عام 1988، وتحديداً في سجن جوهردشت في كرج غربي طهران.

نوري قام شخصياً بدور رئيسي في نقل السجناء إلى لجنة الموت ومن ثم توجيههم إلى قاعة الإعدام.

على سبيل المثال، شرحت للمحکمة أنه قبل عام من بدء الإعدامات في السجون، تعرض زميل سجين يُدعى علي طاهرجويان لضغوط من قبل ناصريان وحميد نوري لتقديم معلومات عن السجناء الآخرين. وأخيراً هذا السجین أضرم النار في نفسه تحت الضغط في صيف عام 1988، وتمكنا من إطفاء الحريق بأنفسنا، لكنه كان في حالة سيئة، لكن حميد نوري لم يسمح بنقله إلى المستشفى لتلقي العلاج، وتوفي في النهاية بسبب نقص الرعاية الطبية.

وأوضحت أيضاً أنه كان هناك حوالي 180 إلى 200 شخص في العنبر الذي كنا فيه، جميعهم باستثناء عدد قليل منهم كانوا من أنصار مجاهدي خلق، أضربنا جميعاً عن الطعام، لمدة 40 يوماً، بسبب الوضع السیئ الموجود هناك، إلى أن هاجم حميد عباسي وناصريان وعدد من الحراس عنبرنا في أحد الأيام لكسر إضرابنا.

لقد شاهدت حالة أخرى لم تتح لي الفرصة للحديث عنها امام المحکمة ولم أتمكن من شرح الكثير عنها وهی قبل حوالي شهرين من بدء الإعدامات کان هناك أحد مؤيدي مجاهدي خلق، الذي تعرض لضغوط من قبل ناصريان وحميد عباسي لتزويدهم بمعلومات عن تنظيم مجاهدي خلق داخل السجن، وبسبب هذه الضغوط ألقى بنفسه من الطابق الثالث وتم بتر نخاعه الشوكي. وبعد ذلك، بينما كان على نقالة، أُعدم في 15 أغسطس في جوهاردشت.

وشهدت في المحكمة بأنني وقفت شخصيًا أمام فرقة الموت، وكان هناك خمسة أشخاص، وكان رئيس الوفد حسين علي نيري، وكان أعضاء الوفد الآخرون هم إشراقي، وبور محمدي، وشوشتري، رئيس قضاة النظام، وإبراهيم رئيسي.

كما شرحت كيف حاول ناصريان وحميد عباسي إنكار هويتنا كمؤيدين لمجاهدي خلق، وكانت هذه نقطة عزیمة لصمود ومقاومة السجناء.

وقد أوضحت للمحكمة أنه في عام 1988، أثناء مذبحة السجناء، كانت هناك ظاهرتان متعارضتان بشكل واضح. من ناحية، كانت هناك وحشية النظام وأعوانه في السجن، ومن ناحية أخرى، كانت صمودومقاومة وثبات أنصار مجاهدي خلق.

كما تحدثت عن الأيام التي شاهدت فيها العديد من أصدقائي يتم اصطحابهم إلى قاعة الموت عن طریق ممر الموت. وأن جرمهم وتهمتهم فقط هو اعترافهم أمام فرق الموت أنهم من أنصار مجاهدي خلق. وأعطيت للمحكمة أسماء عدد من مجاهدي خلق الذين تم إعدامهم.

إن مطلبي ومطلب جميع الناجين من تلك الجريمة وأهالي الضحايا الذين يتظاهرون أمام المحكمة كل يوم هو إنزال أقصى وأشد عقوبة بحق حميد نوري، المحكوم عليه بالسجن المؤبد بموجب القانون السويدي.

لكن رسالتنا الرئيسية هي أنه كما ورد اسم إبراهيم رئيسي عدة مرات في نفس المحكمة، يجب أن تعقد هذه المحكمة أو المحاكم الدولية المختصة أيضا بحق الجناة الرئيسيون ومرتكبو هذه الجريمة الذين لا يزالون في السلطة ويواصلون أعمالهم الإجرامية، وتحديداً خامنئي، وابراهيم رئيسي، وتقديمهم للعدالة. وهذا ما أكدته مراراً الرئيسة المنتخبة للمقاومة السيدة مريم رجوي.

- بصفتك ناشطًا سياسيًا وسجينًا سابقًا، بماذا تطالب المجتمع الدولي، وهل توافق على تغيير هذا النظام بمساعدة خارجية؟

بصفتي ناشطًا سياسيًا عاش في سجون النظام لمدة 10 سنوات، أعلم أنه لا أمل في التغيير في إيران من داخل هذا النظام، كما أكدت المقاومة الإيرانية ذلك منذ سنوات.

وقد ثبتت هذه الحقيقة للجميع بعد أن أظهرت الانتخابات الأخيرة التي تلاعب بها خامنئي، وهندسها لتنصيب رئيسي على كرسي الرئاسة.

أريد أن أستنتج من هذا أنه لا توجد طريقة أخرى في إيران سوى إسقاط هذا النظام واستبداله بجمهورية ديمقراطية. هذا البديل الآن یتمثل في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ورئيسته المنتخبة مريم رجوي.

وفي السنوات الأخيرة، عبر الشعب الإيراني عن رغبته في إسقاط النظام في الانتفاضات التي شهدتها البلاد، وتحديداً في انتفاضتي يناير 2018 ونوفمبر 2019، التي هزت أركان النظام، من خلال شعارات مثل "الموت للديكتاتور" و "الموت لخامنئي"، وأظهروا أن إمكانية واحتمال إسقاط النظام من قبل الشعب والمقاومة الإيرانية مادي وملموس للغاية.

وفي كل مرة كان يحدث ذلك كان يجب على الشعب الإيراني أن يدفع ثمن أي سیاسة المساومة والإسترضاء مع هذا النظام بدماء أفضل أبنائه. نطالب الغرب ودول المنطقة بالتعامل بحزم مع هذا النظام وإغلاق سفارات هذا النظام التي هي في الحقيقة مراكز تجسس في تلك الدول، وهو ما فعلته عدد من دول المنطقة ومنها دولة البحرين الشقيقة، وعلى الدول الأخرى أن تحذو حذوها. كما يجب على الدول الغربية ودول المنطقة الوقوف إلى جانب الشعب والمقاومة الإيرانية، والاعتراف بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية باعتباره البديل الديمقراطي الوحيد، هذه أمنيتي كناشط سياسي وهي كذلك رغبة الشعب الإيراني.

- ماهي خطط رئيسي للداخل الإيراني ولدول المنطقة مع صعوده كرسي الرئاسة؟

الحقيقة هي أن خامنئي لجأ إلى سياسات انكماشية لحل أزمات نظامه المستعصية. وتظهر هذه السياسة بشكل جيد في مجالين، القمع في الداخل وتصدیرالإرهاب والتدخلات السافرة في الخارج وعلى الساحة الدولية والمنطقة، ويعتقد خامنئي أنه بهذه الطريقة يمكنه مواجهة الانتفاضة ومواجهة الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها الشعب الإيراني.

وتحقيقاً لهذه الغاية، عيَّن رئيسي، الجاني الرئيسي في المجزرة التي نفذت بحق أعضاء مجاهدي خلق في عام 1988، رئيساً، وذلك من خلال القضاء على المنافسين والعمل على توحيد أسس نظامه.

وتشير الشخصيات التي اختارها رئيسي في تشكيلته الحكومية إلى نفس السياسة، فعلى سبيل المثال وزير الخارجية الجديد هو أحد أشد مؤيدي وأتباع قاسم سليماني، ويعتبر نفسه ممن يسيرون على طريق سليماني.

يعد تعيين حسين أمير عبد اللهيان الذي يملك تاريخ حافل بالعمل تحت أوامر قاسم سليماني منذ انطلاقته، هو محاولة لمواصلة مسار قاسم سليماني في المنطقة والعالم، وهو جزء من لغز خط الانكماش، الذي بدأه خامنئي من خلال تشكيل حكومة رئيسي لمواجهة الانتفاضة الشعبية. لكني لا أعتقد أن خامنئي سيتمكن من متابعة هذه السياسة ومنع اندلاع انتفاضة شعبية. لأن العقبة الرئيسية للنظام داخل إيران، أي الشعب والمقاومة المنظمة، والأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تحيط بالنظام من جميع الجهات ولا تسمح لهذه الحكومة بتنفيذ سياستها.

والآن، يحذر البعض مسؤولي هذا النظام بانفسهم، مشيرين إلى أن الشعب "ليس لديه ما يخسره"... "لهذا السبب لا مجال للخطأ وأي ضغط آخر يمكن أن يمزق حجاب صبر الناس".

لذا يريد رئيسي مواصلة المشاريع النووية والصاروخية وتكثيف القمع والاستمرار في سياسة تصدير الإرهاب والتدخل والتوسع في المنطقة. لكنه لن يكون قادرة على فعل ذلك أبداً، لأن إيران الآن مثل برميل البارود، ويمكن أن ينفجر في أي لحظة بشرارة واحدة.