من أرض الخلود إلى قلعة العرب، كانت مسيرة الرحلة الملكية، حيث التئم لقاء تاريخي جديد بين القادة الكبار ليعيدوا التأكيد على عمق العلاقة وأصالة الهوية التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين. فما بين المنامة والقاهرة شريان دم عربي واحد، حيث التاريخ الممتد إلى آلاف السنين، عمر حضارات خالدة صنعت تاريخ العالم، ورسمت للبشرية أولى خطواتها نحو والمدنية التحضّر. فالزيارة الملكية الأخيرة إلى جمهورية مصر العربية، واللقاء الذي جمع جلالة الملك المفدى بأخيه فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، تندرج بإطارها الأول في تعزيز العلاقات الأخوية بين البلدين والشعبين الشقيقين، السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب الاهتمام المشترك بأمن المنطقة العربية واستقرارها وازدهارها.‏

وينبع التوافق الكبير في مختلف الملفات بين الجانبين من رؤية حكيمة لجلالة الملك المفدى وأخيه الرئيس المصري، عنوانها الأول، أهمية تنسيق المواقف لمواجهة التحديات التي تمر بها المنطقة وتهدد أمن وسلامة الدول العربية، إلى جانب النظرة المشتركة والأمل في بناء غدٍ أكثر إشراقاً للأجيال القادمة، بعيداً عن كل تموج به المنطقة من صراعات وتحديات.

ويأتي هذا التطابق في المواقف بين البلدين إزاء القضايا الإقليمية والدولية، في ‏إطار التزامهما بمكافحة الإرهاب والتطرف وصون الأمن القومي، ودعم السلام العادل والشامل في المنطقة، ‏ورفض التدخلات الخارجية في الشؤون العربية، وحل النزاعات بالطرق ‏الدبلوماسية، والدفاع عن مصالح الأمة العربية وحق شعوبها في الحياة. الرسالة الأوضح في الزيارة الملكية كانت تأكيد وقوف البحرين إلى جانب مصر وداعمها في كل ما تتخذه من إجراءات لحماية أمنها واستقرارها وتأمين حدودها وأراضها وسلامة شعبها، وتأكيد المساندة البحرينية للحقوق مصر المائية ودعم مساعي القاهرة في التوصل لاتفاق ملزم لحل مسألة سد النهضة وفق قواعد القانون الدولي. أما الجانب الاقتصادي فكان له نصيباً وافراً من الزيارة، حيث ارتفع حجم التجارة بين البلدين إلى ما يزيد عن 500 مليون دولار، 60% منها صادرات بحرينية لمصر، فكان لا بد من العمل على تعزيز هذا الجانب من خلال زيادة معدل التجارة البينية والاستثمارات المشتركة، وتفعيل الاتفاقيات الموقعة. لقاء الزعيمين الكبيرين يؤكد ما يجمع البلدين من علاقات تاريخية عميقة أساسها التواصل المتين والمحبة والاحترام المتبادل، وهو ما جعلها نموذجاً مشرفاً للعمل المشترك الهادف لتكوين نواة صلبة لنظام عربي أكثر فاعلية وقدرة على مواجهة التحديات الداخلية والإقليمية والدولية على كافة الأصعدة.

* إضاءة:

«.. ويكفينا فخراً بأن يكون بلدينا مهداً لحضارتين عريقتين نجحتا في تشكيل وتقديم نموذجاً متميزاً في الاعتدال والانفتاح والتحضر للعالم أجمع، وسيبقى لمصر وأهلها مكانة عظيمة في عقولنا وقلوبنا، فهي أرض الكنانة والسلام والأمان». «جلالة الملك المفدى – 26 أبريل 2016».