لم يكن العراق بعيداً عما تعانيه البلدان الأخرى خلال فترات الحروب، فغير القتلى والجرحى والدمار، يبقى فقدان الآثار واحداً من أبشع الكوارث.

فبعد مرور 30 عاماً على اختفائه، أعلنت اليونيسكو، الاثنين، أنّ العراق سيستعيد الخميس لوحاً مسمارياً أثرياً عمره 3500 عام يحتوي على جزء من "ملحمة غلغامش" تبيّن للسلطات الأميركية أنّه سرق من متحف عراقي في 1991 ثمّ هُرّب بعد سنوات عديدة إلى الولايات المتّحدة.



ووفقاً للسلطات الأميركية فإنّ هذا الكنز الأثري سُرق من متحف عراقي في 1991 إبّان حرب الخليج الأولى، ثم اشتراه في 2003 تاجر أعمال فنيّة أميركي من أسرة عربية تقيم في لندن وشحنه إلى الولايات المتحدة من دون أن يصرّح للجمارك الأميركية عن طبيعة الشحنة.

وبعد وصول اللوح إلى الولايات المتّحدة باعه التاجر في 2007 لتجّار آخرين مقابل 50 ألف دولار وبشهادة منشأ مزوّرة.



أما في 2014 فقد اشترت هذا اللوح بسعر 1.67 مليون دولار أسرة غرين التي تمتلك سلسلة متاجر "هوبي لوبي" والمعروفة بنشاطها وذلك بقصد عرضه في متحف الكتّاب المقدس في واشنطن.

لكن في 2017، أعرب أحد أمناء المتحف عن قلقه بشأن مصدر اللوح، بعدما تبيّن له أنّ المستندات التي أُبرزت خلال عملية شرائه لم تكن مكتملة.

إلى أن صادرته السلطات الأميركية في أيلول/سبتمبر 2019، وصدّق قاضٍ فيدرالي في نهاية تمّوز/يوليو على إعادته إلى العراق.

قيمة هائلة

وعلى الرّغم من صغر حجمه، فإنّ قيمة هذا اللوح الأثري هائلة.

فقد أفادت المديرة العامة لليونيسكو أودري أزولاي التي ستحضر في واشنطن حفل تسليم السلطات الأميركية نظيرتها العراقية هذه القطعة الأثرية، بأن إعادة هذا الكنز الثقافي إلى أصحابه يمثل انتصاراً كبيراً على أولئك الذين يشوّهون التراث، وفق تعبيرها.

كما أضافت أنّ استعادة هذه القطعة الأثرية ستتيح للشعب العراقي إعادة التواصل مع صفحة من تاريخهم.



آلاف القطع المنهوبة

وفي تمّوز/يوليو أعادت الولايات المتحدة إلى العراق 17 ألف قطعة أثرية، يرجع تاريخ غالبيتها إلى أربعة آلاف سنة، ولا سيما إلى الحضارة السومري، إحدى أقدم الحضارات في بلاد ما بين النهرين.

الجدير ذكره أن الكنوز الأثرية العراقية كانت عانت من الإهمال والتدمير والنهب خلال الحروب التي عصفت بالبلاد في العقود الماضية، ولا سيّما في المرحلة التي أعقبت الغزو الأميركي في 2003.

أما اللّوح الأثري التحفة، فهو مصنوع من الطين ومكتوب عليه بالمسمارية جزء من "ملحمة غلغامش" التي تُعتبر أحد أقدم الأعمال الأدبية للبشرية وتروي مغامرات أحد الملوك الأقوياء لبلاد ما بين النهرين.