واحدة من الأمور التي يجب فتح ملفها هي عدم اكتمال قانون الأسرة من جهة فما زالت بعض الجوانب غير مغطاة وهذه ثغرة قانونية تم تأجيلها بسبب الحرص على إصدار القانون وتنحية الأمور التي لم يحسم الخلاف فيها إلى أن تستقر الأمور، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار الإشكاليات التي أخرت إصدار هذا القانون لعقود طويلة، أما الآن فإن الوقت قد حان لاستكمال بقية البنود وكذلك هناك المعضلة الثانية التي أخر البت فيها، والمعضلة الثانية هي ونحن في دولة المؤسسات والقانون مازلنا نستثني قضاة المحاكم الشرعية من التخصص القانوني.

تلك ثغرتان كان يجب العمل على استكمالهما خلال هذه السنوات التي أعقبت إصدار القانون خاصة وقد مضى عليه أربعة أعوام دون أن يفتح أحد ملف تلك الثغرات، وكأننا نمنا على ما هو ناقص ولم يكتمل، ولولا حركة النساء التي استغلت وسائل التواصل الاجتماعي بشكل جيد وطرح وسم #معلقات_ينتظرن_الإنصاف، لما فتحناه، إنما الآن الكل مشغول بهذا الموضوع وصحت الرؤوس الغافية وفتح الملف.

وهي فرصة مناسبة أيضاً لتقييم التجربة ودراستها بإحصائيات تبين مدى استيفاء ذلك القانون واستجابته للاحتياجات الإنسانية الاجتماعية وتخفيفه من معاناة أفراد الأسرة.

ولا نعلم حقيقة لم قبلنا ونحن الدولة التي لها الريادة والأسبقية في كل ما يتعلق بالقضاء والقانون وبناء المؤسسات وتأهيلها قبلنا أن نتغاضى عن استحقاق هام وضروري في قضاة المحاكم الشرعية وهي الشهادة القانونية والخبرة في السلك القضائي لقضاتها.

فبوجود النص القانوني تقل مساحة الاجتهاد، قاعدة معروفة لا اختراع للعجلة، ولدينا قانون للأسرة واضح وصريح ومفصل، وبشهادة من تعاطى معه من قضاة ومحامين فإن صدوره حل الكثير من القضايا التي كانت تعلق في المحاكم لسنوات قبل صدوره، كما وتقلصت فترات انتظار الأحكام وإغلاق ملفاتها، خاصة وأن التدابير التي صاحبته ساهمت كثيراً في تسهيل إجراءات التقاضي وتسهيل إجراءات تنفيذ الأحكام، فإن كان بقي بعض من النقاط غير واضحة أو مازالت هناك ثغرات في القانون لم يغطها فلتعالج وتطرح من خلال السلطة التشريعية والمختصين ويستكمل القانون جميع جوانبه، بعد أن استقرت أوضاع محاكمه، إنما في النهاية ما تحتاجه أي محكمة أن يكون قضاتها ملمين ومتخصصين ودارسين وأصحاب كفاءات علمية أكاديمية قانونية.

ومن غير الطبيعي أن تضع هذه الشروط لقضاة جميع المحاكم ويستثنى القضاء الشرعي منه، المفروض شهادة القانون إلزامية لجميع المحاكم خاصة ولديك قانون مكتوب ومدون، ولديك إجراءات قاضٍ منصوص عليها وواضحة.

يريد خريج الشريعة أن يعمل في السلك القضائي أهلاً وسهلاً، إنما لابد من أن يدرس القانون بجميع أفرعه كبقية القضاة ومن ثم يتخصص بالقانون الشرعي، ليكن هناك كليات إن شئنا «قانون وشريعة» إن أراد دارس الشريعة أن يعمل بالقضاء، لكن الاكتفاء بشهادته الشرعية فقط يعد انتقاصاً لأهمية العنصر الأساسي في العمل في السلك القضائي وهو «القانون» فمن غير الطبيعي أو المنطقي أن يلزم القضاة المدنيون بجميع المحاكم بالحصول على شهادة في القانون ولا يلزم قضاة المحاكم الشرعية بها؟ هذا انتقاص من قدر المحكمة نفسها، بل هي انتقاص من الحقوق الإنسانية وليست البحرين من يقبل بهذا النقص.