تكرار أولئك الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة» الكلام نفسه الذي ظلوا يقولونه منذ عشر سنوات من دون توقف لا يعني أنهم ثابتون على موقفهم وصامدون، فالتكرار في مثل الوضع الذي أوصلوا أنفسهم إليه تفسيره المنطقي هو أنه ليس لديهم جديداً يقولونه وأنهم لم يتمكنوا حتى الآن من استغلال الفرص الكثيرة التي أتيحت لهم كي «يتلحلحوا» ويوصلوا الناس الذين تضرروا بسبب ضيق أفقهم إلى بر الأمان. وتفسيره أيضاً أنهم دخلاء على العمل السياسي وموجهون من قبل دول تمكنت من احتوائهم والسيطرة على عقولهم.

يكفي مثالاً على هذا توجسهم المبالغ فيه من قانون العقوبات البديلة الذي من شأنه أن يتيح للكثيرين منهم - ومن ضحاياهم - تصحيح أوضاعهم المعيشية والعودة إلى أحضان أهاليهم والمشاركة في خدمة المجتمع، فالعقلية التي تسيطر عليهم لا تزال تمنعهم من القبول بهذا المخرج وتفسيره بشكل سالب في كل حين. ويكفي مثالاً على هذه العقلية مطالبتهم بالإفراج عن سين أو صاد من الذين يعتبرونهم قادة لهم واستمرارهم في هذه المطالبة بحجج مختلفة ثم عندما يتم إيجاد المخرج المناسب ويتقرر الإفراج عنه عبر باب العقوبات البديلة يقول ويقولون «إن السجن أحب»!

التفسير المنطقي لهذا الذي هم فيه هو أنهم يعيشون الانقسام فيما بينهم، وبينهم وبين أنفسهم، وهذا أكده عيسى قاسم في بيانه الأخير بدعوته إلى «توحيد الصفوف» وأكدوه هم بانقسامهم بشأن هذه الدعوة حيث رحب بعضهم بالبيان وأعلنوا أنهم في يد قاسم قاعداً وقائماً، بينما تحفظ البعض الآخر عليه ورأى أنه سيعيدهم إلى المربع الأول خصوصاً مع السقف المرتفع الذي يسير فيه قاسم وأتباعه ويعتبرون خفضه هزيمة.

استمرار أولئك في هذا الوضع وتوجسهم من العقوبات البديلة ومن كل طرح و«تشرطهم» لا يوصلهم إلى المخرج الذي يمكن أن يعودوا عبره إلى الحياة ويجعل الآخرين يعتقدون أنهم لا يريدون الوصول إلى نهاية يتم بعدها إغلاق الملف الذي فتحوه ولم يدركوا خطورته.