في الماضي كانت هناك حالات معدودة لعزوف البعض عن الزواج رغم قدرتهم المادية، وهذا لم يكن مجالاً للبحث أو الطرح وقتها، ولكن هذه الحالات أصبحت في تزايد، وكثرت النداءات بين الشباب ومجاهرتهم بالهروب من الناموس الطبيعي للحياة على مواقع التواصل، ما يجعلنا نطلب العون من المتخصصين في علوم الاجتماع لدراسة هذه النداءات وبحث جديتها وهل أثرت فعلاً على أعداد الزيجات في وطننا العربي.

فالأسرة هي نواة المجتمع، وهي الخلية الأولى لكيان أي دولة، وقد خلقنا الله لعبادته وإعمار الأرض، ولكي نقوم بالمهمة التي كلفنا بها المولى عز وجل فيجب أن تكون هناك عائلة يسودها المودة والرحمة وتبنى على أسس سليمة تساهم في إنشاء مجتمع صالح وإيجابي، فيجب دراسة هذه النداءات وتصحيح المفهوم لهولاء الشباب.

وقد قدست جميع الأديان الزواج، وظهر العديد من النصوص السماوية لكيفية تسيير هذه العلاقة وتحديد علاقة الأبناء بآبائهم والعكس، وأصدر علماء الاجتماع العديد من الكتب والمجلدات في كيفية إنشاء أسرة سليمة وعن سبل استمرار الحياة في ظل الصعاب، وعن كيفية تربية النشء، وظهر العديد من الدراسات المرتبطة بالمجتمع بدءاً من المنشأ الأول وهو العائلة.

ورغم صعوبة الحياة والمغالاة في تجهيزات الزواج في السنين الأخيرة فإن هذا ليس سبباً للهرب من الزواج والعزوف عنه.

إن الدولة تدرك أهمية الأسرة؛ فهي نواة المجتمع فقامت بدعم سبل تيسير الزواج بكل طريقة ممكنة، وقامت منظمات المجتمع المدني بدعم المقبلين على الزواج، ونظمت حفلات الزواج الجماعي ما ساهم في تقليل نفقات الزواج.

لا أحد ينكر تأثير الأفلام والمسلسلات القادمة من الغرب والتي لم تعد تؤمن بالعلاقة الزوجية المقدسة، وتسفه منها وتصور البطل فاشلاً في حياته الزوجية ولا ينصح الآخرين بإنشاء عائلة، أو كما نسمع على لسان البعض «لماذا أحضر واحدة غريبة وأكون ملتزماً بمأكلها ومشربها والتزاماتها»، وأحياناً نضحك على هذه العبارات، ولكنها أصبحت تتردد بين بعض شبابنا، فيجب أن ننتبه لها حتى لا تخرج عن الحالات المعدودة إلى موجة غير مستحبة بين أبنائنا.

إن الأبناء هم ثمرة تكوين الأسرة وهم البهجة التي تضيء حياتنا فكيف تحرمون أنفسكم من كلمة «بابا أو ماما»؟ وكيف تختارون بأنفسكم أن تكون شجرتكم يابسة لا طرح فيها، كيف تستسلمون لنداءات شياطين الأنس وتعجبون بمنطقهم لمجرد البعد عن تحمل المسؤولية؟

إن الحياة الزوجية مليئة بالمصاعب، ولكن السعادة تكمن في التغلب على هذه المصاعب، فمركب الحياة ستسير بأي حال ولكن أين أثرنا في الدنيا بعد أن يأتي أجلنا؟

إن التذكير بأهمية الزواج واجب كل صوت عاقل ومنبر حتى يتخلد في نفوس أبنائنا سنة الحياة وهي الزواج فأيها العازفون عن الزواج يجب أن تدركوا أنه لولا الأسرة لم يكن لكم وجود على ظهر هذه الدنيا.