كتب - حذيفة إبراهيم:
لم تمنعه إعاقته من تحدي صعوبات الحياة، ورغم أنه ولد أصماً وأبكماً إلا أنه قرر ألا يستسلم لمشاعر العجز ويحقق كافة طموحاته وأحلامه، ليس ذلك وحسب، ولكنه قرر أيضاً أن يكون حلقة الوصل بين الناس الطبيعيين وبين أقرانه من فئة الصم ليصبح أول مدرب شخصي للتنمية البشرية من ذوي الإعاقة في العالم العربي، ويحصد الاعتمادية من أحد المعاهد بالبحرين، ومعهد الإنتاجية من أمريكا «ميديس» ضمن دورة الكوتش الممارس في دفعتها الثالثة، إنه الشاب تركي العجمي الذي التقته «الوطن» وكشفت معه عن كيفية حصوله على لقب أول مدرب شخصي للتنمية البشرية من ذوي الإعاقة، وكيف قبل التحدي وانتصر على إعاقته.
في البداية، أوضح العجمي لـ «الوطن» كيف جاءته الفكرة وكيف اقتنع بها، قائلاً إنه احتاج لكثير من الوقت ليطلع على جوهر فكرة التدريب خاصة وأن فئة الصم بحاجة لمن يبسط الجمل وشرح المعنى والمقصود.
وقال، بحضور مدربته عبير سلوم، إنه صبر وصابر حتى وقف على كافة التفاصيل التي تمكنه من تحقيق هدفه وحلمه.
وبيّن أنه أصبح حلقة الوصل بين فئة الناس الطبيعيين وبين فئة الصم، كون التدريب كان حكراً على تلك الأشخاص السليمين لفترة طويلة، إلا أنه أصبح الآن قادراً على تعزيز ثقة المعاقين بأنفسهم، وتحفيزهم على الاستمرار والتغلب على العقبات.
وأضاف أصبح لدي هدف، أصبحت أريد أن أساعد العالم خصوصاً ممن يعانون من إعاقتي، أنا الآن نموذج، والكثيرين يريدون أن يدخلوا ذلك المجال.
وأشار أول مدرب شخصي للتنمية البشرية من ذوي الإعاقة في العالم العربي إلي أن فئة ذوي الاحتياجات الخاصة بالبحرين تعد من الفئات الأكثر إبداعاً في الدول العربية.
ونوه إلي أن البحرين تقدم دعماً كبيراً ومميزاً لذوي الاحتياجات الخاصة وتدفع بمواهبهم إلى المزيد من الإبداع والتميز وهو ما دفعه للانخراط في مجال هو الأول من نوعه في العالم العربي.
ولفت إلى أن المملكة تقدم الكثير لفئة الصم، مبيناً أن فكرة وجود مدرب أو مساعد شخصي من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة هو أمر نادر.
وقال العجمي إنه وبعد أن أصبح مدرباً أصبح أكثر إيجابية، ومتفتحاً على العالم بعد الانغلاق الذي كان يعيشه بسبب إعاقته، إلا أنه تحول إلى شخص إيجابي ومنتج، ويستطيع أن ينشر تلك الإيجابية لفئة ذوي الصم، مؤكداً أن البحرين لا تعاني من انغلاق كامل لذوي الاحتياجات الخاصة بسبب الدعم الذي يلاقونه.
وأشار إلى أن ذلك انعكس على حياته ذاتها، فأصبح أهله يثقون به، ويعيش في راحة نفسية كبيرة، واكتسب ثقة من حوله.
من جانبها روت مدربته الشخصية عبير سلوم تجربتها معه، مؤكدة أنها من ذوي الاحتياجات الخاصة هي الأخرى، إذ تعاني ضعفاً في العصب السمعي، ما يعني أنها غير قادرة بشكل كبير على السمع لولا وجود «السماعات».
وتابعت تعلمت أنا شخصياً لغة الشفاه، قبل أن أصبح مدربة، وذلك منذ صغري، وها أنا اليوم مدربة في مجال التنمية البشرية وكوتش في ذلك المجال.
وبيّنت أنها استطاعت تأسيس نظام لتدريب فئة ذوي الاحتياجات الخاصة من فئة الصم على التدريب الشخصي، بعد أن «عانت كثيراً» بالاعتماد على تجربة تركي العجمي.
وقالت سلوم إنها كانت مدربة شخصية، قبل أن تنطلق فكرة من أحد المدربين العمانيين، والذي شجعها على تدريب تركي على ذلك المجال.
وأضافت أن تدريب شخص أصم أمر صعب في البداية، كون فئة الصم يجب تبسيط الكلام والشرح لها، إذ لا تحتوي لغتهم على الكثير من الكلمات كما هو الحال لدى الأشخاص الطبيعيين.
وعن تجربتها في أول يوم، قالت إنها واجهتها تحديات جمة، أولها ضعف الترجمة، كما إنها لم تكن تتقن لغة الإشارة بذلك الاحتراف، وهو ما شكل ضغطاً نفسياً على المدرب والمتلقي. وتابعت عندما ذهبت البيت، أصبحت أريد أن أكون مترجمة، فاستغليت إعاقتي، وتركت سماعتي جانباً، وبدأت أرى الطريقة المناسبة لتلقي المعلومة في حال كنت صماء، واستخدمت أسلوب التعلم البصري، عن طريق الإشارات والصور، والألوان، كون الأصم هو شخص بصري». وأشارت إلى أنها بدأت بوضع تلك الخطوات، وبعد أن انتهت عرضته على المدرب عمر المرزوقي، والذي اعتبرها منهجية كاملة مختصرة لفئة الصم، التي تحتاج بالأصل إلى الاختصار.
وقالت إنها طبقت ذلك المنهج على تركي العجمي، فأصبح مدرباً وتلقى المعلومة بكل سهولة ويسر، وحينما حان وقت إظهار مهاراته، ظن الجميع أنني كنت أغششه، لحينما تأكدوا من أن ذلك لم يكن سوى المهارات التي تعلمها.
وتابعت إن وجود مدرب من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة هي الأولى من نوعها في العالم العربي والنوادر بشكل عام في العالم. وأوضحت أنها حاولت إقناعه كثيراً وأن تركي استطاع كسر الحاجز، مشيرة إلى أن الدافع الأول لها كانت كلمة قالها أحد المدربين وهي أن الناجحين هم من يستطيعون إحداث التغيير في حياة الغير، ومن أعظم النجاحات أن نحدث التغيير للناس.
وأشارت إلى أنها تعلمت لغة الصم الآن بشكل جيد جداً، وهي بذاتها قادرة على تدريبهم، باستخدام المنهج الذي أسسته. وقالت إنها الآن في طور تأسيس معهد خاص لذلك، بالتعاون مع بعض المعاهد الأخرى، وهي بحاجة إلى الدعم من الجهات المعنية.
وبيّنت سلوم أنها الآن في طور إعداد برامج تدريبية لذوي الإعاقة الأخرى، فلقد استطاعت تدريب العديد من ذوي الاحتياجات الخاصة من ذوي الإعاقة الحركية والمكفوفين والإعاقة الذهنية كمتلازمة داون، وهي ساعدتهم على التحيز والدعم. وتابعت شعرت بأنني أكثر قدرة على الإقناع في مجال التنمية البشرية للمعاقين، كونني لاحظت أن التنمية البشرية أصبحت للأسوياء فقط، والمعاقون بحاجة لها، كون المعاق متقوقعاً على نفسه.
ونوهت إلى أنها دخلت في العام 2010 إلى مجال التدريب والتنمية البشرية، وخدمة المجتمع بطريقة صحيحة، وأرادت خدمة المجتمع عن طريق خدمة الوطن، وأصبحت قادرة على العطاء في مجال ذوي الإعاقة».
وقالت إن طريقة تدريبها تغير الشخص من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى شخص يساهم في التغيير بدلاً من أن ينتظر خطوات من الآخرين لتغيير وضعه.