نتمنى أن لا يكون عدد الاقتصاديين والسياسيين الخليجيين مساوياً لعدد القراء الذين لا يعرفون الكثير عن منظمة شنغهاي للتعاون، ولو كنا من ينتهج أسلوب جلد الذات -الرائج عربياً- لكنا معهم لكن التحليل الأمين يتطلب من لا يحبذ الهتاف مع الحشود الكبيرة مسايرة لهم، بتقريع الواقع. ويتفق الكثيرون أنه منذ مطلع القرن الحالي والقواعد الإقليمية تتغيّر، بناء على القاعدة المركزية في أن العلاقات الدولية تتصف بالمرحلية، لذا تأسست قبل 20 عاماً منظمة شنغهاي من قِبل قادة الصين وروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان، ثم انضمت لهم الهند وباكستان. وهي واحدة من أهم وأكبر وأغنى المنظمات الإقليمية في العالم، فالأعضاء من أكبر منتجي ومستهلكي الطاقة في العالم. مساحتها ربع مساحة الأرض وسكانها 43٪ من سكان العالم. وحجم اقتصاد منظمة شنغهاي 20 % من الاقتصاد العالمي. وفي الخطاب الافتتاحي لقمة 2021 الذي أعلن فيه الرئيس الصيني انضمام إيران للمنظمة، أعلن بأن السعودية ومصر وقطر ستصبح شركاء في الحوار، ولم يكن بمقدور طهران التعليق من باب «تمسكن حتى تتمكن» واحتراماً إلى أن بكين تواصل الحفاظ على توازنها الدقيق بين الخليجيين وإيران، لذا كان على الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يوم توليه منصبه تضمين خطابه حديثاً عن «أولوية الجوار» والأمن المشترك تهدئة لبكين.

لكن طهران بعد عام أو عامين ستعلو نغمتها، خصوصاً أن مداخل طهران لرفض دخول أعضاء من العرب خصوصاً الدول الخليجية كثيرة أولها أن النظام الأساسي يعطيها حق المعارضة ولديها أوراق الطاقة التي لن تتردد في استخدامها للتسويق لما تريد، وبما أن المنظمة قامت أصلاً بهدف موازنة نفوذ الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في المنطقة فمن المنطقي أن تقوم طهران بتضخيم حدة الانقسامات والعداء بين المنظمة وحلفاء واشنطن الخليجيين، فدول الخليج ملاذات للقواعد الأمريكية وشكل من أشكال القوة الصلبة الغربية التي هي تحدٍ للصين بالدرجة الأولى.

بالعجمي الفصيح

اقتناص فرص الشراكات الاستراتيجية والانضمام للهياكل الناجحة يحتاج إلى مفكرين استراتيجيين وليس اقتصاديين أو عسكريين ودبلوماسيين.