- ‏حياك الله دكتور، فنجان القهوة الصباحية بانتظارك.

‏- شكراً جزيلاً فقد تناولته، وأنهيت.

‏- مع أم صبا؟

- نعم.. ومن غيرها رفيقة دربي والصديقة المخلصة لفنجان قهوتي.

‏دار هذا الحوار أمامي ولكن لم أعِر له اهتماماً يذكر، إلا بعد أن وجه لي الدكتور صاحب العزومة الكلام موضحاً: «تخيلي أستاذة بأن دكتورنا العزيز يقوم كل صباح بتناول القهوة أون لاين مع زوجته، ولا يقبل لهذا الأمر بديلاً كونه كل واحد منهما في بلد».

وجهت أنظاري إلى الدكتور وعلامات التعجب تعلو ملامحي، لاجده مؤكداً على كلام الدكتور صاحب الدعوة ومضيفاً، بأنه على هذا الحال منذ قرابة 9 سنوات ولم يسمح لنفسه أن يجد عذراً يمنعه عن ذلك، حتى عندما أمره الطبيب ولمدة 6 أشهر أن يتوقف عن تناولها لسبب ألم في المعدة، فكان يجلس أون لاين مع الست سناء كما يحب أن يناديها ولكن فنجان قهوته مملوء بالماء الدافئة دون أن يُخبرها أو تشعر بأي تغيير أو تقصير.

تركت الجلسة وأنا أحدث نفسي عن سمو وجمال هذه العلاقة الثنائية التي بتنا نفتقد إلى مثيلاتها في يومنا هذا.

فهذا الدكتور الجليل ومع كل ما يحمله من شهادات علمية والتزامات مهنية وأكاديمية وأبحاث ومراجعات ومتابعات وهموم الحياة وقسوتها الملقاة على عاتقه، إلا أنه يعمل جاهداً على ألاّ يفتر فنجان حياته، وفوق ذلك يتحدث بالأمر بكل ثقة وفي عينيه بريق يُشعّ كله مودّة. هذا الموقف جال في خاطري انسجاماً مع اليوم العالمي لرفيقة صباحنا «القهوة» والذي يصادف في الأول من أكتوبر. وعلنا نحتاج إلى سماع قصص ملؤها الطيبة وخالية من الزخرفات الخادعة التي بتنا نشاهدها على برامج التواصل الاجتماعي، أو الحياة الخالية من المشاعر الدافئة لمجموعة أسباب مهما بلغت أهميتها ولكن يجب ألا نسمح لها في أن تتغلب على زهوة علاقاتنا الإنسانية.

أستشعر أمراً في غاية الأهمية أن للقهوة نكهة مميزة وطعماً لا مثيل له وقادرة أن تعدل المزاج حتى وإن كانت فقط عبارة عن ماء دافئٍ. فإن كانت القهوة رفيقاً، ولكن رفيق القلب الحقيقي خيرُ جليس.