^   من المشكلات التي يعاني منها البعض المحسوب على المعارضة أنه بدل انتقاد أقوال المسؤولين، يستهدف شخوصهم ويوجه إليهم سهامه، ومعروف أن استهداف الشخص لا الموضوع يطيح بمتناوله في مستنقع السب والشتم، والنتيجة. أنه لا يبدي حتى رأياً في ما قاله ذلك الشخص، وهذا خلط غير مقبول بين نقد القول ونقد القائل. من ذلك على سبيل المثال أولئك الذين تناولوا التصريحات التي نشرت للقائد العام لقوة دفاع البحرين المشير الركن الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة في المقابلة التي أجرتها معه صحيفة الرأي الكويتية أخيراً ونشرتها “الوطن”، حيث ابتعدوا عن مناقشة وانتقاد تلك التصريحات وتفرغوا لتناول القائد العام عبر مواقع التواصل الاجتماعي. انتقدوا التصريحات من خلال انتقاد قائلها، وبدل أن يناقشوا تصريحات معاليه ويبدي السياسيون منها موقفاً وإن كان سالباً وجهوا سهامهم إلى شخصه، وهذا أمر ينبغي ألا يكون. ولو أن تلك الانتقادات جاءت من أشخاص عاديين لهان الأمر لكنها جاءت من أناس يفترض أن لهم باعهم في العمل السياسي والعمل الحقوقي ويصنفون أنفسهم على أنهم قادة. إجابات القائد العام في المقابلة المذكورة كانت منطقية وواضحة ولا لف فيها ولا دوران، وبعضها سبق أن صرح به وأكد عليه. القائد العام وصف ما جرى وما يجري وحلل واستشرف المستقبل، عرض وقائع وأفصح عن حجج وانتقد أوضاعاً، وتناول جانباً من العلاقات بين البحرين ودول مجلس التعاون والمستقبل المأمول مع مشروع الاتحاد الخليجي، وبين البحرين والدول الأخرى التي وضح تدخلها في الشأن المحلي وتحديداً الولايات المتحدة وإيران وما يتم التخطيط له في السر ضد دول المجلس عامة. مثل هذه التصريحات كان ينبغي من “المعارضة” أن تناقشها لا أن تتركها جانباً وتتفرغ لانتقاد قائلها. هذا الأمر يلقي ضوءًا على مستوى بعض المنتمين إلى المعارضة ممن يعتبرون أنفسهم قياديين ويفترض أن يكونوا قدوة. فإذا كان هذا هو ديدن القيادي فكيف بغيره من أتباعه من البسطاء؟ إن ما فعلوه أنهم تركوا التعليق على ما صرح به القائد العام وركزوا على شخصه، تماماً مثلما فعلوا ويفعلون مع غيره من المسؤولين، وهذه ظاهرة تكشف عن ضعف كبير يعتري هذا البعض وتكشف عن نقص يعاني منه، ولعل الأمر له علاقة بمرض نفسي، وإلا كيف تترك التصريحات ويتم التفرغ لنقد شخص قائلها؟ الدساتير والقوانين في كل مكان تؤكد على حرية النقد؛ لكنها تعاقب من يتعدى إلى التعرض إلى القائل أو الكاتب لأنه ببساطة ليس الموضوع، القوانين تتيح انتقاد القول أو الفعل لكنها تجرم التعرض إلى الأشخاص وتناولهم بالسوء، وهذا أمر بديهي يفترض من أناس كهؤلاء إدراكه. في المحاكم اليوم كثير من القضايا التي تورط أصحابها فيها لا لشيء إلا لأنهم لم يفرقوا بين انتقاد الكلام وانتقاد قائله. في الفترة الأخيرة تم رصد كثير من الاعتداءات التي تندرج في هذا السياق والتي مارسها أشخاص يفترض أنهم “مناضلون”، بل إن هذا البعض تجاوز كل الحدود ووصل إلى حد التعرض إلى القيادة واعتبار ذلك نقداً. في اعتقادي أن تناول تصريحات القائد العام بهذا الشكل السلبي لا مبرر له سوى أنه تحدث عن الشيخ علي سلمان وقال إنه “مطلوب للعدالة ومسجل عليه قضية في النيابة ولها وقت محدد”. هذا يعني أن المعارضة التي تطالب بحرية النقد رغم وجودها ترفض أن يوجه النقد إليها فهي فوق النقد، لكنها في نفس الوقت تعتبره حقاً لها وإن تجاوزت معه حدود الأدب واللياقة والكياسة.