تتجه مليشيات الحوثي إلى مصادرة عدد من مقرات الأحزاب السياسية في صنعاء لتجهز على ما تبقى من الحياة السياسية باليمن.

وبعد أن كانت الحياة السياسية في اليمن تتمتع بالتعددية السياسية التي أوجدت هامشا كبيرا من الديمقراطية، عمدت مليشيات الحوثي منذ سيطرتها على صنعاء على وأد هذه التجربة، وإلغاء الهامش، بل ومطاردة القوى المعارضة لها تماما .



ولم تخف مليشيات الحوثي نواياها لاستهداف مقرات الأحزاب التي تقدر تكاليفها المالية بملايين الدولارات، وأعلنت على لسان رئيس ما يسمى بـ"اللجنة الثورية"، محمد الحوثي، قبل أيام، اعتزام الحركة الإرهابية وضع اليد على هذه المقرات.

وبرر القيادي الحوثي المشمول بقائمة المطلوبين للتحالف العربي لدعم الشرعية باليمن، الخطوة، بتحويل المقرات إلى "مستشفيات" ضمن سباق الإثراء الشخصي.

شكوك "حوثية-حوثية"

قوبلت الخطوة الحوثية التي يصعب التكهن بموعد تنفيذها، بالتشكيك، إذ اٌعتبرت أنها خطوة أخرى لتجريف الحياة السياسية.

كما واجهت الخطوة الحوثية، انتقادات من صحفيين يعملون ضمن وسائل الإعلام التابعة للمليشيات الانقلابية في صنعاء وبعض مؤيديها، باعتبار ذلك التوجه "خطوة نحو الإثراء الشخصي مثلما حدث في وقائع مماثلة من قبل، وفي سباق الصراعات بين الأجنحة الحوثية".

وقال نبيل حيدر الذي يعمل في صحيفة "الثورة" الحوثية ، في منشور على حسابه في موقع "فيسبوك"، "تبدو النية معقودة على تحويل مقرات الأحزاب للاستثمار الخاص، استثمار غسيل أموال و جبايات".

وتابع حيدر " بغض النظر عن الجريمة السياسية بالقرار المزمع, كيف سيتم تنفيذ ذلك، إذ يحتاج تحويل تلك المقرات إلى مستشفيات أموالا طائلة؟، ولماذا لا يتم تطوير المستشفيات الموجودة ودفع أجور العاملين فيها؟".

نهب العقارات

ورفض قيادي في الحزب الاشتراكي بصنعاء، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، الإجراء الحوثي، واعتبره غير قانوني، ويتماشى مع نهج بعض القيادات الميدانية القائم على اللصوصية.

وأعترف القيادي الذي فضل عدم كشف هويته، بارتفاع وتيرة مصادرة العقارات والأملاك الخاصة بالغير بشكل كبير، بعد مقتل الرئيس السابق، على عبدالله صالح، والذي كانت أسرته أولى ضحايا النهب الحوثي.

وأرست مليشيات الحوثي منذ أعوام، نهجا قائما على مصادرة أملاك المعارضين لها، واستغلت سيطرتها على القضاء في إصدار أحكاما قضائية تمكنها من القيام بذلك، لإظهار الأمر كما لو أنه تم بشكل قانوني.

وفي شهر سبتمبر/أيلول 2020، أصدرت محكمة تابعة للحوثيين حكما بمصادرة أملاك وعقارات 109 مسؤولين وقادة عسكريين في الحكومة اليمنية يعيشون في الخارج، بعد الحكم عليهم بالإعدام، في خطوة اعتبرت على نطاق واسع؛ أكبر عملية سرقة يتعرض لها مناوئي الحركة الإرهابية التابعة لإيران.

وتتمتع العقارات في صنعاء بقيمة سوقية كبرى، ما يجعل لعاب مليشيات الحوثي يسيل عليها، الأمر الذي يدفع بقيادة الحركة الإرهابية للسيطرة عليها بالقوة، كما حدث في بداية سبتمبر/أيلول الماضي، عندما هاجمت عناصر المليشيات حوش منزل مواطن يدعى فضل الصايدي، في منطقة شملان بالعاصمة صنعاء.

وقال صحفي يعيش في صنعاء رفض كشف هويته إن قادة مليشيات الحوثي تحولوا خلال أعوام الحرب إلى أثرياء يمتلكون امتيازات مالية لم يكونوا يحظون بها في السابق.

وأضاف أن اللصوصية التي اتبعوها في الاستحواذ على أملاك معارضيهم من أراض ومبان سكنية منحتهم ملايين الدولارات، وغيرت واقعهم من فقراء إلى أشخاص يملكون الفلل السكنية والسيارات الفارهة رغم حالات الفقر المتفشية في أحياء العاصمة.