خفضت الولايات المتحدة علاقاتها الثنائية مع باكستان على خلفية موقفها من استيلاء حركة طالبان على الحكم في أفغانستان. وفقاً لما أوضحته نائبة وزير الخارجية الأميركي ويندي شيرمان، للمسؤولين الباكستانيين، خلال زيارتها لإسلام أباد الأسبوع الماضي، وفق ما ذكرته صحيفة "جارديان" البريطانية.

وأضافت الصحيفة، في تقرير نشرته الأحد، أنه عشية وصولها للعاصمة الباكستانية، استخدمت شيرمان فعالية رسمية بمدينة مومباي الهندية لتوضيح المعايير الجديدة للعلاقات الأميركية الباكستانية، مؤكدة أنها لن تتساوى مع علاقات واشنطن التي وصفتها بـ"العميقة" مع الهند.

وقالت شيرمان إن "رحلتها إلى إسلام أباد ستكون من أجل غرض محدد للغاية، وهو الحديث عن أفغانستان وطالبان".



وتابعت: "لا نرى أنفسنا نبني علاقات واسعة مع باكستان، كما أننا ليس لدينا مصلحة في العودة إلى الأيام التي كنا نربط فيها علاقتنا بالهند بباكستان، فهذا ليس هو الوضع الذي نحن فيه الآن، كما أنه ليس الوضع الذي سنكون فيه مستقبلاً".

ورأت الصحيفة أن استقبال شيرمان بباكستان في اليوم التالي كان "رسمياً للغاية"، موضحة أن الاجتماع الذي كان مقرراً عقده بينها وبين رئيس الوزراء عمران خان لم يتم.

"توتر دبلوماسي"

كما نقلت الصحيفة عن مسؤولين بارزين بالحكومة الباكستانية قولهم، إن "هناك توتراً دبلوماسياً بين البلدين بحاجة إلى حل، وأن خان كان غاضباً لأنه لم يتلق حتى الآن مكالمة هاتفية من بايدن".

وأكد وزير الإعلام الباكستاني فؤاد شودري، أن المحادثات مع شيرمان سارت على ما يرام، وقال: "أعتقد أنها تحدثت بحرارة شديدة في باكستان وقد فهمت وجهة نظر البلاد".

وأشارت الصحيفة إلى أن بايدن يولي أهمية كبيرة لعلاقاته الشخصية مع قادة العالم، كما أنه قال في خطابه بمناسبة انتهاء الانسحاب العسكري من أفغانستان في 31 أغسطس الماضي، إن التركيز الجديد سيكون على "الدبلوماسية الإقليمية".

ورأت "جارديان" أنه بالنظر لهذا السياق، فإن قراره عدم الاتصال بخان يُقصد به أن يكون إشارة "لا لبس فيها" على استياء واشنطن من موقفه تجاه أفغانستان.

وكان رئيس الوزراء الباكستاني وصف استيلاء حركة طالبان على السلطة في كابول بأنه بمثابة "كسر لقيود العبودية"، في الوقت الذي تريد فيه الولايات المتحدة من باكستان الحفاظ على التضامن الدولي بشأن عدم الاعتراف بطالبان، مع الضغط من أجل حقوق المرأة والمبادئ الديمقراطية الأخرى، حسب الصحيفة.

ووفقاً للصحيفة البريطانية فإن النهج الأميركي الذي وصفته بـ"البارد" في التعامل مع إسلام أباد كان بمثابة صدمة لها، إذ إنها قد اعتادت على علاقة (الرئيس الأميركي السابق دونالد) ترمب غير الرسمية والشخصية بخان.

ولفتت الصحيفة إلى أنه في مذكرة تم تسريبها مؤخراً، حث وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي سفارة بلاده بواشنطن على ترتيب مكالمة بين بايدن وخان.

وجاء في الرسالة أنه "على الرغم من الوضع الحالي في أفغانستان، والدور الرئيسي الذي تلعبه باكستان، فمن المؤسف أن يظل البيت الأبيض غير مبال بالقيادة الباكستانية".

كما ألقت الرسالة باللوم على "الفهم غير الناضج لموظفي البيت الأبيض". وتابعت: "لذا فإنه من المتوقع أن تقوموا باتخاذ التدابير المناسبة واتخاذ خطوات دبلوماسية كافية لضمان الأهمية الاستراتيجية لباكستان في جميع المحافل الدبلوماسية".

وقالت الصحيفة إن وزير الخارجية الباكستاني أكد على أنه لم يتم إرسال مثل هذه الرسالة، ولكن مصادر رسمية أكدت صحتها.

"قضية مُلحة"

وعندما سُئل البيت الأبيض عن عدم قيام بايدن بإجراء مكالمة هاتفية مع خان حتى الآن، قال إنه ليس هناك ما يمكن إضافته إلى الملاحظات التي أدلت بها المتحدثة جنيفر ساكي، في أواخر سبتمبر الماضي، عندما قالت إنها "ليس لديها أي شيء لتقوله في هذه النقطة في الوقت الحالي".

ورأت الصحيفة أن هذه القضية تبدو مُلِحة بالنسبة لباكستان التي تتوق لتدفق المساعدات الإنسانية عبر الحدود، وإحباط الانهيار الكامل في أفغانستان، الذي قد يؤدي إلى تدفق هائل للاجئين، ما يؤدي لزعزعة الاستقرار في البلاد.

ولفتت إلى أنه لطالما اتُهمت باكستان بلعب لعبة مزدوجة في الحرب ضد الإرهاب، إذ إنها تبدو من ناحية كحليف مفترض في الحرب الأميركية على الإرهاب، بينما تدعم وترعى طالبان في نفس الوقت، كما أنها تسمح للحركة بإعادة تجميع صفوفها على الأراضي الباكستانية.

وتابعت: "هناك تخوف بين الدول الغربية والدبلوماسيين من أن تعترف باكستان بحكومة طالبان الجديدة، وهو ما سيؤدي لتقويض الجهود الدولية للضغط على الحركة، من أجل تقديم ضمانات بشأن حقوق الإنسان والأمن وحرية المرأة".

وأشارت إلى تقرير نٌشر في صحيفة "دون" الباكستانية، نقلاً عن مصادر أميركية، أفاد بأن الولايات المتحدة "لا تريد أن تعترف إسلام أباد بنظام طالبان قبل بقية المجتمع الدولي".