كتبت- مروة العسيري: لم تكن المواطنة رانيا زين العابدين وابنها الطفل عبدالله كاظم، اللذان تعرضا إلى إصابة بتفجير إسطوانة غاز بمنزلهما بمنطقة البلاد القديم، تعتقد أنه يمكن أن تصل إحدى العمليات الإرهابية إلى عقر دارهما، رغم استمرار الفوضى وأعمال التخريب بالمنطقة. فهي تقول «لم ننعم بالراحة إلا أيام السلامة الوطنية حيث أحسسنا بالأمان، ولم تشهد منطقتنا أي مناوشات أمنية». وتؤكد «عشنا مأساة إنسانية وإرهاباً نفسياً وعدم استقرار». فيما قال طفلها عبدالله «لا أرغب في العودة إلى منزلي لأني خائف». وقال الطفل عبدالله الكاظم (10 سنوات)، في أول حوار خاص مع «الوطن» في المستشفى العسكري بحضور الأب والجدة (والدة الأم)، «لا يحبون البحرين ولا يريدون إنجاح «الفورمولا»، هم من المخربين، ولا أرغب في العودة إلى منزلي لأني خائف، وعندما أرى شرطياً أشعر بالأمان». وأصيب الطفل عبدالله الكاظم ووالدته رانيا زين العابدين بإصابات من شظايا الزجاج المتناثر في غرفته جراء انفجار إسطوانة غاز كانت موجهة لغرفته من قبل الإرهابيين في منطقة بلاد القديم. الإرهاب النفسي وبيّنت الأم المصابة رانيا زين العابدين أن مشكلتهم مع الإرهابيين كانت على مدى سنة متواصلة منذ أحداث فبراير ومارس العام الماضي وهي تعاني من الإرهاب النفسي وعدم الاستقرار بسبب أعمال العنف والتخريب التي يقوم بها هؤلاء الشباب المجرمين المنظمين والمتدربين، حسب تعبيرها، مؤكدة «لم ننعم بالراحة إلا أيام السلامة الوطنية التي أحسسنا فيها بالأمان ولم تشهد منطقتنا أي مناوشات أمنية». وطالبت «منظمات حقوق الإنسان والمراقبين في الخارج أن يضعوا حداً لهذه الأعمال الإرهابية وأن يكون موقفهم واضحاً ومديناً لها»، فهي أم تعيش في أمن وسلام مع أبنائها داخل بيتهم الذي من المفروض أن يكون مصدراً لراحتهم ومكان استقرارهم، وتعرضت لأبشع أنواع الإجرام من خلال استخدام أسطوانة غاز تم وضعها لإثارة فوضى وأعمال تخريب ومواجهات مع الأمن وكان منزلها هو كبش الفداء الذي يقع في وسط ميدان يستهدف خلاله الإرهابيون رجال الأمن وقوات حفظ النظام. وقالت رانيا زين العابدين «بعد ما مررت به وما شعرت به من حجم الخطر وعدم الأمان والإرهاب المعنوي والمادي والنفسي، أصبحت أشفق على حال رجال الأمن الذين يتعرضون يومياً إلى مثل هذه الأعمال الإرهابية وليس بيدهم سلاح يدافعون به عن أنفسهم أمام مجموعة من الإرهابيين، ولا استعجب استخدام الشرطي الغازات المسيلة للدموع بكثرة فهو لا يستطيع حماية نفسه إلا بهذه الطريقة، التي أصبحت لا تؤثر في المخربين بل إنهم يمسكون قذيفة المسيل للدموع بيدهم ويعيدون قذفها على رجال الأمن»، مطالبة «وزارة الداخلية وصانعي القرار بتزويد الشرطة بأسلحة نارية للدفاع عن أنفسهم وعن المواطنين». وأضاف الطفل عبدالله «أراهم من غرفتي يومياً لديهم أسلحة غريبة ويضعونها في أيديهم وهي عبارة عن قذيفة سريعة وملتهبة يحاولون إحراق الشرطة بها. كما إنهم يصنعون إسطوانات غاز صغيرة، ولقد وقعت اثنتان في حديقة منزلنا قبل أسبوعين، وأنا أخاف من منزلنا كثيراً ولا أود الرجوع إليه أو تذكره». ووصف عبدالله ببراءة حادث الانفجار، مؤكداً أنه كان في غرفته عندما سمع أول صوت أشبه بالانفجار حوالي الساعة 9 والنصف مساءً، فذهب إلى غرفة والدته يخبرها بأنه لا يستطيع النوم فيها من شدة خوفه من الإرهابيين، إلا أن والدته قالت له «أنت كبير ورجل وسنذهب لغرفتك لترى بعينك أنه لا يوجد شيء»، مضيفاً «عندما أخذتني أمي إلى غرفتي فتحت الستارة لتريني أنه لا يوجد مخربون في الشارع. وفي هذه الأثناء، قالت لي أمي أذهب بعيداً عن النافذة وما هي إلا ثوانٍ وحدث الانفجار وطحت على الأرض ولا أتذكر ما حدث، غير أن والدتي كانت بقربي مغطاة بالدم». وشرحت أم عبدالله الانفجار من جانبها فقالت «عندما جاء عبدالله إلى غرفتي مذعوراً بدأت بتهدئة روعه حتى ينام ويستطيع النهوض باكراً إلى مدرسته»، وأضافت «قلت له أنت رجل يا عبدالله ولابد أن تنام في غرفتك وما يحدث على الشارع هو ما يحدث يومياً من إحراق إطارات. وفي هذه الأثناء دخلنا غرفة عبدالله وذهبت عند النافذة فإذا بي أشاهد ناراً واثنين من الشرطة يتقدمان نحوها وما هي إلا ثوانٍ حتى عادوا أدراجهم مسرعين هاربين ففهمت أنه ممكن تكون هناك إسطوانة غاز لما رأيت فزع رجال الأمن، فتراجعت للوراء وطلبت من عبدالله الابتعاد ولكن الوقت كان أسرع منا وحدث الانفجار وسقط كلينا على الأرض ولم أنتبه إلا على صوت بكاء عبدالله يقول لي (ماما لا تموتي)»، ذرفت الأم دموع الألم والخوف عندما استذكرت الانفجار الإرهابي، وأردفت رانيا «في هذه اللحظة لم أفكر سوى في أبنائي فكنت خائفة على عبدالله وبنفس الوقت أفكر في ابنتاي اللاتين ترقدان في غرفتهما ولا أعلم ما حل بهما». تقول رانيا «لقد دخلت علينا إسطوانة الغاز وكأنها كانت موجهة إلى النافذة وحتى لو لم تكن مقصودة، فمجرد وضع إسطوانة غاز بغرض التفجير قرب الأحياء السكنية اعتبره تعدياً مقصوداً، ومجرد سكب زيت على شارع عام يعتبر محاولة قتل متعمدة للآمنين والمارين بسلام في مركباتهم مستخدمين الشارع، وأن أي قذيفة «مولوتوف» يتم قذفها عشوائياً على رجال الأمن في الشارع أو وسط الأحياء السكنية يكون عرضة لها أي مواطن عادي لا حول له ولا قوة». إهمال طبي بـ «السلمانية» وأشارت رانيا زين العابدين إلى الإهمال الطبي الذي تعرضا له في السلمانية بعد نقلهما للمستشفى عن طريق سيارتهما الخاصة وسائقهما، مؤكدة أنها فقدت الثقة في المستشفى بعد الأحداث التي مرت بها البحرين، مستغربة من تأخر سيارة الإسعاف رغم أن السلمانية لا تبعد عن منزلها سوى مسافة إشارة واحدة، وأن إحدى الممرضات في السلمانية قالت لها هل «أنتم من أصيبوا بالانفجار الذي سمعناه قبل قليل!»، مستاءة أيضاً «من المبررات والقصة التي كان يسردها أحد الأطباء البحرينيين على الطبيب المشرف على قسم الطوارئ إذ كان يقول إنها كانت تطبخ بالمطبخ وانفجرت إسطوانة الغاز»، ممتعضة أيضاً «من أسلوب الممرضين الذين أخذوها للأشعة المقطعية في السلمانية وكانوا يتكلمون مع بعض بكلام غير لائق على مقربة منها وعلى مسمعها». قالت رانيا بحرقة «كنت أعاني من عملية الانتقال من السرير إلى الكرسي المتحرك والعكس وكنت أقول لهم لا أستطيع المشي فرجلي بها زجاج إلا أنهم كانوا يقولون لها لا نستطيع عمل شيء». وقال عبدالله إن إحدى الممرضات كانت تنظف عينه بطريقة خشنة وعندما كان يقول لها مازالت عيني تحرقني من الزجاج تقول له لا يوجد بها شيء، إلا أنه عندما جاء الطبيب المشرف على حالته استخرج من عين 4 قطع زجاج ومن الأخرى قطعتين». وأعربت أم عبدالله (رانيا) عن استيائها مما وصل إليه الأمان في الشارع البحريني، متسائلة «كيف أصبح مقر الأمان وهو المنزل مقر للرعب والإرهاب»، مشيرة إلى أن «وصول الإرهاب داخل المنزل يعد تدرجاً خطيراً في الأعمال الإرهابية والتخريبية»، مطالبة بالتعويض النفسي والمعنوي وحتى المادي عن ما عانته مع أبنائها طوال هذه الفترة، مشيرة إلى أن عائلاتها بالكامل تضررت وأصيبت من هذا الإجرام ولم تقتصر الجروح فقط عليها وابنها عبدالله، حيث إن الضرر النفسي أشد وطأة على ابنتيها الصغيرتين جواهر ودانة»، وعندما رأينا جواهر كنت أناديها باسمها لأسلم عليها وكانت الطفلة ذات 8 أعوام تلف وجهاً عني لا تريد مشاهدة أمها التي تجلس بقربي وتغمض عينها، وعندما استفسرت من أمها عن سبب تصرفات جواهر قالت «جواهر خائفة مني ومن منظر وجهي الذي لمحته يوم الحادث مغطى بالدماء لذلك هي تتجنب رؤيتي خوفاً من أن تراني بنفس الصورة، مبيّنة أن جواهر لم تر وجه أمها من بعد الحادث أبداً وكذلك لا ترغب في زيارتها بالمستشفى». ذرفت الأم دموعها مرة أخرى وقالت من السبب في ذلك الضرر النفسي، أريد محاسبته قانونياً». وقال الطبيب المشرف على حالة الأم وابنها منذ البداية إلى اليوم «الجروح والأضرار التي تعرضت لها الأم هي منتشرة على كامل جسدها جراء الزجاج المتناثر إثر الانفجار، حيث تم استخراج من 10 إلى 12 زجاجة كبيرة الحجم وهذا غير الزجاج الصغير المتناثر في شعر المريضة وباقي جسدها، مشيراً إلى أن الزجاج يحتاج إلى أشعة مقطعية ومن خلالها يتم اكتشاف مدى توغل الزجاج في الجسد». وأكد الطبيب «تعرض الأم والطفل إلى ارتجاج خفيف في المخ، لافتاً إلى أن الضرر النفسي أكثر على الحالتين، مبيناً أن الأضرار في عبدالله اقتصرت على منطقة الوجه حيث إن الأم كانت تحميه خلفها ولم يكن يظهر منه إلا الوجه الذي كان يحاول أن يرى ما يحدث أمام والدته»، مشيراً إلى أن الزجاج الذي أصاب عبدالله فوق الجبهة كان توغل الزجاجة كبير جداً عند جدار الجمجمة التي لم تصاب بضرر كبير». ووصف الطبيب حالة رانيا التي اعتبرها أكثر ضرراً من ابنها عبدالله، مبيناً «احتاجت رانيا إلى عملية لإعادة لصق جفن عينها الأيمن الذي تعرض لأضرار كبيرة ونتف، مما استدعى أن نحرك لها جزء من الجبهة بالقرب من حاجبها الأيمن، حيث إن رانيا تحتاج إلى عملية تجميلية أخرى بعد 6 أشهر»، مؤكداً أن الزجاج وبفضل من الله لم يصل إلى قرينة العين وذلك بسبب الحاجز القوي الذي يحمي العين»، موضحاً «تم قطع فرع من العصب السابع في هذه المنطقة من الحاجب إلا أنه بحمد الله تم علاجه». لغة الإرهاب شرَّان ومن الجانب القانوني والحقوقي أوضح المحامي أحمد عراد أن «لغة الإرهاب هي لغة ذات شرَّيْن، الشر الأول يعود على الفاعل نفسه والشر الثاني يعود على المفعول به»، مؤكداً أن «الإرهاب عندما يتعاطى بهذا الشكل لا يسمى تعبيراً عنيفاً وإنما إرهاب لأنه موجه إلى ناس مدنيين آمنين في بيوتهم»، مضيفاً «وكل إنسان يأمن على نفسه وعلى عائلته وماله وعرضه في بيته فإذا لم يأمن أو جاءه اعتداء آثم من خارجين على القانون سيكون إرهاباً بمعنى الكلمة». وأشار أحمد عراد أن المغرر بهم من قبل بعض المعارضين حاولوا أن يصوروا ما يقومون به على أنه تعبير عن الرأي من منطلق حرية الرأي والتعبير، فحتماً هذا يدل على تصور خاطئ لأنه تعبير عنيف، ولا يستقيم مع المبدأ السامي الوارد في الدستور حول حرية الرأي والتعبير»، معتقداً أنه كان من الأجدر بالمعارضة أن تعبر سلمياً عن مطالباتها المعيشية على حد قولها، فكان لديها البرلمان المنتخب والإعلام ومنابر الجمعيات لذلك وليس الشارع والضغط به». وبيّن عراد أن «الشعب البحريني له مطالب ولا يمكن لأي أحد أن يكون ليس له مطالب سواء كانت شخصية أو مناطقية، ولكن كيف لنا أن نحصل على هذه المطالب؟، هل نريد أن نحصل عليها بالإضرار بالأمن والاقتصاد الوطني وتخويف الآمنين في بيوتهم بهذا الفعل الآثم الذي لا يمكن وصفه إلا بالجريمة التي يعاقب عليها القانون أو أن تأخذ منحى السلمية الحقيقية والتعبير الحضاري عن طريق القنوات الدستورية». وأضاف «قامت هذه الفئة الضالة بالإرهاب المتعمد والممنهج والمدروس لضرب اقتصاد الوطن، وهربت روس الأموال وجفت منابع اقتصادنا الوطني في سبيل دعم توفير الأمن والأمان وانصبت أغلب ميزانية الدولة لتوفير الأمن، وعلقت مشاريع كثيرة تنموية بسبب هذا الإرهاب الممنهج والمدرب عليه من قبل منظمات في دول أخرى لديها معسكرات خاصة مؤمنة مادياً وموفر لها وسائل التدريب والمدربين وذلك لإحداث هذا الإرهاب في هذا الوطن الآمن والمتعايش سلميا منذ أمد العصور على الحب والتوافق والأخوة واحترام إنسانية الإنسان دون النظر لدين أو مذهب أو لون أو حتى منصباً «،مضيفاً «فالمعروف عن البحرين وأهل البحرين بأنها خليطاً اجتماعياً غير متواجد إلا في أمريكا ولا أحد يستطيع أن ينسب هذا الوطن إليه كأصل أو كفرع لأننا متواجدون على هذه الأرض عبر سنوات طويلة متعايشين كالأسرة الواحدة التي تشكل ذلك النسيج الاجتماعي الذي كان يحسدنا الغريب عليه «، مؤكداً « أن أي عمل من هذه الأعمال الإرهابية الخارجة عن العرف البحريني الطيب المتعايش بسلمية تعد جريمة نكراء بحق الوطن والمواطن ،ويجب أن يقدم الفاعل والمحرض للعدالة حتى يأخذ نصيبه من الجزاء». عبدالله شخص عملي وتناولت النائب واستشارية طب العائلة د.سمية الجودر حالة عبدالله من الجانب النفسي وبينت بعد زيارتهما في المستشفى أن «ردود الفعل تختلف من شخص إلى آخر ويعتمد ذلك على مدى حصول الطفل على الاستقرار العاطفي وإحساسه بالحب غير المشروط من والديه ومن أجداده، فإذا كان متوافقاً مع نفسه قبل حدوث الأزمة والحدث سيكون من السهل احتواء الضرر النفسي»، مشيرة إلى أن ذلك ما لمسته خلال زيارتها إلى عبدالله ووالدته». وأكدت أن «وجود أهلهما وأقاربهما وأصدقائهما حولهما سيساعد عبدالله على تخطي الحدث»، معتقدة أن «تفكير عبدالله وقوله إنه سيتدرب على فنون الكارتيه والدفاع عن النفس، مدلوله بأنه شخص عملي ويفكر في المستقبل بإيجابيه ويفكر في الحلول». وأكدت د.الجودر أن «وضع عبدالله اليوم هو وضع الطفل الحائر من أمره ويريد أن يسأل عما مر به ويريد أن يفهم لماذا؟ وماذا يحدث في البحرين وممن.. من أبنائها يجرحها؟، فالواضح أن عبدالله تربى في بيئة آمنة لا تشحن الطفل ولا تؤجج مشاعر الغضب لديه، لذلك الجرح عليه واضح»، مستذكرة «نظرات عبدالله كانت ثاقبة ممزوجة بالغضب والحيرة لماذا هو المتضرر؟ لماذا نحن في منزلنا ولم نحصل على الأمان، أنا متفائلة لعبدالله هذا سيجعله قوياً والآن شيء طبيعي عدم الرجوع للمنزل حيث الجرح ما زال طرياً لابد من فترة لاستيعاب ما حدث. لا بد من مشاركة عبدالله في أنشطة مثل الرسم والتعبير عن مشاعره هذا سيكون علاجاً وتأهيلاً له.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}