داؤنا العضال تلك المجاملة، وعلتنا في عدم امتلاكنا الجرأة على تسمية الأشياء بمسمياتها، ومن هذا الخجل والتردد والجبن عند البعض منا، يستمد المخطئ أوكسجينه الذي يواصل به خطأه بل وجرائمه، ومنه يكتسب شرعيته.

فكلما لمس المخطئ أو المجرم بأن تسميته بالمجرم وتصنيف فعله بالجريمة موضع شك أو تردد، وأنه ما زال يملك سلطة التخويف والترهيب، وأن هناك من لا يجرؤ على مواجهته بجرمه، تمادى في غيه، وهذا ما يفعله البعض منا حين يصر على تسمية من وقف تحت شعار باقون حتى يسقط النظام «بالمعارضة»!!

شتان بين ما يطلق عليه حكومة الظل، المعارضة للحكومة وبينهم، فمن يطلق عليهم هذا اللقب في البحرين لم يعملوا على معارضة الحكومة، بل على معارضة الحكم، ولا علاقة للاثنين ببعضهما البعض.

فالمعارضة لا تتأسس على هدم نظام الحكم، بل تتأسس ضمن إطاره الدستوري وتحصر خلافها مع الحكومة، وهذا لم يكن شأنهم، هذا أولاً، والمعارضة تبقي اشتغالها وانشغالها بالسياسة ضمن حدودها الوطنية وسيادتها، أما من يعتمد على أي دعم من أي دولة أجنبية فهذا خائن مع سبق الإصرار والترصد، ومن يتردد في مواجهته يساعده على شرعنة خيانته.

إن كنا لا نجرؤ على تحديد موقفنا ونخشاهم ونخاف من ردود فعلهم ونتردد في توصيفهم بما يستحقونه، فلا أقل من الصمت والانكفاء، ولنتحدث بأي موضوع آخر لا يتم لهم بصلة، إنما لو ذكرنا من كان قراره في دولة أجنبية إيران كانت أو أمريكا أو بريطانيا واعتمد في عمله على دعمه الأجنبي فهو خائن خائن خائن.

لأنه كلما تكرر هذا التمويه وتسميتهم «بالمعارضة»، والادعاء بأنه غير مقصود يصبح مقصوداً ومتعمداً، وهناك إلى يومنا هذا من هو مصر على تسميتهم «بالمعارضة» وكأن مرادفات الخيانة قد شحت فاضطر لتسميتهم بما هم ليس بأهله.

من المفروض أن كل صاحب قلم وفكر أن يساهم في تنقية تلك المفاهيم ومنه استغلال التمويه والتضليل، أمامنا أجيال تشوش عقلها بين حقها وحق الدولة، معنى المعارضة والفارق بينها وبين الخيانة، وبين الحرية الفردية والأمن الجماعي، كلها كانت أوراقاً مخلوطة بتعمد حتى وجدنا أنفسنا مضطرين لتعريف المعرف.

فليس لنا بعد أن زالت الغمامة وانفض الغبار أن نستمر بعملية التضليل والتمويه، لابد من غرس جديد يعيد الأمور لنصابها.

وأي دولة أجنبية تدعم هذا التضليل والتمويه عندنا، لا يمكن أن تتساهل به على أرضها، إيران كانت أو أي دولة غربية ديمقراطية.

هناك يعدم أو يسجن بالمؤبد من يتصل بدولة أجنبية ويتلقى منها الدعم من أجل إحداث الفوضى والإرهاب، وهناك حين يتهدد أمنهم الجماعي تتوقف الحريات الشخصية، وهناك ليس لنائب أن يقول لمسؤول في دولة أجنبية أنا خادمكم المطيع، هذه جرائم أمنية خطيرة لا يوصف من يقوم بها «بالمعارضة» لكنهم يشجعون من يقوم بها عندنا ويصنفونه معارضة لأغراض نعرفها كلنا، لذلك حين يستمر البعض منا بتسميتهم «معارضة» فهو أما شريك لهم أو خائف منهم وفي الحالتين ضرره قد وقع على الوطن.