سيدة رفعت دعوى في المحاكم الجعفرية طلبت الطلاق للضرر من زوجها أو الخلع منه، ومضت على قضيتها في أروقة المحاكم حتى اليوم، عشر سنوات، تلك المدة الزمنية وحدها دون النظر إلى بقية التفاصيل ظلم يثبت أن هناك خللاً في مكان ما، الدولة مسؤولة عن إصلاحه، ويحتاج إلى لجنة تحقيق.

عقد من الزمان، عشر سنوات، 3650 يوماً، أولادهما كانوا في الحضانة حين رفعت الزوجة الدعوى، مروا بقصص مرعبة كانوا فيها هم ضحايا هذا التعنت، وجرى ذلك كله تحت سمع وبصر القضاة الشرعيين.

رغم علمهم أنها هي تعيش في منزل منفصل عن زوجها منذ سبعة أعوام، لا ينفق عليها ولا على أبنائها وقاطع عنهم جميع وسائل الاتصال به، وعلمهم أن بين الاثنين 22 قضية في أروقة المحاكم غير طلب الطلاق، وبينهما 66 شكوى في مراكز الشرطة، سب وقذف وطعن في الشرف وقع بين الاثنين أمام القضاء، هل يحتاج الأمر لثبوت استحالة العيش بين الاثنين، دون الدخول في التفاصيل وتحديد من هو المخطئ؟ فلم يعد تحديد من المخطئ مجدياً، السؤال أي هدف ينشده القضاة من بقاء تلك المرأة عالقة طوال هذه السنوات تزور كل غرف التحكيم ويعرفها كل من يعمل في المحاكم لكثرة ترددها دون نتيجة؟

تلك حالة نموذجية امتنع فيها القاضي عن تطبيق النص القرآني والنص القانوني بتطليق المرأة كما هو مطلوب منه لأسباب غير معروفة، وهذا ما يدفعنا إلى السؤال، ما الطائل من إصدار قانون يستطيع القاضي باجتهاده تعطيله؟

أين المجلس الأعلى للقضاء؟ وأين لجان التفتيش التي من المفروض أن تفتح ملفات المعلقات، ثم تسأل لِمَ الحال مختلف من قاضٍ إلى قاضٍ؟ لِمَ النص لم يكن كافياً لإنهاء تلك المعاناة؟ لِمَ تترك مساحة الاجتهاد واسعة إلى هذا الحد؟ لِمَ تستمر مثل هذه الدعاوى لأكثر من عام؟ ومَن أعطى الصلاحيات ولم يحاسب؟ ألا يجب أن تكون هناك مدة زمنية لا يجب أن تتجاوزها مثل هذه القضايا لما في ذلك من ضرر على كل أفراد الأسرة حتى الممتدة منها؟

الشرع والقانون منحا تلك الصلاحية للقضاء لا للقاضي وهذا هو الفرق الذي نحاول أن نلقي الضوء عليه.

فالحق مشروع من الله سبحانه وتعالى وقانونياً منحته لها الدولة وأداته القضاء الذي وضعها بيد القاضي، فهل يحق للقاضي أن يمتنع عن إنفاذ القانون؟

كيف للدولة أن تفاخر بتقليص مدة التقاضي في القضايا المدنية وهذا محل فخر بالتأكيد، ثم تقف مكتوفة اليدين أمام القضايا الإنسانية كالتسريح بإحسان، وتترك للقضاة حرية التصرف والاجتهاد فيها بهذا القدر؟

فالرقابة على القضاة وتطوير معايير تعيينهم من أهم مسؤوليات الدولة فبهما يستقيم العدل، والبحرين كدولة من أكثر الدول عناية بالحقوق الإنسانية وتعمل على مراعاتها كما ورد ذلك في الكلمة السامية لجلالة الملك حفظه الله، لا إحقاقاً للحق فحسب إنما لسمعة لا يرضى جلالته بالعبث بها وتشويهها حين تتصدر مثل تلك القصص وتنتشر عن البحرين، في حين أن البحرين قد طورت الكثير في المنظومة التشريعية بعمومها وفي الإجراءات القضائية وفي معايير التعيين بالتحديد، لكنها مع الأسف وصلت إلى القضاة الشرعيين وتعثرت وربما تعطلت معها عجلة التفتيش، وجاءت قضية المعلقات لتطرح تلك التساؤلات!

ترك الأمور بلا رقابة فاعلة دون تدخل يترك مساحة واسعة للتسلط وللتهاون ولسوء الاستغلال، في أي موقع بما فيها القضاء، وإلا لِمَ وجدت أصلاً لجان التفتيش ولِمَ تشكل المجلس الأعلى للقضاء؟

وأي جهة لديها صلاحيات واسعة ولديها شعور بأنها فوق الرقابة والمحاسبة والتقييم المستمر فإنها قابلة للفساد، فإن كان ذلك ينطبق على السلطتين التنفيذية والتشريعية فهل تستثنى القضائية إذاً؟!