التعليم.. الصحة.. والوظيفة، ثلاثية انشغال المواطنين والتي لا تكاد تخلو منها وسيلة إعلامية أو تغريدة على مواقع التواصل. وبالطبع يمكنني إضافة كثير من الانشغالات الأخرى، والتي تبدأ بالإسكان و"كورونا" والوضع الاقتصادي مروراً بزحمة الشوارع ومخالفات المرور وفواتير الكهرباء وليس انتهاءً بقضية المعلقات أمام المحاكم.

لا يمكنني الادعاء أن الأوضاع مثالية، أو أننا نعيش في جمهورية أفلاطون الفاضلة، لكننا مثل كثير من الدول والمجتمعات نعيش الأزمات، ونحاول بشتى الطرق أن نواجه التحديات، نستفيد من الفرص ونبتكر ما استطعنا من الحلول قد يتفق البعض أو يختلف على نجاعتها.

قبل أيام تحدث بعض أصحاب المطاعم، عبر تقرير صحافي، عن توقعاتهم بارتفاع أسعار الوجبات بما قد يصل إلى 40%، نتيجة ارتفاع أسعار اللحوم، والذي عزاه عضو غرفة تجارة وصناعة البحرين، خالد الأمين، إلى توقف الشحن نتيجة نقص الحاويات على مستوى العالم، تبعه زيادة في أسعار الشحن العالمية بنسبة 120%، حيث ستتأثر أسعار ما يقرب من 60 سلعة غذائية بنسبة تتراوح بين 10 إلى 20%.

هذه الأخبار تحيلنا إلى موضوع قديم جديد، وهو الأمن الغذائي، والذي كان أحد التوجيهات الملكية السامية في افتتاح دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الخامس لمجلسي الشورى والنواب، حيث وجه جلالته إلى وضع وتنفيذ مشروع إستراتيجي للإنتاج الوطني للغذاء، وتبني الحلول المناسبة لتطوير مجالات الاكتفاء الذاتي.

ومنذ صدور التوجيه السامي إلى اليوم لم نرَ أية مبادرة واقعية وحقيقية، حيث اقتصر الأمر على كثير من التصريحات وبعض الأفكار التقليدية والمكررة، فالأمن الغذائي في المجال الزراعي لا يعني الطماطم والخيار والخس والكوسا، رغم أهميتها، بل السلع الغذائية الإستراتيجية مثل القمح والأرز والذرة والشعير.. والتي تحتاج إلى مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة إلى جانب كميات كبيرة من المياه، وهو أمر غير متوفر في مملكة البحرين، لذلك فقد كان من الضروري التفكير خارج الصندوق، وتفعيل الشراكات مع دول أخرى من أجل تفعيل الاتفاقيات الغذائية معها، واستغلال أراضيها وزراعتها لصالح البحرين، مع توفير طرق إمداد آمنة ودائمة على مدار العام.

نحتاج إلى حماية غذائنا كما نحمي أمننا، وألا نبقى تحت رحمة تقلبات الأسعار وجشع التجار وتحكم الدول المنتجة.. فهل وصلت الرسالة؟!

إضاءة..

"أصدرنا توجيهاتنا بوضع وتنفيذ مشروع إستراتيجي للإنتاج الوطني للغذاء، ليشمل تخصيص مواقع متعددة للاستزراع السمكي والإنتاج النباتي، ويهدف المشروع بشكل رئيسي إلى تطوير القدرات الوطنية في مجال الصناعات الغذائية ورفع نسبة الإنتاج المحلي". "جلالة الملك المفدى".