لعلي لا أذيع سراً، ولا أكشف جديداً إذا قلت إن في هذه البلاد طاقات لم تستغل وكفاءات لم تستثمر ومواهب لم تستكشف، وشهادات علمية «معتبرة» جفّ حبرها قبل أن يستفاد منها بعد أن ظلت معلقة على رفوف النسيان لسنوات انتظار طويلة سقطت من عداد العمر وضاعت هباء منثوراً.

تقارير البطالة التي تتلاحق وتتضخم عاماً بعد عام هي ليست مجرد أرقام تزيد أو تنقص، ويزايد المسؤولون على زيادتها أو نقصانها كل بحسب مصلحته أو موقفه منها، بل هي مؤشر على أزمة اجتماعية حقيقية لن تلبث أن تتفجر إن لم يتم معالجتها سريعاً خاصة وأن من يعانون منها هم أشخاص تتوقف حياتهم وأرزاقهم ومعاشاتهم على فرص عمل ووظائف ينتظرونها ويسعون للحصول عليها دون أن يتاح لهم ذلك.

تابعنا مؤخراً أحداث جلسة مجلس النواب في بداية دور الانعقاد الحالي وتصدرها ملف «البطالة» و«بحرنة الوظائف»، وكأنه ملف موسمي يفتتح به كل دور انعقاد ثم لا يلبث أن يضيع أو يتم تجاهله بين ملفات العمل البرلماني.

وألحق ذلك بوسم #أنصفوا_عاطلين_البحرين الذي أطلقه مغردون على «تويتر» وشارك فيه بحماس أعضاء بالمجلس النيابي، انتقدوا ارتفاع البطالة في الفترة الأخيرة وعدم وجود برامج ترتقي لحجم التحديات التي أفرزتها ظروف ما بعد جائحة (كوفيد19) من أجل تسريع عمليات التوظيف في القطاعين العام والخاص، وطالبوا بوضع خطط عاجلة ومبادرات تتضمن تغييرات جذرية في أسلوب التعاطي مع ملف التوظيف، ومعالجة مشكلة العمالة الأجنبية غير النظامية وتقليل عدد الموظفين الأجانب واستبدالهم بالبحرينيين، وتوظيف المواطنين وتفضيلهم في الوظائف الحكومية والشركات الكبرى.

ويحق لنا هنا أن نوجه السؤال لأولئك النواب: لماذا أغفلتم تفعيل أدواتكم الدستورية حيال هذا الملف الثقيل والمهم طوال فترة نيابتكم حتى باتت هذه المدة توشك على النفاد بإسدال الستار قريباً على الفصل التشريعي الحالي؟ ولماذا بقي مراوحاً مكانه طيلة السنوات الثلاث الماضية التي لم نسمع فيها إلا صراخاً وخطباً سياسية لا تسمن ولا تغني من جوع؟

وإذا كانت المادة «13» من الدستور تنص في البند «ب» على أن: «تكفل الدولة توفير فرص العمل للمواطنين وعدالة شروطه»، فبصفتكم حماة الدستور والقائمين على وظائف التشريع والرقابة والمحاسبة في الدولة والمؤتمنين على أصوات ناخبيكم وعلى حاضر ومستقبل الوطن، ماذا فعلتم لضمان كفالة الدولة هذا الحق الدستوري للمواطنين ولتحقيق شرط العدالة في توفير فرص العمل؟

ونذكركم بأن المواطن لا يريد صراخاً تحت قبة البرلمان أو مناشدات واستعطافات في «تويتر» وغيره، بل يريد أن يتلمس أثر جهود صادقة وحقيقية من أجل تغيير واقع الحال من خلال تفعيل دوركم وأدواتكم الدستورية كاملة.

سانحة

بين «الواو» و«التاء المربوطة» ضاعت كثير من الحقوق..