أمس ضجت وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي بالاحتفال بما يسمى «اليوم العالمي للمدير» والذي يتوافق مع السادس عشر من أكتوبر كل عام.

والقصة بدأت من خلال سكرتيرة أمريكية تدعى «باتريشيا بايس هاروسكي» والتي كانت تعمل في شركة تأمين يديرها والدها، فابتدعت مسمى «يوم المدير» ليتوافق مع عيد ميلاد والدها في السادس عشر من أكتوبر، وكان ذلك في ولاية إلينوي عام 1958، ولقت الفكرة صدى كبيراً فاعتمدها عمدة الولاية عام 1962 لتكون يوماً سنوياً خاصاً بالولاية، ثم تم تعميمه على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية، وفي عام 1984 اعتمد كاحتفال عالمي وبعض الدول تمنح الموظفين فيه يوم إجازة.

فكرة إنشاء هذا اليوم كانت قائمة على عملية «إبداء الشكر» من قبل الموظفين إلى مدرائهم، وقد لاقت معارضة كثيرين لرفضهم شراء هدايا لمدرائهم، وبسبب أن كثيرين عبروا عن استيائهم من معاملة مدرائهم ورأيهم بأنهم لا يستحقون مواقعهم الإدارية لممارستهم الظلم والتسلط الوظيفي على الموظفين.

المثير كان متابعة ردود الناس على ما نشر على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن الاحتفال بهذا اليوم وتوجيه الشكر لمدرائهم، إذ الإيجابية في الرد تمثلت بنسبة قليلة مقارنة بردود قاسية وقوية وبعضها يكاد يصل لمستوى الشتم والإساءة دون ذكر الأسماء أو التحفظ عليها، وفي ردات الفعل الأخيرة يكمن بيت القصيد، إذ عبر رصدها وتحليلها ستجد أن الغالبية تتفق على وجود مدراء أو مسؤولين يمارسون الظلم الإداري بل يحترفونه، وأن هناك حالات عديدة من الموظفين يعانون من «فن التعذيب الإداري» وهذا مصطلح أطلقه شخصياً على كل من يحول موقع المسؤولية إلى «عزبة خاصة» يمارس فيها «إدارة على مزاجه» فيظلم البشر، ويجحف حق المجتهدين والكفاءات، وفي المقابل يقرب المنافقين له والحاشية التي يسلطها على الآخرين أو تنقل له الكلام عبر التجسس على الموظفين، أو يحولهم لأدوات يضرب بهم الآخرين ويظل هو خارج الصورة كـ«الملاك».

ردود فعل الناس وتفاعلهم مع هكذا مواضيع لا يجب الاستهانة بها، بل ما ينشرونه في مواقع التواصل الاجتماعي من آراء وتجارب وخبرات تعتبر «كنزاً معلوماتياً» لأصحاب القرار المهتمين بإصلاح منظومات العمل والحريصين على وضع «المؤهلين والمتفوقين إدارياً وإنسانياً» في مواقع المسؤولية، لأن هؤلاء سيضمنون المعاملة العادلة للبشر بموازاة حرصهم على سير العمل بشكل صحيح ومتقن.

من خلال ما قرأته، أقول هنيئاً لكل موظف يعمل تحت قيادة مدير صاحب مبادئ وأخلاقيات رفيعة في العدالة والإنصاف والتقدير والإنسانية طبعاً، وأدعو لمن ابتلي بمسؤول لا يخاف الله ولا يقيم وزناً للمبادئ والأخلاقيات والإصلاح الإداري بأن «ينقذه» الله قريباً منه، وذلك عبر إبدال هذا المسؤول وإحلال من هو أفضل.

أخيراً، كيف حالكم أنتم مع مسؤوليكم؟!