ارتفع سعر النفط سريعاً في الأسابيع الأخيرة ووصل إلى حوالي 85 دولاراً لأول مرة منذ ثلاث سنوات تقريباً. والارتفاع السريع لسعر برميل النفط يأتي بعد أن ارتفعت أسعار الغاز والفحم ووصولها لأسعار خيالية - خمسة أضعاف عن أسعارها السابقة قبل عام - واللذين يستخدمان لتوليد الطاقة في دول كثيرة أبرزها الهند «الفحم»، والولايات المتحدة والدول الأوروبية «الغاز الطبيعي»، مثلاً. ومع ارتفاع سعر الغاز والفحم يصبح النفط بديلاً مطلوباً للطاقة خاصة بعد أن بدأت أغلب دول العالم تتعافى من جائحة كورونا وبدأت اقتصادياتها في استعادة نشاطها.

ليس ذلك فحسب، فالتغير المناخي يلعب دوراً محورياً في لعبة أسعار الوقود بأنواعه. فأوروبا مثلاً تعتمد بيوتها والعديد من صناعاتها على الغاز الطبيعي كوقود أساس ونظراً للصيف الحار الذي عانت منه القارة هذا العام اضطرت الدول الأوروبية للجوء لاحتياطاتها من الغاز لتبريد البيوت مما جعلها الآن تصارع وتدخل في مضاربات لشراء ما تبقى في السوق من الغاز قبل دخول فصل الشتاء والذي يجبر البيوت على التدفئة لشهور طويلة وذلك دفع أسعار هذا النوع من الوقود إلى الأعلى.

وبالنسبة لنا هنا في دول الخليج يعد ارتفاع أسعار الوقود أمراً إيجابياً وينعش الميزانيات الرسمية كما هو معروف. والبحرين تحديداً، ولأنها اعتمدت 50 دولاراً سعر النفط في ميزانيتها ولكنها تحتاج حسب التقديرات إلى سعر 88 دولاراً لتصل إلى «التعادل» في الميزانية بحيث تتساوى المصروفات مع المدخول يعتبر ما يحدث في هذا الوقت أمراً مفيداً وقد يسرع من تحسين الوضع المالي للدولة في فترة زمنية أقصر من المتوقع.

لكن ماذا ينتظرنا نحن كمستهلكين؟ الحال، لن يكون بالإيجابية المرجوة. فارتفاع أسعار الوقود يعني ارتفاعاً في سعر الشحن ووصول البضائع إلى الموانىء وهي أغلى من المأمول. وقد لاحظنا التصريحات الأخيرة من عدة موردين وتجار تنذر بارتفاع أسعار الأغذية والملابس مثلاً ليس بسبب الضغط على الشحن البحري أو الجوي فقط بل نظراً لارتفاع أسعار الوقود كذلك مما يجعل المستهلك في وضع صعب بلاشك. إضافة إلى ذلك اضطرارنا لرفع ضريبة القيمة المضافة مع بدء العام المقبل الأمر الذي سيجبر الكثير منا للاقتصاد في المصروفات إلى حد كبير.

نخرج من «كورونا» متعافين بإذن الله لنواجه خلال الشهور المقبلة تضخماً صعباً في الأسعار سينهك جيوب الناس. الله المستعان.