بعض الأخبار التي تنشر في صحفنا وتتناقلها حسابات وسائل التواصل الاجتماعي تثير غضب الناس بالضرورة، خاصة لو كان المضمون يخالف الواقع المعيش.

لربما يستغرب بعض المسؤولين من ردات فعل الناس، وقد يتهم البعض الناس بأنهم «متحلطمون» على الدوام، لكن مربط الفرس هنا يكمن في الفعل لا رد الفعل.

في زمن باتت فيه التحديات متزايدة بشكل يومي، من الطبيعي أن يقلق الناس على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم، فهدف الجميع في النهاية أن يضمن الحياة الكريمة وألا يتضرر مصدر رزقه، وأن تتواكب الخدمات المقدمة مع تطلعاته، وهذه كلها حقوق مشروعة، بل أبسط ما يريده الناس.

وعليه فإن العمل في جميع النواحي يفترض أن يركز على هذا الطموح، وأعني به طموح عيش الحياة الكريمة، بحيث تكون المخرجات محققة لرضا الناس ولا تسهم بالعكس في التضييق عليهم أو إثارة استيائهم.

لن أحدد هنا، بل سأقول إن عدداً من التقارير سواء داخلية الإنتاج أو خارجية نشرت ولاقت رد فعل مستغرباً ورافضاً أو متهكماً، وهذه الصفة باتت تطغى في الآونة الأخيرة، لدرجة أن انتشرت مقولة مفادها بأن البحريني قبل أن يستاء من أمر ما فإنه يتندر عليه ويبتكر قصصاً وإسقاطات مضحكة عليه، وهذا بحد ذاته فعل يستوجب الوقوف عنده، إذ بتحليل بسيط هو يعني القبول على مضض بالأمر الواقع وتخفيف وطأة تأثير هذا القبول بالتندر وتسلية النفس.

مؤشرات السعادة مهمة في أي مجتمع يعمل لأجل صالح الناس، ولذلك فإن قياس رأي الناس مهم، وهنا نتحدث عن القياس الحقيقي الذي يقوم على الاحتكاك المباشر بالناس ومعرفة مواقفهم ووجهات نظرهم، وقد تكون هذه الآراء مخالفة تماماً للمشروع أو النهج الذي يراد اتخاذه، هنا يفترض أن يكون لآراء المجتمع قيمة ووزن في تشكيل الاتجاهات وصناعة القرارات، وعليه فإن هناك مرحلة هامة لا بد أن تحدث وتكون معنية بتعديل الاتجاهات أو تغيير الأهداف أو إيجاد الحلول والبدائل التي تحقق الرضا العام.

لو أخبرت شخصاً أعرف أنه بعد 10 أيام من نزول راتبه وانتهائه أنه يعتبر من الأغنياء، لربما رماني بحجر وشج رأسي به، لأن واقعه المعيش يخالف تماماً أية إحصائيات وأرقام هي تعتمد على معدلات ومتوسطات وحسابات تخلط الحابل بالنابل، ولربما يعتبرني قاصداً لإثارة حميته بالتالي ردة فعل تكون عنيفة وغاضبة.

وهكذا على مثل هذا النمط، قياس المزاج العام بشكل حقيقي وواقعي هو الذي يكشف المشهد الصحيح دون انتقاص أو إضافات، وهو ما يساعد على وضع رؤى صائبة تحقق الصالح لهذا المواطن. فصناعة الحلول ووضع البدائل بما يخدم الوطن والمواطنين دون تأثرهم أو إدخالهم في إحساس من الضيق يتطلب جهوداً مضاعفة تبعدنا عن أسهل الحلول، جهود تحلل كل شيء وتفكر في كل شيء لتصل في النهاية لنتيجة ترضي الجميع.

خلاصة القول، لا يوجد إنسان يريد أن يوصف بأنه «متحلطم»، لكن الظروف في الغالب هي من تدفع كثيراً من الناس لذلك، خاصة لو قرؤوا وتابعوا تقاريرَ تتحدث عن واقعهم، بينما الواقع المعيش بخلاف ذلك تماماً.