يتفهم المراقب لنتائج الانتخابات العراقية 2021 أن ما تركه الطاغية صدام حسين تحت مظلة نظام الحزب الواحد، قد أدى لترك إرث سياسي ثقيل أسهم في التشظي المجتمعي، وقد نقول إنه من الناحية النظرية، يعتبر صوت الناخب العراقي هو الذي يقرر نتائج الانتخابات التشريعية ويحدد الأحزاب الفائزة فيها والنسب التي تحصل عليها، لكن أسوأ معارفنا هو إدراك أن الأحزاب الدينية، والقومية، قد حكمت السياسة العراقية منذ 2003 فجعلت الانتخابات العراقية صوراً مشوهة للديمقراطية. تلك المدركات كان على رأسها أن طهران تملك نتائج صناديق الاقتراع مقدماً. لكن رجال طهران تعرضوا لعقاب الشارع العراقي الذي وعدهم بالمحاسبة في شعارات مظاهرات الشباب ضد الفساد السياسي والمالي.

فقد طشرت رياح تشرين، حملة البنادق الإيرانية، فالنتائج كانت مدفوعة الثمن مقدماً بدم 600 قتيل وآلاف الجرحى العراقيين، وكانت رسالة للفتح بقيادة هادي العامري والنصر برئاسة حيدر العبادي والحكمة التي يترأسها عمار الحكيم، لكن رجال طهران رفضوا نتائج الانتخابات فهادي العامري قال: «لا نقبل بهذه النتائج المفبركة، مهما كان الثمن» و«سندافع عن أصوات مرشحينا وناخبينا بكلّ قوة»، وأبو علي العسكري، مسؤول كتائب «حزب الله-العراق»، قال «ما حصل في نتائج الانتخابات التشريعية يمثّل أكبر عملية احتيالٍ والتفافٍ على الشعب»، وجميع ما قيل مثقل بالمفردات التعبوية. لكن طهران ليست في مزاج قتال في الساحة العراقية فهناك ما يشغلها وأوله إظهار الود للرياض لإنجاح المفاوضات الجارية، وإبراز حسن النية أمام مفاوضيها في هيكل 5+1 النووي، كما يقلقها أنها تسند ظهرها على جدار من القلق مع جارها الشمالي في أذربيجان، وتسند ظهرها الآخر على جدار جارها الأفغاني الذي تسن فيه طالبان وحتى «داعش» حرابها لطعن طهران. لذا لم يعد أمام طهران إلا الطعن في نزاهة مفوضية الانتخابات العراقية، عبر ما تسمى مجموعة «الإطار التنسيقي» والتي تضم قوى سياسية وفصائل عراقية مسلحة تطلق على نفسها فصائل المقاومة، حيث هددت أنها ستقوم باتخاذ جميع الإجراءات المتاحة، على الأقل حتى تخف أوجاع طهران وتستعيد القوى التقليدية نفسها مرة ثانية فتضخ طهران في شرايينها المال والسلاح وإمكانية التزوير.

بالعجمي الفصيح

خسرت طهران في العراق حشدها، فحركت في لبنان زعرانها، لكن التجارب علمتنا أن هذا هو البيدق الأول فأين ستحرك الثاني؟