انظروا كيف يغش بائع الخضار في الميزان؟ عنوان جذب الآلاف للتعليق على فيديو حادثة الغش بعد انتشاره خلال الأيام القليلة الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي. السؤال الذي راودني عند مشاهدتي الفيديو هو: هل هذا البائع فقط من لم يراعِ ضميره في الميزان؟ وكم عدد الأشخاص الذين يغشون في عملهم؟ وكم موظف يعمل بلا ضمير ولا ذمة؟

ليس البائع فقط من غش في الميزان، بل هناك عدد من الموظفين ممن يمتهنون الغش ولكن بطريقة أخرى، وهي العمل بلا ضمير. فكم من موظف يبصم ويرحل ومن ثم يعود ويبصم مرة أخرى ويحصل على معاشه بالكامل، في حين أن هناك موظفاً آخر يبذل جهداً كبيراً لإنجاز عمله، بالإضافة إلى أنه يقوم بتأدية عمل ومهام الموظف غير الملتزم!



‏ينقسم الموظفون قسمين: الأول هو الكادح المجتهد المنجز لمهامه الوظيفية والمبدع في عمله ذو الضمير الحي، فلا ننكر أبداً جهود الموظفين الكادحين الذين ينتجون وينجزون ويبذلون قصارى جهدهم في العمل، ضمائرهم حاضرة على الدوام وتحاسبهم على أقل تقصير، ونجدهم متميزين في العمل والمعاملة. أما القسم الثاني الذي سأخصص له الجزء الأكبر في هذا المقال، فهم الموظفون ذوو الضمير الغائب.

أعرف عدداً من الأشخاص الذين كانوا يتمنون الحصول على وظيفة، وبعد مدة وفقهم الله في وظائف تتعلق بتخصصاتهم، ولكنهم للأسف مع مرور الزمن انضموا إلى من لا ينجز عمله ولا ينتج، وصفوا جنباً إلى جنب مع من يستخدمون عبارة «أهم شي الراتب ماشي»، أي بطالة مقنعة مع راتب آخر الشهر بزياداته وعلاواته، والغريب هو أنهم أكثر من يطالب بالترقيات!

شاء القدر أن أعمل مع أحد الموظفين الذي كان «يبصم ويمشي» ويستخدم وقت تواجده النادر في مقر عمله الأجهزة والأوراق التي تخصصها جهة العمل، لأموره الشخصية.

وموظفة أخرى تصل إلى مقر عملها وهي مشغولة بمكالمة هاتفية تستمر ساعات ثم تغلق الهاتف دقائق ومن ثم تنشغل بمكالمة أخرى، وإنجازها الوظيفي صفر. هذا بالإضافة إلى الموظف النحلة الذي يتنقل من مكتب إلى آخر ويضيع ساعات عمله الرسمية في الحديث مع الموظفين عن أمور ليس لها علاقة بالعمل، ولا ننسى مهمة نقل الكلام والنميمة.

أضف إلى ذلك من يعطل مصالح الآخرين لأسباب تافهة، ولا يكترث بحاجتهم إلى الإسراع في إنجاز معاملاتهم.

من يحاسب هؤلاء إذا كانت ضمائرهم في سبات عميق؟

هذه النوعية من الموظفين لا تدرك أنها تمنع الفرص الوظيفية عن آخرين أكثر كفاءة وإنتاجاً، ويتمنون الحصول على الوظيفة لإثبات قدراتهم وجدارتهم، كما أنهم يشكلون عبئاً على مؤسساتهم التي لا تحصد إنتاجاً مقابل ما تقدمه لهم من تقدير، سواء من الناحية المادية أو المعنوية.

عبير مفتاح