لربما نعيش نحن التجار أو ما تبقى منا من التجار مزاولي الأنشطة التجارية والشركات الصغيرة والمتوسطة حالة استنفار ما بعد أزمة (كوفيد19) الاقتصادية والتي طالت فترتها كثيراً على غير ما تعودناه سابقاً من الأزمات السياسية والاقتصادية التي قد تبدأ بالأيام والأسابيع وتنتهي بعد أشهر فقط.

(كوفيد19)، غربل الأسواق المحلية والخليجية بشكل صحيح، وجعل البقاء فيها ليس للأثرى ولكن للأذكى والأكفأ، وذلك بطبيعة حال تعاقب الأجيال وظهور شركات جديدة بلا شك تحمل أفكاراً استثمارية جديدة غير نمطية أو تقليدية.

بعد سلسلة سنوات أرجح أسبابها من 2018 تراجع أسعار النفط، حتى اعتقدنا أنه سينهار أمام ظهور شركات النفط الصخري الأمريكي، مما أدخل جميع دول الخليج في نفق إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني وترشيد الإنفاق، وحتى تغيير الأفكار النمطية عبر الاستثمار في تنمية الأهداف المستدامة، وبالطبع - وأقولها بكل شفافية - غابت المشاريع الحقيقية الضخمة والتي تضخ سيولة حقيقية جديدة بدلاً من تدوير العائدات والاستثمارات في حلقة محاولة تقليص الفارق للخروج من عنق زجاجة العجز المالي إلى نقطة التوازن، وهذا لن يكون بدون تضحيات أو حتى ضحايا وهو شيء سوف أذكر نفسي به دائماً كلما استمررت في المجال التجاري، إلا أنه لا بد من أن يأتي يوم ولربما لن يكون هناك مجال للاستمرارية في الأعمال التجارية والتي أنشأتها في العام 2014.

الحقيقة أن ارتفاع النفط قد يحمل مفاجآت جديدة مع العام 2022، وهي سنة تتزامن مع الانتخابات، ولربما لن تسر من لم يحالفه الحظ بالاستمرارية في الأعمال التجارية هرباً من الإنفاق في تكاليف الاستمرار، مع التوضيح بأن كل التجار البحرينيين بمن فيهم من تكتب المقالة، نعيش أصعب أيامنا أكثر من أزمة (كوفيد19) نفسها، بسبب محاولة إعادة هيكلة الديون والتكاليف والخروج ببرامج تجارية جديدة تتلاءم مع وضع السوق الجديد بعد ما أغلقت الكثير من الأنشطة التجارية.

الأمر التكتيكي الحقيقي مع كل هذه التغيرات السريعة والتي لا نستطيع حتى ملاحقتها وتحليل أبعادها، بأن من أغلق تحت قانون الإفلاس لن يستطيع الهروب وإعادة فتح أوجه جديدة لنفس رؤوس الأموال القديمة ونفس الوجوه التي سيطرت على معظم المشاريع والأنشطة التجارية على مدى العشرين سنة الماضية، وذلك كله يعود الفضل فيه إلى النظام الاقتصادي الحديث وسهولة تعقب المال والتحويلات المالية سواء كانت رؤوس أموال سليمة أم فاسدة بما يعرف بنظام تعقب غسيل الأموال، ولا عزاء لكثيرين ممن مارسوا الحيل والمراوغات التجارية لأنه بطبيعة الحال ليس في كل مرة تسلم الجرة!!!

* سيدة أعمال ومحللة اقتصادية