هذا السؤال أذكر بأنه تمت الإجابة عليه قبل 18 عاماً، أي منذ تأسيس ديوان الرقابة المالية ثم ألحقت بمسماه الجوانب الإدارية، وتلخصت في الرغبة بضبط أداء قطاعات الحكومة المختلفة من الناحية المالية ووقف أية عمليات هدر وبعضها قد يدخل تحت توصيف «الفساد الإداري»، وأيضاً بعدها الحرص على ضبط العمليات الإدارية لتمارس بشكل صحيح.

بالمختصر المفيد، تقارير الديوان يجب أن تكشف الجوانب الخاطئة التي تحتاج إلى تصحيح، وأيضاً تكشف التجاوزات ليتم وقفها ويفترض أن تصل الأمور إلى إنهاء مسببات ذلك أكانت سوء تطبيق لإجراءات أو سوء إدارة من قبل أفراد.

أذكر بذلك بسبب رصد حالة الشارع البحريني ووجود أصوات عديدة تقول بأنه من الأفضل عدم نشر نتائج التقارير عبر الصحافة ووسائل التواصل، لأن ما ينشر يثير الاستياء لدى الناس بسبب التجاوزات، ويزيد من هذا الاستياء مستوى الإجراءات المتخذة ضدها، وهنا نتحدث عن 17 تقريراً سابقاً كانت الصحافة تنشر مضامينها وكانت الناس تتفاعل وتطالب بمحاسبة من تسببوا بالهدر المالي ومن مارسوا الفساد والظلم الإداري ممن تثبت عليهم هذه الأمور، ويضاف إلى ذلك ما كان يفعله النواب من صراخ وتهديد ووعيد في الصحافة وتحت قبة البرلمان، لكن في النهاية لا تتم مساءلة أحد وكأن هذه التجاوزات لا تستوجب إجراءات تضمن عدم تكرارها وكأنها لا تستوجب تغيير كثير من المتسببين بها.

هذا رأي الناس ننقله لمن يعنيه الأمر، إذ هذه التقارير يفترض أنها ذات فائدة كبيرة في الرقابة على أموال الدولة المحرم الاستهتار فيها أو مد اليد عليها، وكذلك ذات فائدة كبيرة لوقف كل أشكال الفساد الإداري واستغلال المناصب، وهي تمثل الأهداف السامية التي أنشئ من أجلها الديوان أليس كذلك؟!

الهدف مما نقول هنا بأنه مثلما يتم نشر كثير من الأمور والملاحظات والتي بعضها يثير استياء الناس لحصوله بما يؤثر على المال العام أو مستوى الإدارة الصالحة في القطاعات ويعني في الخلاصة تأثر خطط التنمية والتطوير في البلد، مثلما ينشر ذلك، لابد من اتخاذ إجراءات تواكب مستوى الرصد، لابد من تغيير وجوده، ولابد من تصحيح مسارات، وكل هذه الأمور هي التي تجعل ثقة الشارع بشأن الرقابة والمحاسبة ترتفع نسبتها، وهي التي تجعل ترقب هذه التقارير السنوية ذا قيمة عالية، لأنها ستكون أساساً لعمليات التغيير على صعيد العمليات وحتى على صعيد تعيين المسؤولين الأكفاء.

وحتى لا ننسى ونكون مجحفين، التحية موصولة لكل المسؤولين الذين استفادوا من هذه التقارير في تصحيح أوضاع قطاعاتهم، وفي تحسين أساليبهم الإدارية، وفي حرصهم على عدم تكرار حصول أية ملاحظات، فنتيجة التقارير هذه تعتبر أساسا للتقويم لمن هدفه الإصلاح، وليست فضيحة تستدعي الاستنفار والتوضيح بالكلام بينما الواقع يقول العكس.

هنا أملنا الكبير الدائم في السياسة الإصلاحية التي ينتهجها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، إذ نثق تماماً بأن هذه التقارير تحظى باهتمامه وأنها من ضمن الأدوات التي يستند عليها في عمليات التغيير والتطوير وإحداث النقلات النوعية على مستوى التطوير الإداري وعلى مستوى الإنتاجية.