أكد المشاركون في ثاني أيام انعقاد المؤتمر الإقليمي لعصور ما قبل التاريخ وفجر الحضارات في المنطقة العربية، الذي أقيم برعاية صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى، الدور المهم للمركز الإقليمي العربي للتراث العالمي الذي افتتح مقره قبل يومين في مملكة البحرين، في حفظ التراث الإنساني والحضاري وشد خبراء التاريخ على دور اللغة وتفاصليها سواء العربية أوالأجنبية، في إدراك معاني علم التاريخ الإنساني، داعين إلى ضرورة العناية بمواقع عصور ما قبل التاريخ، وأن يمد المسؤولون في الوطن العربي دارسيها أهمية كبرى في تثقيفهم وتعريفهم بحقول الآثار التي تعتبر حضارة الأمة العربية والناطقة لكل وطن». العناية بالآثار ما قبل التاريخ وقال عميد كلية الآثار في جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا د.عبدالحليم نور الدين إن هذا اللقاء يعد علامة فارقة على طريق العمل في مجال الآثار في الوطن العربي، وعلاقتي بالوطن العربي قوية بكل المقاييس، معربا عن تمنياته في هذا المؤتمر، انبثاق فكرة تأسيس جمعية أو هيئة علمية تعني بالآثار ما قبل التاريخ، كما وأتمنى أن تخرج هذه الفكرة من البحرين بتشكيل تلك الجمعية الحاضنة للآثار، فلو نتجه إلى أي صحراء في الوطن العربي سنجد أن المناطق الأثرية عصور ما قبل التاريخ هي دائما بالصحراء، ودائماً في عزلة وتنبش ودائماً ما تغطيها العواصف والرمال، فنريد أن ننقذ هذه الآثار ولدينا تجارب كثيرة، فأنا لدي تجربة 40 سنة في العمل الأثري. من جهة أخرى وكما هو معروف أن الآثار تسرق بسهولة، وهذا ما نريد إيجاد حل له، ونريد لصناع القرار في الوطن العربي أن يضع للآثار أولوية، لأنه تاريخ الوطن، ويجب أن تتمثل في دعم كل مشاريع التراث». تفعيل طموحات المؤتمر وأعرب التاريخي سعيد علي حامد من ليبيا، عن أمله أن يتم العمل بالتوصيات التي سيخرج بها المؤتمر، خصوصا مع المركز الإقليمي للتراث الذي أنشئ حديثا في البحرين، وأن يبذل جهوداً مضاعفة لتنفيذ أكبر قدر من التوصيات»، مضيفا «يجب أن يتم الاهتمام بمواقع عصور ما قبل التاريخ، علمياً وإعلاميًا، وتوعية الجماهير بها، فحتى المسؤول يحتاج إلى توعية وإدراك لأهميتها، وقيام دراسات وبعثات وحفريات مشتركة لمجموعة من الأقطار العربية، وأشار إلى أن المركز الإقليمي في البحرين نعول عليه كثيرا، والبحرين لها اهتمامات جمة في التراث العربي والإنساني». توثيق النقاشات ومن جهته قال د. معاوية إبراهيم «من الأردن»، إنه أجرى، خلال فترة عمله في البحرين إبان فترة السبعينيات، دراسة مسهبة لم يسبق لها مثيل حول كشف كبير في تلال المدافن في سار، مؤكدا أن المركز الإقليمي غاية في الأهمية من أجل إعداد الكوادر والكفاءات العربية، وإجراء الدراسات والبحوث حول التراث الحضاري في المنطقة العربية، واعرب عن أمله أن تتمكن وزارة الثقافة من توثيق الأوراق التي تداولت في المؤتمر بمجلد خاص، وأن تتوالى مثل هذه المؤتمرات في الدول العربية». وأضاف «يجب إيجاد برامج في الجامعات الخليجية لتكوين الكوادر والكفاءات ولا يمكن الحفاظ على حضارة المنطقة من دون إعداد الكوادر المهيأة، وإلا سيبقى هذا شعار أجوف، فالكفاءات أولاً». المركز الإقليمي مبادرة جيدة من مملكة البحرين وبدورها رأت مديرة التنقيب والدراسات الأثرية في وزارة التراث والثقافة في سلطنة عمان بيوبه بنت علي الصابري أن «المركز الإقليمي مبادرة جيدة من مملكة البحرين، فهو لن يخدم البحرين فحسب وإنما المنطقة بشكل كامل، وحان الوقت إلى مسح المناطق في الجزيرة العربية، فمواقعنا كثيرة وغنية، وآن الأوان لإدراجها في قائمة لجنة التراث العالمي». وأضافت أن» النقاشات فرصة جيدة للالتقاء بأساتذة الآثار في المنطقة، لبحث بعض القضايا والاستفادة من خبراتهم في هذا المجال، معربة عن تمنياتها الخروج بتوصية لسلطنة عمان في عدد من المواقع الأثرية، ومن خلال المداولات التي جرت في المؤتمر نريد أن لا نقدم فقط مواقع وإنما حضارات، وتدرج مثلا عشرات الآلاف المدافن البرجية في عمان في كل مناطق السلطنة، ولا تقتصر على موقع بحدود جغرافي معين، وإنما مساحات شاسعة تشمل الحضارة». اللغة لأنها لب الحضارة وقال عبدالرحمن الأنصاري من السعودية إن «افتتاح المركز الإقليمي مكسب كبير للمنطقة العربية، وأوصى بأن يتم خلال المؤتمرات المقبلة باللغات لأنها أساس الحضارة، وأساس التقدم العلمي، لذلك أشعر بأن الاهتمام باللغات سيشكل لنا قفزة نوعية، فهناك الكثير من العلماء يهتمون باللغة واللهجة القديمة، وعندما يأتي أي جذر من الجذور العربية نشعر بأن الجدر العربي يقوم بأعمال كبيرة جداً ونستفيد منه فائدة عليا». آفاق التراث الإنساني ورأى الدكتور محمد النجار من الأردن، أن للمركز الإقليمي دوره مهم للغاية في تجميع الجهود وتركيزها في آلية المحافظة على التراث الإنساني والحضاري»، وقال إن:» مواضيع عصور ما قبل التاريخ لا تلاقي رواج في الوطن العربي، ومحاولة جمع المختصين في هذه الفترة لتدارس آفاق التراث الإنساني، هي محاولة جيدة جداً، ولو أخذنا بعين الاعتبار أن قائمة المواقع عددها قليل مقارنة بقائمة لجنة التراث، داعياً إلى حصر عدد المواقع وإعداد البيانات في الوطن العربي، لإدراجها ضمن قائمة لجنة التراث العالمي». منظومة للمواقع التاريخية من جانبه، قال د. عبدالعزيز توريظن من المغرب، إن المركز الإقليمي مهم جداً في البحرين ومكسب للدول العربية، والبحرين معروفة باعتدالها وتعاملها مع كل الأقطار العربية بدون أي مشاكل سياسية أوثقافية، ورأى أن المركز، أهميته تكمن في قدرة البلد على احتضانه، مؤكدا أن وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، بذلت جهوداً كبيرة ليكون المركز الإقليمي في المنامة عاصمة الثقافة العربية». وأضاف أن» المؤتمر خلق فرصة فريدة لبحث طروحات فترة ما قبل التاريخ، مشيراً إلى أن المساهمات كانت متعددة ومختلـــفة، أدى إلى الوصول إلى أسئلة جذرية لمستقبل المواقع الأثرية، وأكد أن المؤتمر مبادرة مميزة لتجد الدول العربية نفسها في منظومة قد تعطيها قوة فيما يتعلق بتسجيل مواقع جديدة على قائمة التراث العالمي».