هنا مثال جديد على دخول ذلك البعض الذي يعتبر نفسه «معارضة» في عالم السياسة بالغلط، ففي مقابلة أجرتها أخيراً إحدى الفضائيات السوسة مع واحد من الذين اختاروا العيش في الخارج قال ما معناه «إنه إذا فعلت الحكومة كذا وكذا وكذا، ثم فعلت كذا وكذا، ثم كذا، حينها سنعتبر ذلك تعبيراً عن حسن النية، وبعدها سننتظر منها أن تفعل كذا وكذا وكذا، فإن فعلت فكرنا في التواصل معها للتوصل إلى حلول للمشكلة القائمة منذ عشر سنوات»!

هذا المثال يؤكد أيضاً أن هؤلاء لا يزالون دون القدرة على قراءة الساحة المحلية والإقليمية وما يجري فيها من تطورات ودون القدرة على اقتناص الفرص واستيعاب أنهم في الموقع الأضعف الذي لا يسمح لهم إلا القبول بشروط الحكومة، فهذا الأمر متاح للقوي فقط، والقوي اليوم هي الحكومة وليسوا هم، ولهذا فإنها هي التي تضع الشروط وتفرضها، وهي التي تقدم الحلول ولا تقبل بغيرها، بل حقها ألا تقبل حتى الاستماع إلى الآخر.

ما ذكره ذلك «المعارض» الذي ظهر بقبعة «الحقوقي» لا يمكن أن يحدث لا في البحرين ولا في أي بلد، وملخص كلامه أنهم يريدون من الحكومة أن تعطيهم «الخيط والمخيط» وأن تقبل الحلول التي يفرضونها وتجعل الجمهور يصفق لهم، وهذا أمر غير قابل للحدوث حتى في أفلام الخيال.

اقتراب المسيرة الديمقراطية من فصل تشريعي جديد لا يعني أنه صار متاحا لهم الدخول إلى مجلس النواب، والسماح بدخولهم إليه لا يعني أن الحكومة تتنازل أو أنها تعمل على تغيير موقفها منهم.

يكفي أن يعرفوا أن الحكومة اليوم ملزمة بالنظر في طلبات المواطنين الذين تضرروا بسببهم وآذوهم وأفسدوا حياتهم، فهؤلاء هم الأهم والأقوى.

استمرار أولئك في تفكيرهم القاصر يزيد من مشكلاتهم ويبعدهم أكثر عن الطريق الذي لو سلكوه لوجدوا أبواب الحكومة كلها مفتوحة أمامهم.