^   في محاضرة بعنوان “التسويق الإلكتروني في السعودية.. قصة نجاح”، ألقاها بغرفة تجارة وصناعة الرياض، مساء السبت الموافق 10/3/2012، أكد مدير عام “شركة سوق.كوم” عباس صفدية “أن التجارة الإلكترونية بالمملكة آخذة في التوسع والنمو بصورة بارزة وأنها تحمل مستقبلاً واعداً للبائع والمشتري، بفضل اتساع حجم المستخدمين للإنترنت في المملكة بصورة مضطردة حيث بلغت نسبة مستخدمي الإنترنت بالمملكة حالياً 45% من مجموع السكان وأغلبهم من شريحة الشباب فوق 18 سنة”. تجدر الإشارة هنا إلى أن السعودية، كما يقول تقرير اقتصادي متخصص صادر عن مجموعة الاستشاريين العرب “تتصدر الدول لعربية من حيث نمو حجم التجارة الإلكترونية الذي بلغ 12 بليون ريال سعودي (حوالي 320 مليون دولار أمريكي)، ويترافق ذلك مع ارتفاع عدد مستخدمي خدمات التجارة الإلكترونية إلى 3.5 مليون مستخدم أي ما يمثل 14.26 في المائة من عدد السكان”. بالمقابل، ليست السعودية هي الدولة العربية التي بدأت التجارة الإلكترونية تشهد فيها المزيد من الاهتمام من قبل الدولة، ومن ثم انعكاس ذلك على نموها، ففي مصر أكدت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات هناك، في مطلع العام 2012، ورغم تردي الأوضاع فيها، وعدم الاستقرار التي تعاني منه “أنها تستهدف زيادة معدلات النفاذ للإنترنت فائق السرعة (البرودباند) في مصر ليصل إلى 13 مليون مشترك بحلول العام 2017، فضلاً عن ربط جميع المدارس والمؤسسات التعليمية بالإنترنت فائق السرعة، وزيادة حجم التجارة الإلكترونية بنسبة 20%، وزيادة عدد المواقع المؤمنة (جزء من خطة التوجه نحو تنمية التجارة الإلكترونية) على الإنترنت بنسبة 08 إلى 10% والوصول بنسبة مستخدمي العمليات البنكية إلى 30% على الإنترنت والمحمول”. ووفقاً لما نقل عن مدير عام مدينة دبي للإنترنت مالك آل مالك سجلت “التجارة الإلكترونية في الإمارات والسعودية ومصر قفزات نوعية على مستوى مواقع التجزئة على الإنترنت محققة ما قيمته مليار دولار في العام 2011”. أما مدير النسخة السعودية لموقع “كوبون.كوم” الإلكتروني لتسويق المنتجات والعروض التسويقية ثامر بامية، وهو مشروع أطلقه الأيرلندي بول كيني من دبي في منتصف العام 2010، والذي حصد الموقع عدة جوائز عالمية في مجال التسويق الإلكتروني منها جائزة “الموقع التجاري الرائد في الشرق الأوسط في 2011”، فيؤكد على “أن انتشار مفهوم التسوق الإلكتروني في المجتمعات العربية عموماً والسعودي على وجه الخصوص بات يشكل عاملاً مهماً في تطوير السلوك الاستهلاكي لدى العائلة العربية. وأن الموقع وفر على مستخدميه في الدول العربية أكثر من 126 مليون ريال (حوالي 0.34 مليون دولار أمريكي) منذ انطلاقته قبل حوالي 14 شهراً ودخوله أسواق 10 مدن عربية رئيسة، حيث تم بيع حوالي 600 ألف كوبون”. ويزداد حجم الاستثمارات العربية المتعاونة مع رساميل عالمية في مجال التجارة الإلكترونية، فوفقاً لما تناقلته وسائل الإعلام مؤخراً، وعلى لسان المؤسس والرئيس التنفيذي لدى (ترست 300)، محمد حسن الحداد، فقد “بلغ حجم استثمارات شركة (ترست 300)، المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات التابعة لـ (باي لو للاستشارات)، لإطلاق منصة إلكترونية افتراضية متخصصة في التجارة الإلكترونية أكثر من 10 ملايين دولار” ويتسق هذا النمو مع ظاهرة عالمية، حتى في الاقتصادات النامية، ففي الصين، على سبيل المثال، شهد السداد المالي على الإنترنت، كما تقول مصادر رسمية هناك “نمواً قوياً خلال العام 2011، حيث وصل إجمالي حجم هذا القطاع العام الماضي نحو 124 مليار دولار بمعدل نمو سنوي قدره 66% “. وينعكس هذا النمو إيجابياً على أنشطة اقتصادية أخرى، حيث نوه تقرير لمؤسسة البيانات الدولية وهي مؤسسة دولية بتقديم بيانات عن سوق التكنولوجيا الاستهلاكية ومجموعة علي بابا الصينية للتجارة الإلكترونية إلى “أن التجارة الإلكترونية تدعم التنمية الاجتماعية في الصين من خلال تقليل تكاليف الإنتاج وزيادة فرص العمل وتسريع وتيرة التحول الصناعي للمجتمع الصيني. وأشار التقرير إلى أن موقع تاو باو وهو أكبر موقع صيني للسداد المالي عبر الإنترنت وفر أكثر من 2.7 مليون وظيفة جديدة خلال العام 2011”. ويتوقع الكثير من المصادر البحثية في مجال التجارة نمو هذه الظاهرة على المستوى العالمي، ولعل في التحالف الإستراتيجي الثنائي الذي وقعته شركتي “فيزا” و«إنتل”، من أجل التعاون “لتطوير حلول التجارة والمدفوعات الإلكترونية عبر الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر اللوحي لتطبيقها في الدول المتقدمة والأسواق النامية”، على حد سواء، الكثير من المؤشرات القوية على تنامي هذه السوق. بقيت ملاحظة، لابد من الإشارة لها، وهي أن رغم ازدياد مبيعات منتجات المستهلكين على الإنترنت 10 ـ 15 في المائة في الولايات المتحدة منذ العام 2008، غير أنها لا تشكل في الولايات المتحدة أكثر من 5 في المائة من مبيعات أي منتج”، وفقاً لما صرح به المدير الرقمي لدى كانتار، كريستوف مورمان. كذلك الأمر في الصين، حيث إنه وحسب إحصاءات رسمية ما تزال تجارة التجزئة الإلكترونية في الصين لا تتجاوز “حوالي 3% من إجمالي حجم تجارة التجزئة الصينية. ويتوقع التقرير وصول النسبة إلى 7% بحلول العام 2015”. هذا يعيدنا إلى مسألتين مهمتين توقف عندهما صفدية فيما يتعلق بظاهرة التجارة الإلكترونية في السعودية، وربما تنطبقان على دول العالم الأخرى، ولهما علاقة بكون التجارة الإلكترونية ما تزال تشكل نسبة منخفضة مقارنة بالتجارة التقليدية: الأولى مدخلها القانوني، حيث أكد “أهمية توافر الصدقية والضوابط التي تحكم عملية البيع والشراء وضرورة إصدار التشريعات المنظمة للتجارة التي تضمن حقوق أطرافها بما يسهم في زيادة الثقة بها”، أما الثانية، فقد كانت ذات طبيعة تجارية، حيث دعا إلى تحالف “مواقع التسويق والبيع مع محركات البحث الشهيرة مثل (ياهو) و(مكتوب) للإعلان عن النشاط التجاري للموقع، وتبادل المساحات الإعلانية”. لكن ذلك لا ينفي أن المستقبل، وكما تؤكد كل المؤشرات هو للتجارة الإلكترونية، وخاسر كل من لا يستطيع رؤية ذلك، وبالوضوح الكافي الذي تستحقه.