في خضم تداعيات الأزمة التي فجرتها تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، تجاه السعودية، وما تبعها من قرارات حازمة بسحب سفراء الدول الخليجية من بيروت وطرد السفراء اللبنانيين، لم تسلط وسائل الإعلام الضوء بشكل كافٍ على قرار سعودي غاية في الأهمية، وهو تصنيف إحدى المؤسسات التابعة لحزب الله ضمن الكيانات الإرهابية.

وكانت رئاسة أمن الدولة في السعودية قد أعلنت، قبل أيام، تصنيف جمعية «القرض الحسن» التي تتخذ من لبنان مقراً لها، كياناً إرهابياً لارتباطها بأنشطة داعمة لتنظيم حزب الله، حيث تعمل على إدارة أموال التنظيم وتمويله، بما في ذلك دعم الأغراض العسكرية.

القرار السعودي وما سبقه من قرارات في كثير من دول الخليج، ومن بينها البحرين، يجدد التأكيد على ضرورة مواصلة العمل الخليجي المشترك في محاصرة مصادر تمويل التنظيمات الإرهابية، بكل أشكالها وألوانها وانتماءاتها الدينية والطائفية، والتي عملت لسنوات طويلة على الاستفادة من الاقتصادي الخليجي، فتسربت تحت مسميات جمعيات خيرية ودينية حيناً وتحت أسماء شركات ومؤسسات اقتصادية أحياناً كثيرة، مستغلة بذلك بعض السذج وفاقدي الانتماء والوطنية، حتى أصبحت تتحكم في مفاصل دول وقرارات حكومات.

تغلغل التنظيمات الإرهابية في البيئة الخليجية لم يقتصر على جمعيات وشركات، بل عبر أشخاص تم إعدادهم وتجهيزهم لمهام واضحة ومحددة، يخترقون المجتمع الخليجي كإعلاميين وفنانين وأدباء ونشطاء ورجال أعمال، حتى إذا حانت لهم الفرصة أظهروا الوجه القبيح لهم، مستغلين ما يملكونه من معلومات وعلاقات قد لا تكون متاحة أصلاً لكثيرين من أبناء الخليج.

جورح قرداحي، لم يكن أول المنقلبين على الرعاية والدعم الخليجي له طوال السنوات، وأحسب أنه لن يكون الأخير، فكم من قرداحي لا يزال بيننا مرتدياً قناع الحمل الوديع، بانتظار إشارة مشغليه ليتحول إلى ذئب ينهش الأيادي التي امتدت له وصنعت نجوميته وفتحت له قاعات كبار الزوار وأبواب القصور.

الحزم الخليجي ضد من يتطاول على الدول وسيادتها وقياداتها يحتاج أكثر من قرار سحب السفراء من بيروت وطرد سفراء لبنان، تحتاج إلى رفع مستويات التنسيق الخليجية، والعمل وبسرعة على إعادة تقييم العلاقات مع لبنان على أسس وقواعد جديدة تراعي بالدرجة الأولى أمن دول المنظومة الخليجية وتحقيق مصالحها بكل الوسائل المتاحة.. وهي بالتأكيد كثيرة.

إضاءة

«يقولون ما قاله قرداحي كان قبل أن يكون وزيراً.. وهذا هو أساس المشكلة اللبنانية بحكوماتها المتتالية مؤخراً، فما هي إلا حكومات لحزب الله أياً كان من يرأسها.. بمعنى آخر لم يكن قرداحي ليصبح وزيراً لولا موقفه المساند للحوثي والمعادي للسعودية!». «الأمير عبدالرحمن بن مساعد».