^   انتقد نواب في البرلمان التركي المشهد المثير الذي تتعرض له بطلة مسلسل (فاطمة) التركي، الذي يصور انقضاض عدة ذئاب بشرية على الفتاة التي تجسد دورها الممثلة التركية (بيرين سات)، التي جسدت شخصية (سمر) الشهيرة في المسلسل التركي (العشق الممنوع)، وقامت المخرجة (هلال صرال) بإبراز أصوات الفتاة، وضحكات المغتصبين الواحد تلو الآخر، لكن الرأي العام التركي اعتبر هذا المشهد مثيراً للغضب، وهو ما دفع بعض النواب لمناقشة الموضوع في البرلمان التركي مطالبين بوقف عرض المسلسل لأنه “يسيء إلى المجتمع التركي”. بعيداً عن اعتقاد البعض أن إثارة هذا الموضوع يعد ترويجاً دعائياً للمسلسل، فإنه يثير قضية هامة تتعلق بحقوق المشاهدين في مشاهدة برامج ومواد درامية غير خادشة للحياء وغير مخجلة، خصوصاً وأن التليفزيون ليس وسيلة إعلام شخصية، بل هو وسيلة جماهيرية يشاهدها كل أفراد الأسرة بمختلف فئاتهم العمرية والتعليمية، لذلك فإن مواثيق الشرف الإعلامية تلزم أصحاب القنوات التليفزيونية بالابتعاد عن نشر اللقطات المثيرة أو التي تحض على السلوكيات الخاطئة؛ كالعنف والإرهاب وغيرهما. في حين قالت مخرجة المسلسل التركي (فاطمة) إن الهدف من هذا المشهد والمسلسل بأكمله هو تسليط الأضواء على النقاط المعيبة في القانون التركي، ومنها أن المغتصب إذا تزوج الفتاة التي تعرضت لتلك الجريمة فإن بإمكانه أن يفلت من العقاب، وأن الهدف ليس الإثارة، إلا أن خصوصية الوسيلة التليفزيونية كوسيلة اتصال أسرية تقف حائلاً دون نشر المشاهد السيئة حتى وإن كان الهدف نبيلاً. وقد أحسنت بعض القنوات التليفزيونية العربية صنعاً حينما قامت بتقطيع مشهد الاغتصاب من المسلسل، مراعاة منها للتقاليد العربية، والقيم الأخلاقية التي ينبغي أن تظهر في وسائل إعلامنا بدلاً من ظهور أضدادها. إن من يصورون بعض المشاهد المثيرة في أعمالهم الدرامية بحجة أنها تحدث في الواقع يرتكبون جريمة أخلاقية في حق مجتمعاتهم، ولا ينظرون بعينين متوازيتين لما يحدث في المجتمع من خير وشر، حيث السؤال الذي يمكن أن يطرح: لماذا تجتذب عدساتكم مواطن القبح في المجتمع دون مواطن الجمال والفضيلة؟ أتحت ستار ما أسماه بعض منتجي السينما في أقطارنا العربية (سينما الواقع)؟ متذرعين أن هذه المشاهد عاكسة لواقعنا المشين؟ أم أنها مغازلة لنوافذ التذاكر التي تثير إعلاناتها ضعاف العقول؟ المشكلة إذاً ليست في مشهد في مسلسل، لكني أراها في مسؤولية أصحاب القنوات التليفزيونية، والمنتجين، وغيرهم من الذين يجولون بإنتاجهم الإعلامي في فضائنا أن يتقوا الله في مجتمعاتهم، وأن يدركوا أن ما يصورونه من مشاهد، وما يبثونه من برامج وإعلانات يراها الصغير والكبير، ولا تفرق شاشة بين هذا وذاك، وأن يدركوا أن دوراً منوطاً بهم في المحافظة على قيم المجتمعات وأخلاقياتها، إن لم يكن الدعوة إليها واستنهاض المشاهدين للتحلي بها. صحيح أن كثرة المخالفات في وسائل الإعلام تنال من حقوق المشاهدين لدرجة أن البعض لكثرة تعرضه لها قد يراها أمراً عادياً، لكن ذلك لا يلغي أحقية المشاهدين في الحصول على (إعلام نظيف).