أبيض أسمر.. طويل قصير.. شمالي جنوبي.. غني فقير.. مسلم مسيحي، الاختلاف بين البشر حقيقة وسنة إلهية وطبيعية، لا تفضيل لجنس أو لون أو عرق على آخر. ولكن وعبر تراكمات تاريخية ولقصور في فهم أسباب الاختلاف وضع البشر معاييرهم الخاصة والمبنية على مبررات واهية، هدفها التقليل من شأن الآخر المختلف والسيطرة على ما يتمتع به من تميز وتفرد وثروة، فخلق ما اصطلح على تسميته بـ«التنمر».

قد تكون مقدمة مقالتي اليوم أقرب إلى التحليل الفلسفي والتاريخي، ولكنها على أرض الواقع حكايات وأحداث نسمع عنها ونتابعها على مواقع التواصل الاجتماعي، بل وربما نعيش فصولها بشكل يومي في مدارسنا وأماكن عملنا بصور وأشكال كثيرة.

مؤخراً انشغلت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بحادثة انتحار طفلة كويتية «15 عاماً» بإلقاء نفسها من الطابق الرابع عشر في منطقة الفنطاس، حيث أشارت التحريات إلى إقدام «الطفلة، التي تحمل والدتها إحدى الجنسيات الآسيوية، على الانتحار بسبب تعرضها للتنمر من زميلاتها في المدرسة»، حسب ما نقل عن جهات التحقيق.

وتشير تقارير صادرة عن الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 246 مليون طفل يواجهون سنوياً عنفاً قائماً على الجندر في المدارس أو محيطها، حيث يتعرض واحد من بين كل ثلاثة طلاب لهذه الهجمات مرة واحدة على الأقل شهرياً، وواحد من كل 10 يكون ضحية للتنمر الإلكتروني.

ولخطورة موضوع التنمر وآثاره السلبية على الأطفال وطلبة المدارس، فقد اعتمدت الدول الأعضاء لدى اليونسكو إعلان كل أول يوم خميس من شهر نوفمبر يوماً دولياً لمكافحة كل أشكال العنف والتنمر في المدارس، ومنها التنمر الإلكتروني، والذي يأتي إقراراً بأن العنف في البيئة المدرسية يمثل انتهاكاً صارخاً لحق الأطفال والمراهقين بالتعليم والصحة والرفاهية.

القضاء على التنمر مسؤولية مجتمعية قبل أن تكون مسؤولية قانونية ورسمية؛ فالتربية السوية وزرع قيم دينية ومجتمعية صالحة هي بداية الطريق لخلق جيل واعٍ وقادر على التعايش مع الآخر مهما كان شكل الاختلاف، إلى جانب إحياء قيم المجتمع الأصيلة التي عاش بها الآباء والأجداد، والتي ميزت مجتمعنا البحريني حتى أصبح نموذجاً فريداً في السلم الاجتماعي والتعايش بين جميع مكوناته.

إضاءة

الأرقام التي تنشرها وزارة الصحة بشأن أعداد الإصابات الجديدة بفيروس كورونا، والانخفاض الكبير في عدد الحالات القائمة، يعيد التأكيد على صوابية النهج الذي انتهجه فريق البحرين بقيادة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء منذ الأيام الأولى لانتشار الجائحة، وفعالية القرارات التي كانت بعد الله سياج حماية للوطن والمواطن. نثق بكم، فسيروا على بركة الله..