أبدت وزارة الاسكان عدم إرتياحها لما نتج عن جلسة مجلس الشورى المنعقدة يوم الأحد الماضي الموافق 21 يونيو 2015، وتحديداً في شأن ما طُرح حول إلغاء تخصيص الإنتفاع بالخدمة الإسكانية، وذلك للصورة التي أظهرها بها بعض أعضاء مجلس الشورى وتناقلتها وسائل الإعلام وقنوات التواصل الاجتماعي، حيث تم توصيف الوزارة بالجهة المنتهكة لحقوق الإنسان والتي تمارس من خلال سلطاتها العقوبات الجماعية برمي الأسر البحرينية "في الشارع" وحرمانها من السكن عند إلغاء التخصيص بالانتفاع لرب الأسرة للأسباب الواردة في المادة (9)من مشروع القانون، والتي أثار البند الأول منها حفيظة البعض لعلاقته بالغاء الإنتفاع لفقد الجنسية أو سحبها أو إسقاطها عن المنتفع، الأمر الذي لا يعكس حقيقة الأمر، ويعطي انطباعاً بعدم الإلمام الكافي بأبعاد هذا الموضوع، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن التغطية الصحفية للجلسة لم تبرز التوضيح الكامل الذي قدمته الوزارة في مداخلاتها.
وقد أوضحت الوزارة في سياق حرصها على إيصال الصورة الحقيقية المنافية لما تم طرحه وتداوله بأن البند الخاص بالغاء الانتفاع ذاته مُدرج في نظام الإسكان منذ العام 1976 ، فضلاً عن أن ذات البند قد ورد في مشروع القانون المقترح من قبل مجلس النواب الموقر والذي تم البدء في طرحه وتدارسه منذ العام 2010، بما يؤكد أن الوزارة لم تبتدع أمراً تتقصد به فرض عقوبات ظالمة على المواطن المنتفع بالخدمة الإسكانية، وإنما هو بند لا يخرج عن نطاق تنظيم الشأن الاسكاني.
وتؤكد الوزارة بدورها ما صرح به سعادة وزير شؤون مجلسي الشورى والنواب بأن إلغاء التخصيص ليس "عقوبة" للمسقطة جنسيته، حيث إن الشرط الأول من شروط الحصول على خدمة اسكانية هو أن يكون بحريني الجنسية، وفي حالة اسقاط الجنسية فان هذا المنتفع لم يعد بحرينياً ، ما يعني أنه شأن تنظيمي بحت.
ومن جهة أخرى فقد بينت الوزارة خلال جلسة الشورى آنفة الذكر بأنها قد راعت وضع اسرة المنتفع من خلال المادة (52) ضمن مشروع القانون المصوت عليها من قبل المجلس في جلسة سابقة، حيث تقوم الوزارة بموجب تلك المادة بإعادة تخصيص الخدمة الإسكانية لأحد أفراد اسرة المنتفع الذي يتم إلغاء تخصيص انتفاعه، بما يؤكد عدم إقدام الوزارة على حرمان اسرة من السكن أو نيتها في ذلك، وما يعزز ثبات موقف الوزارة على هذا النحو هو أن تلك المادة المعالجة لوضع الاسرة قد جاءت باقتراح من الوزارة نفسها رغبة منها في توفير الحماية لتلك الأسر. وإن ما يبعث الاستغراب من تجاهل ذلك التوضيح المطروح من قبل الوزارة وعدم الالتفات إليهه على الرغم من أهميته البالغة في إعادة الأمور الى نصابها الصحيح.
إن طرح أنصاف الحقائق قد أدى إلى تشويه صورة الوزارة وتأجيج الرأي العام في وقت تحرص الحكومة الرشيدة فيه على اللحمة الوطنية، إذ اتخذ الطرح وما نتج عنه من مداولات في وسائل الإعلام طابعاً سياسياً تنأى وزارة الإسكان عن تبنيه أو الإسهام في تعزيزه. كما أن انتقاء عبارات رنانة كمحاكمة المتهم على التهمة نفسها ثلاث مرات أو كمخالفة مبادئ حقوق الإنسان والعقاب الجماعي أسهمت في التأثير على الشارع العام سلباً وإظهار الوزارة بالصورة التي تسيء لها على وجه الخصوص وللسلطة التنفيذية بصفة عامة متناسية توجهاتها ومساعيها الداعمة للموطن ورعاية حقوقه ومصالحه.
لقد بذلت الوزارة جهوداَ حثيثة في العمل يداً بيد مع السلطة التشريعية للتوصل الى صيغة للقانون تمثل الإرادة المشتركة بين السلطتين التشريعة والتنفيذية، ولا زالت تؤكد على حرصها التام في مواصلة تلك المسيرة التي تتخذها الوزارة منهجاً راسخاً يصب في نهاية المطاف في مصلحة المواطن، وإن جُل ما تتطلع إليه الوزارة هو التوصل الى صيغة توافقية لمشروع القانون مع السلطة التشريعية دون المساس بمصداقية الوزارة في أداء دورها، والتشكيك في حرصها على دعم المواطن ورعايته.