مجال الفضاء نقطة التقاء تخصصات نوعية مثل الهندسة والرياضيات والذكاء اصطناعي والإحصاء والفيزياء وإدارة المخاطر وتطبيقاتها في علوم البحار والمناخ والبنى التحتية، ومنها تنطلق حكاية النجاح لأول فريق وطني يعمل في هذا المجال ليحقق الريادة فيه، فمن الحلم إلى العمل الفعلي تتحقق رؤية وطنية متقدمة أسسها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه.

وكالة أنباء البحرين (بنا) التقت عدداً من العاملين بالهيئة الوطنية لعلوم الفضاء (NSSA) للحديث عن تجربتهم ككادر عمل بحريني متخصص ضمن أول فريق وطني في مجال علوم الفضاء في ظل وجود بنية تحتية قوية آخذة في التشكل، وتقوى يوما بعد يوم.

وقالت ريم عبدالله سنان مهندس فضاء أول في الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء ((NSSA: " أتشرف بالعمل مع أول فريق بحريني لإطلاق أول قمر صناعي لمملكة البحرين، بوصفه حدثاً تاريخياً يسجل في إنجازات مملكة البحرين".



وأضافت سنان: "إن إطلاق أول قمر صناعي في البحرين ينبئ بسلسلة لاحقة من الإنجازات النوعية في مجال الفضاء، من تصميم أقمار صناعية جديدة وعمل اختبارات كثيرة في مجالات متعددة، وتوسيع دائرة تطبيقات الفضاء المتعلقة بالبحار والمباني والزراعة والأسماك وغيرها".

وعن تفاصيل عملها تقول: "نعمل في فريق البحرين للفضاء على تصميم البرمجيات المختلفة، فالبرمجة والتقنية الحديثة هي مفاتيح لإحداث الإنجازات الوطنية في جميع المجالات، والفضاء عالم مفتوح تتسابق فيه الدول من حكومات وشركات عالمية وقطاع خاص، وهو ما يؤكد أهمية إقبال شباب البحرين على هذا المجال وغيره من علوم المستقبل".

وفيما يتعلق بمرحلة التأسيس تقول سنان: "درست تخصصين مختلفين، وحصلت على شهادتين في الماجستير أولهما في هندسة الالكترونيات والثانية في إدارة المخاطر، بعدها التحقت بفريق البحرين للفضاء عام 2018، لا أنكر أنني واجهت صعوبة الدراسة في الخارج ورهبة الدخول في عالم جديد كليًا، ولكن حبي للعلوم والرياضيات، وقوة تأسيسي العلمي مكناني من استكمال الدراسة بنجاح".

وفي المجال ذاته، ومن الكوادر العاملة على صناعة أول قمر صناعي يتحدث مهندس الفضاء علي عدنان آل محمود وهو أول مهندس بحريني يتخصص في النظم والإدارة الهندسية المتعلقة بالفضاء قائلا: " سعيد بمساهمتي في رفع اسم مملكة البحرين ضمن الدول المتقدمة في مجال علوم الفضاء، وأفخر بعملي في صناعة أول قمر صناعي بحريني ضمن فريق البرمجيات، لتصميم هيكل البيانات وعمل التحاليل اللازمة لدراسة قدرة القمر على تنزيل أكبر قدر من المعلومات".

وعن محطات عمله المختلفة قال آل محمود: "عملت على إعداد أوراق بحثية لزيادة كمية المعلومات التي يمكن إنزالها من القمر الصناعي، وهي تصاميم مهمة جداً، كما أعمل على تصميم هيكلة البيانات، والتأكد من قدرة القمر على التواصل مع الأرض، وكل ذلك يجب أن يتم بشكل دقيق جداً قبل إطلاق القمر".

يقول آل محمود: "تتميز الأقمار النانوية بأنها أقمار الرحلة الواحدة، إذ لا يمكن التغيير في تكوينه بعد إطلاقه، بينما يمكن ارسال تعديل في البيانات الداخلية من المحطة الأرضية ".

وعن مرحلة التأسيس يقول آل محمود: " شاركت في الأنشطة العلمية المختلفة، كما شاركت في مخيم الفضاء الذي يقام في جمهورية تركيا سنوياً، وهو مخيم متخصص في الفضاء زرع في نفسي حب الفضاء وعلومه، وهذه الفترة كان فيها الاقتراب من هذا العالم الواسع بجهود ذاتية وبمشاركات في الفعاليات والأنشطة العلمية حبا في اكتساب المعرفة".

ويزيد قائلا: " بحثت في المواقع العلمية، وتابعت التصاميم، واقتربت من عالم الأفكار العلمية، درست نمو النباتات ومدى تأثير العوامل البيئية عليها، ثم درست الهندسة الميكانيكية، وهي هندسة شاملة جمعت بين أساسيات الهندسة وبين البرمجة، بعدها تعمقت في عملية التشفير. فبين تخرجي من مدرسة كانو الدولية وبين تخرجي من جامعة البحرين كان الحلم آخذاً في التشكل، ومع إنشاء هيئة الفضاء تقدمت للعمل فيها في عام 2019، والتي ابتعثتني لإكمال الدراسة التخصصية بجامعة خليفة للتكنولوجيا في دولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة للتخصص في النظم والإدارة الهندسية المتعلقة بالفضاء لأخدم وطني في هذا القطاع".

أمينة البلوشي مهندسة في فريق البحرين للفضاء تتحدث عن فخرها بالدراسة والعمل في هذا المجال، وتقول: "نتحدث عن مجالات هندسية متقدمة غير تقليدية، فهندسة الفضاء أحد علوم المستقبل، وعلوم المستقبل هي علوم جديدة موجودة في العالم، ولكنها جديدة في البحرين، من هنا وجب التوجه نحو المواكبة فيها للاستفادة من مخرجاتها في تحقيق مستوى إنتاجية أدق وأسرع وأقل كلفة."

وتضيف البلوشي: " أفخر بأنني واحدة من أعضاء أول فريق بحريني في هذا المجال، وأعتز بأبحاثي التي عملت عليها، فقبل 20 عاما كان الحديث عن الفضاء في مملكة البحرين حلما أو محض خيال، بينما اليوم نتحدث عن هيئة وطنية موجودة فعلا على أرض الواقع تتفاعل مع المتغيرات وتنفذ مشاريع وتنتج دراسات وتشارك محليا وخارجيا في أكبر المحافل المتخصصة في المجال، وبالتالي أصبح الحلم حقيقة معاشة".

وعن أبرز محطات عملها الحاصلة على الماجستير في للماجستير في هندسة النظم الإدارية في تقنيات الفضاء تقول: "عملنا في دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة على قمر ظبي سات وها نحن اليوم نعمل على قمر لمملكة البحرين، كما نفذنا عدداً من المشاريع الصغيرة المتعلقة بعلوم الفضاء مثل قياس المخاطر في صناعة الأقمار الصناعية، فكما هو معلوم أن الأقمار الصناعية لا تطلق عبثا، بل تطلق من بوابات محددة تتمثل في محطات فضاء عالمية محدودة".

وتحدثت رؤية بوبشيت- محلل بيانات فضائية- عن مردود العمل في مجال الفضاء قائلة: "يفيدنا الفضاء في العديد من المجالات، فهو تخصص يوسع المدارك، فالفضاء يكشف لنا الكثير، ويعرفنا لا بالفضاء فقط بل بالأرض أيضاً، فالأقمار الصناعية توفر صوراً وبيانات نحولها لمعلومات نحولها للجهات الحكومية المختصة مما يرفع مستويات التخطيط والتطوير تخدم التخطيط التطور في مختلف القطاعات، منها التنمية العمرانية على سبيل المثال"

وتضيف بوبشيت: "نبني قواعد بيانات جغرافية لكي ندخل ونسترجع المعلومات من خلالها، كما نعمل على ترتيب البيانات وتحديد المواقع الجغرافية، فالعمل في قطاع الفضاء عمل يلامس تخصصات كثيرة، فمثلا عملنا على مشروع تحديد عدد النخيل في البحرين ووظفنا الذكاء الاصطناعي في إيجاد قاعدة بيانات متعلقة بكل دراسة نقوم بها، عملنا أيضا على الرصد الآلي للسفن، كما رصدنا الانسكابات النفطية، وغيرها من الأمور التي نكلف بالعمل بها ".

وتقول بوبشيت: "عالم البيانات المفتوحة يستلزم وجود كوادر قادرة على الربط والتحليل والتجميع، فالفكرة ليست في الحصول على المعلومات بل في كيفية قراءتها وتنظيمها لإحداث الفارق في مجال ما أو تحقيق الأهداف، فعلوم الفضاء نقطة إلتقاء لعدد كبير من العلوم والتخصصات النوعية مثل الهندسة والرياضيات والذكاء اصطناعي والإحصاء والفيزياء وإدارة المخاطر وغيرها".

وفيما يتعلق بمسيرة التأسيس قالت بوبشيت: "بدأت رحلة التشكيل العلمي منذ التخرج من كلية تقنية المعلومات بجامعة البوليتكنك، إذ عملت في تصميم الخوارزميات، ثم التحقت بهيئة الفضاء منذ إنشائها والتي قامت بابتعاثي للمملكة المتحدة لدراسة الماجستير في هندسة فضاء، وتناول بحث التخرج رصد أماكن الفيضانات وتحويلها لواقع افتراضي، بحيث يستطيع أي مسئول في بريطانيا معرفة مستوى المياه ومسببات الفيضانات في المناطق المدروسة".