في مقالتي الثلاثاء الماضي تناولت المؤتمر الصحافي للوزير زايد الزياني، والذي أعلن فيه الاستراتيجية السياحية الجديدة للأعوام 2022-2026، والذي اختتمته بالتأكيد على ضرورة إشراك المواطن في أية برامج أو خطط أو استراتيجيات تنهض بالاقتصاد والتنمية الوطنية، منطلقاً من رؤية جلالة الملك حفظه الله بأن «المواطن هدف التنمية ومحركها الأول».

ولأنه ليس من العيب أو الخطأ أو نطلع على تجارب الشعوب من حولنا ونتفاعل معها، نعلّم ونتعلم، ننقل تجاربهم ونكيفها حسب بيئتنا ومجتمعنا وعاداتنا وتقاليدنا؛ فسأتحدث اليوم عن إحدى التجارب المبهرة في عالمنا العربي، وهي مدينة أصيلة المغربية، والتي سطرت أروع الأمثلة في الشراكة المجتمعية، لتتحول هذه المدينة الصغيرة إلى أكبر معرض فني مفتوح في المغرب وتصبح قطباً ثقافياً وسياحياً هاماً، يحج إليها آلاف المثقفين من كل أرجاء العالم.

فالزائر لهذه المدينة القديمة يبهره حجم الاهتمام المجتمعي بكل التفاصيل؛ والحرص على العناية بمدينتهم والشغف بتقديم كل التسهيلات اللازمة لإنجاح كل الفعاليات التي تقام هناك، والسبب يعود إلى حرص رئيس مؤسسة منتدى أصيلة، الوزير محمد بن عيسى، على إشراك المواطنين بكل ما يقوم به، وعكس هذه المشاركة كمنافع مادية مصدر رزق لهم، حتى أصبح كل فرد في المدينة يستشعر أن هذا المشروع هو مشروع شخصي له.

في البحرين نملك كثيراً من المقومات السياحية والتراثية والتاريخية والحضارية الفريدة، لكنها لا نعني كثيراً لمعظمنا لسبب واحد وهو نخبوية التفكير والتخطيط وخصوصية المستفيد، وهو ما يدفع عموم الناس إلى سماع أخبارها عبر وسائل الإعلام فقط، دون أن تدفعه حماسته إلى أن يكون مساهماً وشريكاً فعلياً بها.

مشاريعنا وبرامجنا الاقتصادية والثقافية والفنية والرياضية...إلخ يخطط لها في مكاتب مغلقة، وربما عبر مستشارين قادمين من خارج الحدود، وتنفذها شركات محدودة وتستفيد من عوائدها، فلا يشعر المواطن أن له دور أو استفادة منها.

خلاصة الحديث؛ أننا إذا أردنا تحقيق النجاح في أي مشروع أو برنامج وطني والانتقال الفعلي إلى مرحلة متقدمة من مسيرتنا التنموية، فلا بد أن نضع في الاعتبار أن المواطن شريكنا الرئيسي، وأنه الوحيد القادر على تحقيق ما نصبو إليه، أما غير ذلك فلن يكون إلا مضيعة للوقت والجهد والمال.

إضاءة

مع بداية مرحلة التعافي الصحي من جائحة فيروس كورونا، وفي ظل انطلاق برامج التعافي الاقتصادي، عبر ما تم الإعلان عنه من مشاريع سياحية واقتصادية كبرى؛ من لا بد من وضع خطة واقعية لتدريب الشباب البحريني على متطلبات المرحلة المقبلة، خصوصاً في القطاعات الواعدة مثل السياحة والتكنولوجيا.. والحرص على الاستفادة من كل فرد لديه القدرة والإمكانيات أن يقدم شيئاً جديداً لهذا الوطن.