القاهرة أول مدينة انطلق منها مدفع رمضان في عهد السلطان خشقدم
أول مدفع دخل الكويت في عهد الشيخ مبارك الصباح عام 1907
دخل المدفع لدول الخليج مع بزوغ عصر النفط وفي إندونيسيا عام 1944
كيف بدأ العمل به وما قصة مدفع الحاجة فاطمة؟
كتب - عبدالرحمن صالح الدوسري:
لا يمكننا أن نذكر شهر رمضان دون أن يتبادر لأذهاننا مدفع رمضان الذي ينطلق بصوته مصاحباً لأذان المغرب ليصل إلى كل بيت معلناً نهاية الصوم، وقديماً كانت طلقات مدفع رمضان الوسيلة الوحيدة لإعلام الصائمين بمواقيت الإفطار والسحور والإمساك، خصوصاً قبل أن تجهز مآذن المساجد والجوامع بمكبرات الصوت التي أصبحت توصل الآذان المرفوع إلى القريب والبعيد، وأيضاً قبل ظهور وسائل الإعلام المختلفة.
وتعتبر القاهرة عاصمة مصر أول مدينة ينطلق فيها مدفع رمضان، فعند غروب أول يوم من رمضان عام 865هـ أراد السلطان المملوكي خشقدم أن يجرب مدفعاً جديداً وصل إليه، وقد صادف إطلاق المدفع وقت المغرب بالضبط فظن الناس عند سماعهم لصوت المدفع أن السلطان تعمد إطلاقه لتنبيه الصائمين إلى أن موعد الإفطار قد حان، فخرجت جموع الأهالي إلى مقر الحكم تشكر السلطان على هذه البدعة الحسنة التي استحدثها، وعندما رأى السلطان سرورهم قرر المضي في إطلاق المدفع كل يوم إيذاناً بالإفطار ثم أضاف بعد ذلك مدفعي السحور والإمساك.
روايات المدفع
وثمة روايات أخرى تفيد بأن ظهور المدفع جاء عن طريق الصدفة، فلم تكن هناك نية مبيتة لاستخدامه لهذا الغرض على الإطلاق، حيث كان بعض الجنود في عهد الخديوي إسماعيل يقومون بتنظيف أحد المدافع، فانطلقت منه قذيفة دوت في سماء القاهرة وتصادف أن كان ذلك وقت أذان المغرب في أحد أيام رمضان فظن الناس أن الحكومة اتبعت تقليداً جديداً للإعلان عن موعد الإفطار، وقد علمت بذلك فاطمة ابنة الخديوي إسماعيل فأعجبتها الفكرة وأصدرت قراراً يفيد باستخدام المدفع عند الإفطار والإمساك وفي الأعياد الرسمية.
أما بعض الروايات فقد ذهبت إلى أن الجنود كانوا يقومون باختبار مدفع جديد جاء هدية للسلطان من صديق ألماني، وكان الاختبار يتم أيضاً في وقت غروب الشمس، فظن المصريون أن السلطان استحدث التقليد الجديد لإبلاغ المصريين بموعد الإفطار، ولما توقف المدفع عن الانطلاق بعد ذلك ذهب العلماء والأعيان لمقابلة السلطان لطلب استمرار عمل المدفع في رمضان، فلم يجدوه، والتقوا زوجة السلطان التي كانت تدعى «الحاجة فاطمة» التي نقلت طلبهم للسلطان، فوافق عليه فأطلق بعض الأهالي اسم «الحاجة فاطمة» على المدفع، واستمرت التسمية إلى الآن، إذ يلقب الجنود القائمون على تجهيز المدفع وإطلاقه الموجود حالياً بنفس الاسم رواية ثالثة إلى أن أعيان وعلماء وأئمة مساجد ذهبوا بعد إطلاق المدفع لأول مرة لتهنئة الوالي بشهر رمضان بعد إطلاق المدفع فأبقى عليه الوالي بعد ذلك كتقليد شعبي.
مدفع البحرين
ومن أشهر أماكن مدفع رمضان في البحرين: المكان الأول كان شمال شرق مدينة المنامة شمال فريق الذواودة تقريباً مكان محطة النقل العام جنوب محطة الكهرباء القديمة، ثم تم نقل المدفع إلى فرضة المنامة الواقعة شمال مدينة المنامة، مكان المرفأ المالي حالياً، ثم تم نقله قرب السوق المركزي شمال غرب مدينة المنامة قرب البحر. بعد ذلك جلبت الحكومة ستة مدافع من إحدى الدول العربية ونصبت تلك المدافع بقلعة الديوان «قلعة الشرطة» في بادئ الأمر، حيث يتم إطلاق المدافع في القلعة مع قدوم شهر رمضان المبارك ثم جاء أمر من رئاسة الشرطة لأخذ بعض المدافع إلى المناطق الآهلة بالسكان «ليسمعوا صوت المدفع» فتم نصب مدفع عند قلعة الرفاع الشرقي قرب بيت الشيخ علي بن أحمد آل خليفة وكان ذلك قبل إنشاء المدرسة الحالية للبنين. وتم نصب مدفع آخر في المحرق «شمال الحالة» وبالضبط عند بيت سند شرقاً ثم بعد حول هذا المدفع إلى قرب مركز الشرطة، إلى أن احتضنته قلعة عراد.
مدفع الكويت
وكانت فكرة انتشار مدفع الإفطار بدأت من أقطار الشام أولاً، القدس ودمشق ومدن الشام الأخرى وفي أواخر القرن التاسع عشر وصلت إلى بغداد، وبعدها انتقلت لمدينة الكويت حيث جاء أول مدفع للكويت في عهد الشيخ مبارك الصباح عام 1907 ثم انتقل إلى كافة أقطار الخليج قبل بزوغ عصر النفط، وكذلك اليمن والسودان، ودول شرق آسيا حيث بدأ مدفع الإفطار عمله في إندونيسيا سنة 1944.
وهناك عدد من القصص التي تروى حول موعد بداية العادة الرمضانية التي أحبها المصريون وارتبطوا بها، حتى علماء الآثار المصريون مختلفون حول بداية تاريخ استخدام هذا المدفع، فبعضهم يرجعه إلى عام 859 هجرية، وبعضهم الآخر يرجعه إلى ما بعد ذلك بعشرات السنين، وبالتحديد خلال حكم محمد علي الكبير. ومن الروايات المشهورة أن والي مصر محمد علي الكبير كان اشترى عدداً كبيراً من المدافع الحربية الحديثة في إطار خطته لبناء جيش مصري قوي، وفي يوم من الأيام الرمضانية كانت تجري الاستعدادات لإطلاق أحد هذه المدافع كنوع من التجربة، فانطلق صوت المدفع مدوياً في نفس لحظة غروب الشمس وأذان المغرب من فوق القلعة الكائنة حالياً في نفس مكانها في حي مصر القديمة جنوب القاهرة، فتصور الصائمون أن هذا تقليد جديد، واعتادوا عليه، وسألوا الحاكم أن يستمر التقليد خلال شهر رمضان في وقت الإفطار والسحور فوافق.