هل سمعتم بمعايير اختيار القصة الإخبارية التي تقارن بين قصة عض كلب أحد الأشخاص، وقصة عض أحد الأشخاص كلباً أيهما تختار لنشرها؟

القصة التي نحن بصددها ليست أن نائباً من كتلة «الليكود» اليهودية المتشددة المتعصبة تقدم باقتراح بتعليم اللغة العربية في المدارس الإسرائيلية، إنما القصة ليست هنا، القصة أن القائمة العربية في الكنيست بقيادة منصور عباس رفضت الاقتراح!!!!!

أما القصة الأعظم أن النائب اليهودي يخاطب النواب العرب المحسوبين على الإخوان المسلمين ويقول لهم عيب، إذ هاجم نائب إسرائيلي في الكنيست القائمة العربية لإسقاطها القانون، واعتبره تنكراً للغة العربية، فقد قال ليفين، الذي طرح القانون، وباللغة العربية: «لا توجد حركة إسلامية بالعالم تصوت ضد اللغة العربية لغة القرآن، عيب عليكم». وأضاف ليفين: «الكرسي أهم من اللغة العربية، أنتم حركة إسلامية؟ الكرسي أهم من اللغة أنتم حركة إسلامية أم حركة كرسية.. كل المسلمين في الدولة يجب أن يعرفوا أن الحركة الإسلامية ضد اللغة العربية». واستكمل مخاطباً أعضاء الكنيست: «انظروا كيف يخجلون انظروا».

وقد كان تبرير منصور عباس رئيس الكتلة العربية أنهم اتفقوا مع حلفائهم أن يكونوا معهم على الحلوة والمرة فلا يوافقوا على أي مقترح يقدم من الحزب المعارض ولا يرفضوه إلا معاً!!

للعلم فقط أن فرعاً من حركة الإخوان المسلمين الفلسطينية من الحاملين للجنسية الإسرائيلية أو ما عُرف بتسميتهم بعرب إسرائيل، قرروا الدخول للمعترك السياسي وكونوا ائتلافاً خاضوا به انتخابات الجامعات العبرية ممثلين عن الطلبة العرب فيها، ثم قرروا الدخول في الانتخابات ممثلين عن مناطق العرب في إسرائيل بما فيهم بدو صحراء النقب، مبررين ذلك القرار بأنهم يعملون على تحسين الظروف المعيشية لهؤلاء السكان الذين يعانون الإهمال والتهميش والإقصاء وعدم الاعتراف بهم ويعيشيون في أكواخ وخيم مهددين بالطرد دائماً.

قررت تلك المجموعة أن تدخل المعترك السياسي الإسرائيلي بما أن القانون يعطيها هذا الحق وحصلت على أربعة مقاعد في الكنيست ومن خلال الائتلاف والتنسيق معها استطاعت الأحزاب المعارضة الإسرائيلية لحزب الليكود وهي بالمناسبة يمينية يهودية متشددة الفوز بالأغلبية والإطاحة ببنيامين نتنياهو!

وانتقد عدنان أبو عامر الباحث في الشؤون الإسرائيلية الائتلاف الجديد، مشيراً إلى أن الائتلاف هو أغرب خليط في دولة الاحتلال وسينتج عنه تشكيل حكومة جديدة غير مستقرة.

ويقول أبو عامر عبر تويتر: «نفتالي بينيت في الوسط الأكثر يمينية وعنصرية، وعلى يمينه يائير لابيد الأكثر علمانية بين اليهود، وعلى يساره منصور عباس ذو التوجهات «الإسلامية»... تخيل يا رعاك الله أمام أي حكومة سنكون؟» وأطلق ياسر الزعاترة على منصور عباس لقب «البهلوان».

نذكر لكم هذه القصة للانتباه لعدة نقاط:

أولاً: الخلاف الفلسطيني الفلسطيني حول العلاقة بينهم وبين الإسرائيليين لا يقف عند الخلاف بين حماس والسلطة الفلسطينية، بل بين حماس وحماس، وبين الإخوان والإخوان المسلمين أنفسهم، فهذا الفرع الإخواني الذي ينتمي له منصور عباس انشق عن فرع المدعو رائد صلاح وقرر التحالف مع أشد أحزاب الإسرائيليين عداوة للحق الفلسطيني!

ثانياً: هناك حراك سياسي عند الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية وصل إلى حد دخول الكنيست وليس منصور عباس إلا أحدهم.

ثالثاً: «البهلوانية السياسية» التي وصف بها منصور عباس يتسم بها العديد من أصحاب الشعارات الإيمانية أو الإسلامية في عدة دول بعد دخولهم المعترك السياسي، فالعديد منهم يلبس هذا الشعار لخداع السذج والبسطاء الذين يتخيلون أن من يرفع هذا الشعار لا يجرؤ على الكذب والخداع والفبركة لأن ذلك حرام، ولا يتوقعون أبداً أن من يحمل هذا الشعار مستعد لخلع كل قيمة تستره بما فيها ملابسه من أجل أهداف يصورها على أنها «سامية» ولديه من التبريرات كالحرب خدعة والتقية وغيرها يضحك بها على نفسه قبل أن يضحك بها على الآخرين.

رابعاً: الضائع في هذه المتاهة هو «الفلسطيني» الذي يبحث عن مَن يمثله حقاً فلا يجد، فكل من توسط الميدان ضارباً على صدره مدعياً أنه يمثلهم، باعهم من أجل مصالحه.

أما خامساً: وأخيراً بانتظار ما يتفق عليه الفلسطينيون بين بعضهم البعض فكل صراخ وكل نقد وكل اعتراض منهم صدر من رؤسائهم أو مدعي ممثليهم أو مؤسساتهم أو أفرادهم المعروفين منهم أو المجهولين على أي قرار لأي دولة عربية تتحرك وفقاً لمصالحها وأمنها لن يجد صدى ولن يستمع إليه أحد وليس له ثقل أو معنى.