ما «السنع» إلا آداب وبروتوكولات وأخلاقيات تعارف عليها أجدادنا وتناقلوها جيلاً بعد جيل، وأعطوا «السنع» قيمة عالية من الاهتمام والتقدير حتى أصبح جزءاً من ثقافة المجتمع واعتبر كسر قواعد «السنع» وتجاوزها خروجاً مرفوضاً وغير مقبول عن آداب المجتمع وأعرافه، ويقابل كلمة السنع في العصر الحديث البروتوكولات والإتيكيت، وعلى الرغم من أن الآباء والأجداد يقدرون ويهتمون بالسنع إلا جيل الأبناء يعتبرون «السنع» عادات قديمة بالية غير ملزمة لهم وتجدهم يزدرونها ويتمردون عليها.

ومن المفارقات أن هؤلاء الشباب الذين يرفضون الالتزام «بالسنع» ولا يتقبلونه، في الوقت نفسه يهتمون بالالتزام بما يسمى بالبروتوكولات والإتيكيت وهي آداب مستحدثة استقطبت من مجتمعات متفرقة، فعلى سبيل المثال تجدهم يسخرون من حركة «هز فنجان القهوة» التي تعني رسالة من الضيف إلى المضيف تفيد بالانتهاء من شرب القهوة وعدم الرغبة في شرب المزيد، ويتقبلون ويقدرون حركة وضع الملعقة والسكين بطريقة معينة في الصحن والتي تدل على رسالة من الضيف إلى الجرسون تفيد بالانتهاء من تناول الطعام، ويعتبرون من يفهمها ويطبقها قد التزم بمعاني الرقي والإتيكيت، ولعمري إنها لمفارقة غريبة تثير العجب لدى العاقل؛ إذ يرفض الشباب البروتوكولات العريقة لمجتمعهم «السنع» ويقبلون البروتوكولات المستحدثة والمستعارة من مجتمعات أخرى «سنع» بمقاييس جديدة، وأرى أن السبب أن البروتوكولات الحديثة أعطيت صبغة الحداثة «السنع الجديد» لذا هي مقبولة لدى جيل الشباب.

وهنا أجد لا بد من أن يهتم المختصون في مجال العلاقات العامة ببروتوكولات مجتمعنا العريقة «السنع» فيوثقونها في الكتب وفي المواقع، ويصدرون المطبوعات التي تضم بين دفتيها جميع ما نقل عن الأجداد من آداب و»سنع»، ولا يكتفى بالتوثيق وحفظها في الأسفار بل عليهم أن يقيموا البرامج التدريبية وورش العمل التي تدرب الشباب على السنع وتعودهم عليها كما عليهم أن يقدموا البرامج الإعلامية التثقيفية سواء في الإعلام الرسمي أو في الإعلام الاجتماعي التي توعي الشباب بأهمية السنع وتجعلهم يعتزون بها ويفتخرون بالالتزام بها ويحرصون على تعلمها ونقلها إلى الأجيال القادمة. ودمتم أبناء قومي سالمين.