كتبت - زهراء حبيب:
سجنت المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة، أمين عام جمعية التجمع الوطني الديمقراطي الوحدوي فاضل عباس، 5 سنوات عن تهمة إذاعة أخبار كاذبة وشائعات مغرضة وبث دعايات مثيرة من شأنها إلحاق الضرر بالعمليات الحربية للقوات المسلحة في اليمن، مع مصادرة المضبوطات.
وقال المحامي العام بالنيابة الكلية وائل بوعلاي في تصريح سابق، إن النيابة انتهت من تحقيقاتها في البلاغ المقدم من الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية، حول نشر أمين عام إحدى الجمعيات السياسية بياناً للجمعية عبر وسائل الإعلام، تضمن تعريضاً بالإجراءات العسكرية المتخذة من قبل المملكة مع عدد من الدول الشقيقة لإعادة الشرعية واستقرار الأوضاع في اليمن، ما من شأنه التشكيك في سلامة ومشروعية موقف المملكة السياسي والحربي.
وأحالت النيابة، عباس محبوساً إلى المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة، فيما أمرت بإخلاء سبيل نائب الأمين العام ومساعده، بعد أن عاد المدان بأقواله وقرر بانفراده في صياغة البيان ونشره.
وأضاف بوعلاي أن النيابة أسندت للمتهم جناية إذاعة عمداً في زمن الحرب أخباراً وشائعات كاذبة ومغرضة وبث دعايات مثيرة، من شأنها إلحاق الضرر بالعمليات الحربية للقوات المسلحة، وهي جناية تصل عقوبتها للسجن مدة 10 سنوات، فضلاً عن تهمة إهانة دول شقيقة علناً.
ودانت المحكمة فاضل عباس عن التهم المسندة له من النيابة العامة، وهي أنه أذاع يوم 26 مارس الماضي في زمن الحرب أخباراً وشائعات كاذبة ومغرضة، وعمد إلى دعايات مثيرة من شأنها الإضرار بالعمليات للقوات المسلحة وإضعاف الجلد.
ووجهت لعباس تهمة النشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بياناً بعنوان «الوحدوي يدين العدوان الخليجي على اليمن ويعتبره انتهاكاً للقانون الدولي»، وتضمن وصفاً لعمليات القوات المسلحة البحرينية مع عدد من الدول تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية في اليمن، بأنها «عمل غير مشروع» و«عدوان سافر غاشم»، وإهانة الدول الحليفة ورؤسائها علناً بأن وصفها بالأوصاف المبينة بالتحقيقات.
وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها أن عباس أصدر بياناً نسبه للجمعية، دون اتباع القواعد والإجراءات المقررة لنشر بيانات الجمعية، ودون موافقة أي من أعضاء المكتب التنفيذي، ودون موافقة نائبه ولا مساعده، ونشر البيان على مواقع التواصل والتعليقات للكافة.
وتطرق الحكم إلى الألفاظ المستخدمة من قبل عباس، ووصفه الحكام العرب المشاركين بالتحالف بألفاظ غير لائقة، وأن جماعة ما تسمى بـ«أنصار الله» أن الحوثيين سينتصرون على ما وصفه بـ«الأعداء».
وقالت المحكمة إن المادة 133 من قانون العقوبات، تنص على أنه يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن 10 سنوات، من أذاع عمداً في زمن الحرب أخباراً أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة، أو عمد إلى دعاية مثيرة، وكان من شأن ذلك إلحاق الضرر بالاستعدادات الحربية للدفاع عن البحرين أو بالعمليات الحربية للقوات المسلحة، أو أثار الفزع بين الناس أو إضعاف الجلد في الأمة.
واعترف المدان أمام النيابة العامة أنه من صاغ عبارات وألفاظ البيان ونشره على مواقع التواصل، فيما أكد أن النظام الأساس للجمعية يقتضي أن يتم نشر البيانات بموافقة أعضاء المكتب التنفيذي للجمعية، أو اجتماع تشاوري بين الأمين العام ونائبه ومساعده.
وردت المحكمة على دفوع الدفاع بأن ما صرح به عباس يدخل في إطار حرية الرأي والمشاركة بالشؤون العامة وحق نقد السلطات، وأن المعاهدات والمواثيق الدولية تسمو على القانون البحريني بمجرد التصديق عليها، بالقول إن المادة 69 مكرر من قانون العقوبات، تعتبر ممارسة الحق في حرية التعبير عذراً معفياً من العقاب، إذا مورس في الإطار الضروري اللازم للمجتمع الديمقراطي، ووفقاً لمبادئ ميثاق العمل الوطني والدستور.
وأضافت أن قانون العقوبات عرّف حرية التعبير بالحرية في التعبير عن الأفكار والآراء عن طريق الكلام أو الكتابة، أو عمل فني بدون قيود حكومية، شرط ألا يمثل طريقة أو مضمون الأفكار أو الآراء، ما يمكن اعتباره خرقاً لقوانين وأعراف الدولة أو المجموعة التي سمحت بحرية التعبير.
وأكدت أن هذه الحرية تقبل التنظيم والتقييد حتى لا تبغي على حقوق وحريات الآخرين، والمستقر عليه في المواثيق الحقوقية الدولية، هو الإقرار بجواز تقييد حرية الرأي والتعبير، كما إن بعض المواثيق أوردت أمثلة لبعض القيود الواردة على هذه الحرية، وأحالت البعض الآخر إلى التشريعات الداخلية لبيان القيود والضوابط، اللازمة لممارسة حرية الرأي والتعبير.
وأشارت إلى أن المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، أوضحت حدود حرية الرأي والتعبير، وسمحت بإخضاع هذه الحرية لقيود وضوابط معينة، يبينها القانون وتكون ضرورية لاحترام حقوق أو حماية أمن الوطن أو النظام العام أو الصحة العامة وغيرها، بينما بينت المادة (10) من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، حق الأشخاص في حرية الرأي والتعبير في الفقرة الأولى، قبل أن تجيز في الفقرة الثانية منها، إخضاع هذه الحرية لشروط وقيود أو جزاءات يقررها القانون.
وبين الدستور في مادته 23 أن حرية الرأي والتعبير مكفولة شريطة ممارستها وفقاً لشروط وأوضاع يبينها القانون.
ولفتت المحكمة إلى أن حرية الرأي والتعبير لا يمكن أن تكون غطاء لتبرير الجرائم، وأن لكل حق حدود يجب الالتزام بها، ولا يكفي لاعتبار استعمال الحق في التعبير، عذراً معفياً أن يكون من استعمله هو صاحبه، بل يجب أن يكون استعماله للحق في الحدود المقررة لهذا الحق، فإذا تجاوزها خرج الفعل من نطاق المشروعية، وهي ما حددتها المادة 23 من الدستور، شريطة ممارستها وفقاً لشروط وأوضاع يبينها القانون.
عقدت الجلسة برئاسة القاضي علي الظهراني، وعضوية القاضيين الشيخ حمد بن سلمان آل خليفة ومحمد عزت، وأمانة سر أحمد السليمان.