في فيديو قصير متداول على مواقع التواصل الاجتماعية، يجيب أحدهم عن سبب رغبته بالهجرة من بريطانيا بأنه مرتبط بالشذوذ، ويقول: «قبل 300 سنة كانت عقوبة الشذوذ الإعدام بالشنق أو بالإغراق، وقبل 100 عام أصبحت العقوبة الإعدام شنقاً، وقبل 50 عاماً أصبحت العقوبة الجلد و20 سنة سجنا، ثم قبل 20 عاماً أصبحت العقوبة غرامة 200 جنيه وسنتين في السجن، وقبل 5 سنوات تحولت العقوبة إلى غرامة بسيطة ثم إعفاء.. لذلك سأرحل قبل أن يجعلوا الشذوذ إجباريا..».

وبعيداً عن الشكل الكوميدي الذي خرج به الفيديو؛ فهو توصيف دقيق لكيفية تغيير سلوكيات وأخلاقيات للمجتمعات؛ حيث يتم تخفيف العقوبات أولاً، ومن ثم التلاعب بالكلمات والأوصاف وربطها بالحقوق الشخصية للأفراد، ثم تغيير المسميات لتصبح أكثر قبولاً من المجتمع، وفي الخطوة ما قبل الأخيرة يتم إدخالها في الأفلام والمسلسلات، حتى تصبح رؤيتها والتلفظ بها والتعاطي معها شيئاً طبيعاً لا يستوجب الاستهجان أو الرفض، أو حتى مجرد الغضب والإنكار. بهذا التسلسل يتم إدخال فكرة قبول الشذوذ الجنسي إلى مجتمعاتنا، أو ما أصبح يطلق عليه «المثلية» أو مجتمع الـ«ميم»، حيث تم بعناية اختيار مفردات لا تسبب الحساسية، خصوصاً في المجتمعات المحافظة، بل ووصل الأمر إلى إثارة التعاطف مع الشواذ عبر طرح قصصهم وقضاياهم بكثافة في كثير من الأعمال الفنية، سواء عن طريق الأفلام أو المسلسلات أو الأغاني، ووصل الأمر إلى استخدام الفعاليات الرياضية للترويج لهذه الفكرة.

الأخطر من كل ذلك هو محاولة التلاعب بالقيم والسلوكيات التربوية لأجيال المستقبل؛ حيث يتم استغلال طفولتهم من خلال إدماج هذه الأفكار في الألعاب وأفلام الكارتون، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، فتنشأ أجيال لديها استعداد طبيعي لقبول مثل هذه الأفكار والتعامل معها دون حساسية.

ومع صدور بيان المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، والذي جاء تأييداً لما تضمنته الفتوى الشرعية الصادرة عن مركز الأزهر العالمي للفتوى بشأن الحملات الممنهجة التي تقودها قوى ومنظمات عالمية للترويج لفاحشة الشذوذ الجنسي، وتقنين انتشارها في مختلف المجتمعات حول العالم، فإن مملكة البحرين بكل أطيافها وتلاوينها ومرجعياتها الدينية والفكرية، ودون مجاملة أو مواربة أو تجميل ودبلوماسية في الحديث، أعلنت الإجماع على الرفض المطلق لكل ما يخالف الفطرة الإنسانية السليمة، ولكل ما يتعارض مع قواعد الدين والقيم المجتمعية العربية الأصيلة التي سادت هذا الوطن منذ مئات السنين.

الشذوذ الجنسي، وبكل مسمياته وأشكاله ومبرراته، سلوك غير سوي ينافي الفطرة الإنسانية السلمية، ويتعارض مع كل القيم الدينية والمجتمعية والتاريخية، ويستوجب منا جميعاً، مؤسسات رسمية وأهلية وأفراداً، أن نتكاتف لرفضه مهما كانت المبررات ومها بلغت الضغوط.