تعتبر قمة قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية القادمة التي ستعقد في العاصمة السعودية الرياض بمثابة قمة الانطلاقة المتجددة للمجلس منذ تأسيسه عام 1981، لذا تتطلع شعوب دول المجلس إلى أن تتمخض هذه القمة عن قرارات بعد نجاح جولة سمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي التاريخية لدول المجلس والتمهيد لها، بالإضافة إلى طي صفحة الخلافات نهائياً بين دولنا، ولا نلتفت للماضي، لأن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا. لذا نأمل أن نركز كثيراً على أوطاننا وشعوبنا في المقام الأول، ونحول منطقتنا إلى منطقة اقتصادية استثمارية وآمنة، ومنطقة تنعم بالرخاء والازدهار في المجالات كافة، ونركز على بناء وتكوين المجتمع الخليجي الواحد ليكون مجتمعاً مثقفاً ومزدهراً ومنتجاً؛ حتى نحقق شعارنا «خليجنا واحد وشعبنا واحد». وها هي العاصمة المشرقة بموسمها الاستثنائي الشتوي «الرياض» تستعد كعادتها لاحتضان القمة الخليجية الثانية والأربعين، القمة التي تأتي بعد جولة خليجية لولي العهد السعودي لدول الخليج والتي عبرت عن مفهوم الخليج الواحد، وبعد المصالحة الخليجية التي تمت في قمة العلا، لهذا كله نتطلع إلى أن تنعكس نتائج الجولة المباركة إيجاباً في قرارات القمة القادمة، ونحن على قناعة تامة أن هذه القمة ستكون بداية حقيقية للانفتاح الخليجي على الداخل والاهتمام بالشأن الاقتصادي والاستثماري، وتطوير الجوانب التي لها مردود على الشعوب الخليجية كافة. فجائحة كورونا (كوفيد19) علمتنا كثيراً من الدروس والعبر، ولا نعلم كيف سيكون الوضع الصحي في قادم السنين وكذلك الغذاء، ومن هنا فإن الأمر يتطلب منا الاعتماد والعمل من الآن على إيجاد مصانع ومشاريع عملاقة مستدامة، لتكون لدينا القدرة على مواجهة الصعاب والمتغيرات القادمة المتلاحقة بيد واحدة متماسكة وقوية وقادرة على مواجهة المحن في أي وقت كان لضمان الرفاه والصمود لبلداننا وشعوبنا.

فجولة ولي العهد السعودي ستصب في هذا الاتجاه وستعزز مسيرة العمل الخليجي المشترك والدفع به نحو آفاق أرحب في الأيام القليلة القادمة، وجهود المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين المبذولة لإنهاء الخلافات بين الأشقاء واضحة للعيان، وكذلك في زيادة التعاون والتبادل الاقتصادي مع دول المجلس.

لذا علينا إعادة صياغة قراراتنا لتكون بمستوى طموح وتطلعات شعوبنا الخليجية، وأن تكون هذه القمة هي الانطلاقة والبداية لعهد جديد لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي ولد قوياً، وسيبقى قوياً وعلى العهد والوعد سائرون بإذن الله تعالى.

فكما طويت صفحة الخلافات أو تقريب وجهات النظر في قمة العلا، نأمل أن تعود المياه إلى مجاريها بين دول مجلس التعاون كافة، وأن نشهد انفراجة في العلاقات بين دول الخليج كافة، فالأجواء مهيأة ومتاحة بعد جولة ولي العهد السعودي المباركة، ونحن نؤمن بقدرة قادتنا أو من يمثلهم في القمة الثانية والأربعين لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس بالخروج بقرارات إيجابية وواقعية حتى نتمكن من تجاوز الخلافات والانشقاقات، والتوصل إلى قواسم مشتركة لحلها، في إطار المنظومة الخليجية الواحدة.

فمجلسنا هو قوتنا، وقوتنا في تكاملنا، وتكاملنا في تعاضدنا، وتعاضدنا في لحمتنا بعون من الله ثم حكمة قادتنا أصحاب الجلالة والسمو حفظهم الله.