أدى المصلون في البحرين شعائر صلاة الجمعة اليوم في أجواء اتسمت بالأمن والطمأنينة، وراح المواطنون والمقيمون على السواء يشيدون بالترتيبات والإجراءات والتدابير الاحترازية التي اتخذتها وزارة الداخلية لحماية مساجد البحرين وتأمين مرتاديها كما جاء حرص البحرين ووعي قيادتها الحكيمة وجهود مؤسساتها كافة على تعزيز مقومات الأمن والاستقرار في ربوع الوطن وبين جنباته ، واضحا للجميع ، ولم يعد هناك أدنى شك في أن جميع أبناء الوطن يؤمنون بضرورة مواجهة خطر التطرف والإرهاب حيث أيقنت البحرين ومنذ وقت طويل بالتصدي وبقوة لخطر الجماعات الإرهابية والوقوف أمامها وقفة رجل واحد وفي الوقت ذاته العمل على دعم مقومات الهوية الواحدة وأطر الانتماء الوطني وأواصر اللحمة الاجتماعية بين مكونات وشرائح المجتمع وبعضه.
وجاء ترؤوس الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية وفد البحرين في الاجتماع الطارئ لأصحاب السمو وزراء الداخلية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في 2 الجاري بدولة الكويت، مؤكداً موقف البحرين الثابت ناحية مواجهة جرائم الإرهاب بكل حزم، وجهودها المتواصلة للتصدي لكل ما من شأنه تهديد النسيج الاجتماعي للوطن، والتي من بينها المنابر الدينية المتطرفة والتي تعرض حياة الناس للخطر.
وجاء الاجتماع والذي حظي بأهمية بالغة لدى المراقبين والمتابعين، فضلاً عن الرأي العام ذاته، البحريني والخليجي والعربي، في وقته تماماً بعد أن زادت وتيرة التهديدات والجرائم الإرهابية التي تستهدف دور العبادة كما حدث في بعض دول مجلس التعاون الخليجي، وأسفرت عن وقوع شهداء ومصابين من المصلين الآمنين، الأمر الذي كان له أبلغ الأثر في زيادة مستوى الاستنفار العام لوقف هذا النزيف الحاصل في مقدرات الأوطان ومصائر شعوبها.
وكشف الاجتماع في الحقيقة عن عدة أمور جوهرية تؤكد أن البحرين لم ولن تدخر أي جهد في مواجهة أية مخاطر يمكن أن تحدق بالبلاد، وأنها ستقف حجر عثرة أمام أولئك الذين يحاولون تكرار تجارب أخرى على أرض الوطن الكريم الذي يحفل بالتجارب الثرية التي تجمع ولا تفرق، ويقدم نموذجاً قل أن يوجد مثله في دول كثيرة في التسامح والعيش المشترك، وأنه سيبقى دائماً وأبداً بحكمة قيادته وجهود مؤسسته الأمنية ووعي شعبه قادراً على التصدي للمؤامرات التي تحاك ضده، وتحاول النيل من وحدته وأمن واستقرار شعبه ومقومات رخاءه وازدهاره.
ولعل من بين أبرز الأمور التي كشف عنها التطورات الأخيرة، وعكست موقف المملكة الثابت إزاء مجابهة الإرهاب بكل أشكاله ومسمياته ومظاهره، استمرار الجهود البحرينية الدؤوبة لتأمين بنية المجتمع الداخلية وحماية مؤسساته ومنشآته، العامة والخاصة، ومنها، وربما في مقدمتها، دور العبادة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن البحرين كانت من أوائل الدول التي عانت من خطر الإرهاب، وليس من المبالغة القول إنها كانت من بين الدول الرائدة التي وعت خطر مثل هذه الأعمال الإرهابية وأخذت من الإجراءات والاحترازات ما مكنها من التصدي لهذه الآفة الخطيرة . ويشار هنا على سبيل المثال لا الحصر إلى جملة الترتيبات التي قامت بها البلاد لحفظ أمن المواطنين والمقيمين عموماً، والمصلين بشكل خاص، من قبيل: منع استغلال أو تسييس المنابر الدينية والحرص على قيام دور العبادة برسالتها السامية في التوجيه والإرشاد وجمع الكلمة وهو ما يضاف بالتأكيد إلى جهود الدولة لإشراك كل أفراد المجتمع في عملية مواجهة الخطر الذي قد ينال من وحدتهم وتماسكهم، وتبرز هنا الجهود المتواصلة لمواجهة المحاولات الخارجية المغرضة لشق الصفوف أو جر البلاد لأتون الفتنة، ودعوة كافة أبناء المجتمع لتفويت الفرصة على الجهات المخربة، واستثمار الأجواء الروحانية لشهر رمضان الكريم لزيادة التعاضد والتكاتف بين أبناء الوطن هذا بجانب الاحتياطات الأمنية المتخذة، التي وصفت بأنها كانت على أعلى مستوى في الدقة والتخطيط والتنفيذ، وكانت سبباً في سيادة الإحساس بالأمن بين جنبات وأفراد المجتمع الذين أدوا صلواتهم في أجواء إيمانية رائعة اتسمت بمستوى عال من الشعور بالراحة والطمأنينة ولعل من بين أبرز تلك الإجراءات الاحتياطية اللقاءات المنتظمة والدورية مع شيوخ وأئمة المساجد والقائمين عليها، وتدريب المتطوعين الأمنيين للمساهمة في حماية دور العبادة، وذلك تحت إشراف رجال الأمن .
إن دعم وتعزيز أطر ومقومات التكاتف والتضامن بين أفراد المجتمع وبعضه من جهة، وبين البحرين ونظيراتها الخليجيات والعربيات من جهة أخرى، أمر ليس بغريب على قيادة هذه البلاد وشعبها، ويجيء هذا الموقف البحريني الراسخ ليجسد حقيقة وعي المملكة بأن أمنها وأمن مواطنيها هو جزء لا يتجزأ من أمن مواطني ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام، وأن ما يجمع البحرينيين، وهو كثير، لا يمكن أن يفرقه أحد، وأن لديها قناعة مطلقة بأن ما قد يصيب أيا من دول المنطقة يصيبها، الأمر الذي يتعين معه العمل من أجل إدانة تلك الأفعال التي لا تستهدف الإضرار بأمن البلاد الوطني فحسب، وإنما أمن المجتمعات واستقرار شعوبها أيضا.
لقد كانت البحرين، قيادة وحكومة وشعبا، كالعهد بها دائما على قدر المسؤولية التي أنيطت بها، ونجحت في اجتياز اختبار صعب، وتضافرت جهود أبناء الوطن كافة في تفويت الفرصة على أولئك الذين ما فتئوا يحاولون عرقلة مسيرتها نحو تحقيق الرخاء والازدهار .